في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل حول خطط الإنقاذ في العالم المتقدم والنامي لنجدة الاقتصاد من إعصار الأزمة المالية ناقش مؤتمر انعقد في تونس الأسبوع الماضي قطاعا لم يتم تسليط الأضواء عليه مثل القطاعات المصرفية والصناعية ولكنه معرض للخطر في ظل الأزمة الحالية ألا وهو القطاع التعليمي المهدد بتقليص ميزانياته لمواجهة الإنفاق المتزايد علي خطط الإنقاذ وشح الموارد لدي الحكومات والمانحين الدوليين وفي هذا السياق جمع مؤتمر تحت رعاية بنك التنمية الأفريقي ومنظمة تنمية التعليم في أفريقيا والبنك الدولي ومبادرة التعليم من أجل الجميع حشدا من وزراء المالية والتعليم في أفريقيا لدق ناقوس الخطر ومناقشة كيفية ضمان استمرار تمويل التعليم بما يضمن نموه بالمعدلات المأمولة في الفترة القادمة. هي مرحلة صعبة تطرح الخيارات أمام المسئولين كماوصف دونالد كبروكا رئيس بنك التنمية الأفريقي الوضع في ظل الأزمة الحالية في كلمته بالمؤتمر مؤكدا علي أهمية دعم القطاع التعليمي والدور المهم المنتظر للقطاع الخاص في تنمية التعليم كذلك الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في توفير المعرفة للفقراء مشددا علي أن "الفقر هو الانعزال". وأكد حاتم بن سالم وزير التعليم والتدريب التونسي علي حرص بلاده علي توفير الموارد لتطوير التعليم حيث تخصص تونس 30% من ميزانية الإنفاق الحكومي علي التعليم وهي من أكبر النسب علي مستوي العالم. تخفيض النفقات إلا أن المتحدثين في المؤتمر صرحوا بتخوفهم من اتجاه بعض الدول إلي تخفيض ميزانية التعليم في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة في الوقت الحالي وهو القرار الذي وصفته إحدي دراسات المؤتمر أعدها موسيس أوكتيش الأستاذ بمعهد التعليم بجامعة لندن بأنه سيكون "خطأ كبير" مشددا علي أن التوقيت الحالي ليس توقيتا مناسبا لتخفيض نفقات التعليم من أجل الحفاظ علي توازن الموازنة العامة ولكن أفريقيا في حاجة إلي المضي قدما في تطوير التعليم مشيرا إلي أن إحدي نظريات النمو الاقتصادي خلصت إلي أن النمو الاقتصادي طويل المدي يدار بشكل أساسي من خلال "التراكم المعرفي". أشار موسيس إلي أن واضعي هذه النظرية اعتبروا أن الاقتصاد الذي لديه رصيد كبير من رأس المال البشري سيحظي بنمو اقتصادي أسرع. ونبه موسيس إلي أنه ليس كل عوائد التعليم تقاس بمعايير الأرباح النقدية فهناك منافع غير نقدية للتعليم تتمثل في مساهمته في مجالات كتنمية الديموقراطية والحقوق المدنية وحقوق الإنسان والاستقرار في البلاد وهي فوائد أبعد من النظرة الضيقة للفوائد الممثلة في رفع دخل كل فرد. ليندا انجلش نائب رئيس مبادرة التعليم من أجل الجميع أشارت في كلمتها إلي المجهودات المبذولة لمواجهة عوائق انتشار التعليم بين الفقراء علي مدار السنوات الماضية مشيرة إلي العديد من الأفكار التي تم ابتكارها في هذا المجال كبناء المدارس علي مقربة من مساكن الفقراء أو تسكين الطلبة الفقراء في المدارس، وفي هذا الإطار سألناها عن رؤيتها لمستقبل التعليم في مواجهة تحديات الأزمة المالية وأكدت علي الأهمية البالغة للاستمرار في تمويل التعليم لأن الفقراء هم أكثر المتضررين بتخفيض نفقات التعليم مشيرة إلي أنه عندما واجهت الدول النامية ضغوطا اقتصادية في الثمانينيات والتسعينيات لجأوا لتخفيض نفقاتهم لتمويل العجز وكان التعليم من ضمن هذه المجالات التي قلت مواردها مما انعكس علي جودة التعليم وعلي حركة التنمية في هذه البلاد. وتشير أيضا إلي أن المانحين الدوليين في الوقت الحالي ينظرون لتمويل التعليم بنظرة قصيرة المدي بحيث يتم توفير التمويل علي مدي 3 أو 5 سنوات وهذه النظرة يجب أن تتغير ويكون التمويل علي المدي الطويل.