خسرت مدينة شيكاغو الأمريكية تنظيم أولمبياد 2016 بعد أسابيع قليلة من خسارة مصر أو فاروق حسني لمعركة رئاسة اليونسكو.. ما التشابه بينهما؟! كلاهما معركة سياسية شرسة لا ترحم ولا تعرف دولة عظمي أو دولة نامية ولا تعرف كاريزما أوباما أو "مكانة" مصر وتأثيرها الحضاري.. لكن الدروس يجب أن نقف عندها. وقد تبدو خسارة شيكاغو غريبة.. فهذه أمريكا العظمي.. وهذا أوباما في أوج زهوته وقوته يذهب بزوجته وأوبرا وينفري "المذيعة الشهيرة" إلي كوبنهاجن للترويج لبلده في اللحظات الأخيرة.. لكن ربما أرادت أوروبا وآسيا وأصحاب الأصوات داخل اللجنة الأولمبية أن يقولوا له.. عفواً.. هذه الكاريزما استخدمها في بلدك في حل مشكلات البطالة لديك أو في النجاح في الخروج من الأزمة الاقتصادية إذا استطعت.. لكن عندنا.. شيكاغو لن تحصل سوي علي 18 صوتا فقط من ،95 بل ستخرج من الجولة الأولي.. ضربة قاصمة لأوباما ولأمريكا ولشيكاغو المدينة التي تكلفت 100 مليون دولار لإعداد ملف الترشح (سددها القطاع الخاص وليس الحكومة الفيدرالية). من منطلق شبيه خسرت مصر رئاسة اليونسكو.. وسواء كانت تلك خسارة لفاروق حسني فقط أو للنظام المصري أو.. أو.. ففي النهاية كان لدينا مصري اتفقنا أو اختلفنا معه مرشحاً لرئاسة منظمة دولية.. في وقت تتراجع فيه مكانة المصريين لقيادة تلك المنظمات.. فالبرادعي ينهي رئاسته للطاقة الذرية، وبطرس غالي وقفت واشنطن أمام التجديد له منذ سنوات.. ومنصب د. يوسف بطرس غالي داخل صندوق النقد الدولي هو في النهاية منصب شرفي بجانب منصبه الوزاري. وبالتالي فلا يوجد مصري يرأس أي من المنظمات الدولية الكبري في الوقت الراهن. هذا هو ما يجب أن نتوقف أمامه كثيراً.. فالقضية نصفها سياسية ونصفها الثاني مؤهلات المرشح.. اللعبة السياسية مهمة وقدرة مصر علي التأثير و"اللوبي" تحمل نفس القدر من الأهمية.. تلك القدرة التي لا نتذكرها إلا في أوقات الأزمات أو الحاجة.. لكننا لا نعمل علي تدعيمها وتعميقها في كافة الأوقات لكي نستخدمها حين الحاجة. تلك الأدوات أصبحت من الضعف بمكان انها تعكس حالة من الضعف السياسي المصري لا يمكن لمراقب إلا أن يلحظه.. غير أن حصول فاروق حسني علي 29 صوتا في الجولة قبل الأخيرة جاء انتصاراً سياسياً لا يجب إغفاله واستفز الطرف الآخر ممثلا في الغرب لدعم مرشحته.. وهو أمر مشروع أيضاً في الملعب السياسي. لقد هزمنا فاروق حسني حتي قبل أن يذهب إلي الانتخابات في باريس.. ربما كان علينا أن نبقي خلافاتنا معه داخل الوطن.. ولا نصدرها للخارج.. خاصة ونحن نعرف أنه في مجابهة لوبي يهودي وأمريكي يديران المعركة ضده، متذكرين قصة السفينة اكيلي لاورو، ثم تصريحاته ضد التطبيع وأخيراً بالتأكيد الأوضاع الثقافية والسياسية في مصر. لكن يبقي الصراع هو صراع سياسي لا يجب المزايدة في وصفه بالمؤامرة أو الخيانة أو الخداع.. تلك هي السياسة وعلينا أن نقبل اللعب بأدواتها جميعاً المشروعة وغير المشروعة أحيانا. المهم الآن هو غياب المصريين عن المؤسسات الدولية.. وتلك قضية لا يجب أن نغفلها.. بصراحة لا يوجد لدينا من يستطيع أن يترشح وينجح وقد كانت الخارجية معملا لتفريخ هؤلاء سواء لصندوق النقد أو البنك الدوليين.. أما حال المثقفين المصريين فلا يسر في العموم.. وكذا العلماء.. إذا كان لدينا بعض من هؤلاء. في واشنطن يحاسبون الرئيس الآن علي تبديد أموال الشعب في رحلة كوبنهاجن.. بعد خسارة شيكاغو.. ونحن مازلنا نصارع بعضنا البعض هل كان فاروق حسني أهل للترشيح أم لا.. هل يجب أن يستقيل أم لا؟ فلننظر للصورة الأكبر.. الكل تراجع في مصر.. بدءاً من الحريات مروراً بالتعليم والصحة والنظافة إلي قدرة التأثر. لكل ما سبق.. خسرت مصر اليونسكو. ** نقطة فاصلة: فقدنا سامي هاشم.. هذه البسمة والضحكة المجلجلة في أروقة المؤسسة.. لم أكن أره كثيراً مؤخراً.. لكني كلما اتصلت به كان لابد أن تنتهي المكالمة بابتسامة علي وجهي.. كان لديه قدرة علي حل الكثير من المشكلات وحب كبير للحياة وللعمل وللسفر.. ولابنته هبة.. رحمه الله وساعدها.