علي هامش مؤتمر وزراء المالية والتعليم الأفارقة الذي انعقد في تونس الأيام الماضية لمناقشة تأثيرات الازمة المالية علي القارة الافريقية، وتأثيرها علي أولويات التمويل في افريقيا وتحديدا في مجال التعليم الذي يعد المحور الاساسي للتنمية البشرية - سألنا ثلاثة مسئولين من "اثيوبيا" و"غانا" و"الكاميرون" حول توقعات النمو في بلادهم والسياسات المالية المتبعة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية علي اقتصاداتهم. في اثيوبيا التي يصل عدد سكانها لأكثر من 85 مليون نسمة والتي بدأت مشوار الاصلاح الاقتصادي منذ عام 1991 ويعد اقتصادها واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم طبقا لمجلة الايكونوميست حيث كانت أسرع الاقتصادات الافريقية المستقلة غير البترولية نموا في عامي 2007 و2008، وحققت نموا 10% في الفترة من 2003 إلي 2008 ، إلا أنه الرغم من نموها الاقتصادي مازال الفقر يمثل تحديا مهما أمامها في المناطق الحضرية والريفية، وتتميز اثيوبيا بقطاعها الزراعي الذي يمثل 41% من ناتجها الاجمالي و80% من صادراتها حيث تصفها "نيويورك تايمز" بأنها من الممكن أن تكون سلة الخبز للكثير من الدول الأوروبية اذا كان قطاعها الزراعي أكثر تنظيما، ومن أبرز صادراتها القهوة والذهب والمنتجات الجلدية والزهور. اثيوبيا والنمو سألنا وزير المالية والتنمية الاقتصادية الاثيوبي ميكووين ماويازيوز عن تأثر النمو في بلاده بالأزمة المالية وسياسة اثيوبيا لمواجهة الأزمة وقال إن توقعات النمو الاقتصادي للعام الحالي انخفضت من 11 إلي 10%، ويعد القطاع الزراعي هو المحرك الاساسي للنمو وهو لم يتأثر بالأزمة المالية العالمية بدرجة كبير، كذلك مازال قطاعا الانشاء والصناعة مستمران في النمو، وبالنسبة لقطاعنا المالي فهو ليس مرتبطا بالقطاع المالي العالمي لذا فتأثير الأزمة علينا لم يكن مباشرا. وردا علي سؤالي إلي أي مدي تأثرت صادراتكم بالأزمة؟ أوضح الوزير أن أوروبا وأمريكا واليابان والهند والصين من أسواقنا الرئيسية للتصدير ويؤثر تباطؤ الطلب في هذه الأسواق علي صادراتنا الا أننا ايضا نعتمد في النمو علي الطلب المحلي حيث نتمتع بكثافة سكانية عالية كما ان منتجات الزراعة تعتبر مدخلا للعديد من المنتجات المصنعة محليا. أضاف أنه تم تخصيص نفقات اضافية بأكثر من 20 إلي 30% في مجالات الاستثمار في البنية الاساسية والتنمية البشرية التي نعتبرها استثمارا مهما لتحقيق النمو طويل المدي وفي الزراعة التي نعتبرها المحرك الاساسي للنمو، ونحن نعتبر التعليم واحدا من اكبر استثمارتنا العامة بعد استثمارات البنية الأساسية . أكد الوزير الاثيوبي أن ضريبة الشركات تصل إلي 30% ولا نفكر في رفعها حرصا علي اجتذاب الاستثمار لاقتصادنا. وعن مشكلة الفقر قال: نعتمد علي النمو الاقتصادي في تقليل الفقر، حيث إننا ننمو اقتصاديا ب 10% والسكان ينمون بنسبة 2,6% وهي المعدلات التي تؤدي لزيادة دخل الفرد مع استمرار النمو. تناقضات غانا أما في غانا فكل الأضواء كانت مسلطة عليها الأيام الماضية، فهي الديمقراطية الافريقية الصغيرة التي اختارها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتكون منبرا يخاطب منه دول القارة السمراء داعيا اياها لممارسة جميع الاصلاحات التي تؤدي لتحسين معيشة شعوبها، والواقع ان المراقب لاحوال غانا يري فيها بعض التناقضات، فحوالي 30% من سكان غانا الذين يصل عددهم حوالي 9.23 مليون نسمة يعيش تحت خط الفقر "25.1 دولار يوميا" وفي نفس الوقت تعد غانا واحدة من اكبر منتجي الذهب في العالم كما تم اكتشاف حقل بترولي فيها عام 2007 يحتوي علي 3 مليارات برميل من خام البترول الخفيف، وتصدر غانا الأخشاب والماس والمنجنيز ويعتمد اقتصادها علي التجارة بدرجة كبيرة وكذلك المساعدات الدولية، "الاسبوعي" سألت سيته تيركبير وكيل وزير مالية غانا عن أحوال اقتصاد بلاده في أيام الأزمة. قال إن التوقعات تشير إلي أن النمو الاقتصادي في غانا سيكون هذا العام 5,2% وذلك في ظل مؤشرات التعافي الاقتصادي التي ظهرت في الاقتصاد العالمي علي الرغم من ان مؤشرات الاقتصاد العالمية تشير إلي ارتفاع معدلات البطالة المرتفعة وتباطوء الطلب وصعوبة الحصول علي القروض. اضاف لم نرفع نفقاتنا العامة لان لدينا عجزا كبيرا كما أننا بالفعل نركز سياستنا الانفاقية علي استثمارات الانشاء، ونحتاج الي تسهيل توفير التمويل للقطاع الخاص بشكل اكبر لمواجهة ظروف الأزمة الحالية. وعن تأثير الأزمة العالمية قال تأثرنا بتباطوء الاستثمار الأجنبي في القطاعات التقليدية ولكن هناك تطور ايجابي في الاستثمارات الأجنبية في قطاع البترول ومن ناحية اخري فأسعار الذهب تتأثر ايجابيا بضعف الدولار عالميا ويعتبر الذهب من أبرز صادراتنا، كما أن القطاع المالي من أبرز قطاعتنا المستقبلة للاستثمار الاجنبي من جنوب افريقيا ونيجيريا والشرق الاوسط وقد شهد زيادة كبيرة في استثماراته في السنوات الأربع الأخيرة. وأكد أن حكومته بالعكس سنتجه إلي خفض ضريبة الشركات من 35% إلي 25% لاننا نسعي الي جعل اقتصادنا اكثر تنافسية، ولانسعي الي رفع الموارد من خلال رفع معدلات الضرائب ولكن من خلال تحسين استخدام الموارد المدرجة في الميزانية. الكاميرون والضرائب يتردد اسم الكاميرون كثيرا بين المصريين كواحدة من اقوي المنتخبات المنافسة لمصر في كأس افريقيا الذي يتميز لاعبوه بالسرعة والبنيان القوي، إلا أنه بعيدا عن ملاعب كرة القدم فالاقتصاد الكاميروني كان من المتأثرين بالازمة المالية، وتصل الكثافة السكانية للكاميرون الي اكثر من 15 مليون نسمة "بحسب احصاءات عام 2000" وتتميز بصادراتها في مجال البترول الخام والمنتجات البترولية والكاكاو والقهوة والقطن والالومنيوم. "الاسبوعي" سألت المفوض الوزاري لوزارة المالية الكاميرونية تيتي بيري عن سياسات بلاده لمواجهة الأزمة الحالية. قال سنتجه الي مراجعة نمونا الاقتصادي من 4% الي تقريبا 2،1% وهذا انخفاض مهم بالنسبة لبلادنا والواقع ان هناك قطاعات تأثرت بالازمة كالكاكاو والبترول واعتقد ان من اهم دروس الازمة المالية العالمية هو أهمية أن يعتمد الاقتصاد علي ايراداته المحلية وبالتالي لابد من أن نسعي لتحسين استخدام الموارد. أكد أن هناك نخططا لرفع ضريبة الشركات التي تصل حاليا إلي 14% لمواجهة تداعيات الأزمة، ولكننا سنرفعها في العام القادم.