خبر صغير لم يلتفت اليه أحد لأننا "بلد شهادات ومسلسلات"، وربما فات أيضا علي المهتمين في صحافتنا بالمسائل الصحية.. الخبر يقول ان هيئة الصحة العالمية أو منظمتها اكتشفت "وفيات" بنسبة غير قليلة للذين يتعاطون الدواء بدون ضوابط، إنهم يتصورون أن الدواء لعلاج الداء ونسوا أن في الدواء ذاته جرعة من السموم، المشكلة أننا في مصر ندخل أي صيدلية ونشتري ما نريد من أدوية وكأننا نتردد علي سوبر ماركت وكلما كانت العلاقة بالصيدلي وطيدة، أتي لك "بلبن العصفور"! ليس لدينا حتي الآن قانون ينظم العلاقة بين المريض والصيدلية بل الأخطر أن "بعض الصيادلة" الآن يقترحون الدواء بدلا من الأطباء دون ملاحظة إذا كان هذا الدواء مناسبا له أم لا، هذا بالطبع ممنوع في الدول المتحضرة، فالأطباء - وحدهم - أصحاب الحق في كتابة روشتة الدواء، وثقافة التعامل مع الدواء في حياتنا ما تزال متخلفة. فالناس - معظمهم - يتصورون أن الروشتة الصح هي التي تحتوي علي أدوية كثيرة.. أما الطبيب الذي يقترح دواء واحدا أو دواءين علي الأكثر فإنهم يعتقدون أنه دكتور "نص لبة" أي يفتقد الخبرة! هكذا ورثنا هذا المفهوم أبا عن جد، كيف تتغير هذه النظرة؟ بتوعية طويلة طويلة بلا ملل أو كلل، ثم إنها ثقافة صحية مفتقدة لدينا ساعدت علي "بلبعة" أقراص الدواء بدون أي تحذير من خطورة هذه "العادة" الذميمة. بعض الناس - أيضا - يسألون: "عملت ايه لما جات لك المشكلة الفلانية؟" ويرد المجرب لقائمة الدواء التي يسرعون بشرائها"!" وفي الخلفية مثل عامي نحفظه عن ظهر قلب "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب"، أي أن المثل ينطوي علي تعظيم لسؤال المجرب فهو أهم من الطبيب، طبعا بعض أمثالنا العامية تحتاج إلي غربلة وتنقية لأنها تؤثر في حياتنا وخصوصا ما يتعلق بالصحة. بعض الناس الموسرين القادرين علي السفر للخارج يثقون بشدة في الدواء الأوروبي والأمريكي أو الانجليزي ويؤثرون شراء أدوية من فوق "الرف" كما يطلقون عليها ولا تحتاج إلي روشتة، ولكن هذه الأدوية ليست مختارة بعناية ولا يستطيع أحد إلا الطبيب أن يجزم "فاعليتها" وهل تناسب صاحبها أم لا، إن الأطباء الجادين يطلبون من مرضاهم أن يأتوا بسلة الدواء، لكي يعيد قراءة القائمة ويقرر استمرار دواء ما أو "لا"، ربما كان لهذا الدواء تأثير علي الكبد مثلا أو الكلي فلابد من إيقافه في الحال. أكتب هذه السطور بقصد التصدي لثقافة "بلبعة" أقراص الدواء فهي تمثل خطورة شديدة ولا ندري!.