قلنا إن حرب أكتوبر لن تكون آخر الحروب ، كما كان يأمل الرئيس الراحل السادات ، إلا اذا نشطت ذاكرة الأعداء وعادوا الي أوراقهم القديمة وقلبوها بدقة وتذكروا ما قاله قادتهم وخبراؤهم عن تلك الحرب المجيدة .. ظروفها ووقائعها . لن يلغي احتمال الحرب الا اقرار الجميع بحتمية السلام العادل وهو ما تماطل فيه اسرائيل وتصر علي الاستمرار في سرقة الأرض العربية المحتلة ومراوغة المجتمع الدولي الذي يطالبها باحترام الشرعية . تقول الأوراق الاسرائيلية التي وثقت لحرب يوم الغفران وهي التسمية الاسرائيلية لحرب أكتوبر: الهزة التي حدثت في اسرائيل بسبب الحرب كان مصدرها أساسا الإحساس بأن الدولة أعيدت دفعة واحدة إلي مراحلها الأولي. فعلي الرغم من انتصاراتها في جميع الحروب .. وجدت إسرائيل نفسها فجأة بعد حرب يوم عيد الغفران تتخبط مرة أخري في أخطار تؤثر علي كيانها. ومرة أخري أدركت إسرائيل أن الهزائم في معارك محلية كبيرة من شأنها أن تعرض وجودها للخطر. وعلي الرغم من انتصاراتها وقوتها العسكرية التي زادت وتطورت، فإنها لا تستطيع ردع أعدائها عن مهاجمتها. لقد اقتحم العرب جدار الرعب، (إنهم لم ينتصروا)، ولكنها المرة الأولي التي لم يفشلوا فيها، ومنذ أحداث تلك الحرب والعرب يقولون إن من ينجح مرة واحدة يستطيع أن يحاول مرة أخري. بعد الزلزال في أكتوبر 1973، أصبح من المهم أن تحترس إسرائيل أضعاف المرات، وستكون تضحية بحياتها إذا استعدت للحرب المقبلة وفقا لطبيعة حرب عيد الغفران. ومن الواضح أن (الحرب المقبلة ستكون أشد من سابقتها). تضيف الوثيقة الاسرائيلية : في المرحلة الحالية تعلو أهمية التسوية السياسية، فالوقت لا يعمل في صالح إسرائيل، وعليها أن تسعي إلي تسوية وسلام حقيقي، والمشكلة هي أن هذا الموضوع لا يتوقف عليها فقط، فهناك من العرب، المستعدون للوصول معها إلي تسوية، وهناك من يضع شروطا للسلام تحمل في طياتها مخاطر كثيرة لوجود الدولة، وهو ما يجعل إسرائيل غير قادرة علي قبول هذا النوع من التسوية. وفي نفس الوقت يجب علي إسرائيل أن تستعد لحرب من شأن العرب أن يفرضوها عليها مرة أخري . ان شن حرب جديدة ضد اسرائيل ليس واردا الآن بسبب انخراط العقل الجماعي العربي في محاولة طي صفحة الحرب بتحقيق السلام العادل للجميع ويتطلب ذلك أن تكف اسرائيل عن التنمر والتهديد بالحرب بين الحين والآخر.. ولنا عودة.