تداعيات الأزمة العالمية تنتقل إلى «الاقتصاد الحقيقى»

انتقلت تداعيات الأزمة العالمية من مهاجمة المؤسسات المالية والبنوك إلى التأثير المباشر فى «الاقتصاد الحقيقى» المتعلق بالانتاج والتصنيع، مع توقعات قوية بانخفاض معدل النمو وحركة التجارة العالمية وتراجع الصادرات والواردات.
وفى الوقت الذى بلغت فيه قيمة خطط الإنقاذ الطارئة للقوى الاقتصادية الكبرى «أمريكا - الاتحاد الأوروبى - إنجلترا - الصين» نحو 3.4 تريليون دولار، واجهت الحكومة المصرية تداعيات الأزمة بضخ 7 مليارات جنيه لمساندة قطاعى الصناعة والصادرات، بالإضافة إلى إعلان وزارة المالية ضخ 15 مليار جنيه استثمارات مشتركة مع القطاع الخاص لتنشيط الاستثمار وزيادة الإنفاق الاستهلاكى.
وقال المهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة، إن تداعيات الأزمة المالية لن يفلت منها أحد وأن البيانات تؤكد استمرار المزيد من التداعيات السلبية التى ستواجه الاقتصادين الأمريكى والأوروبى بما سينعكس بالتالى على معظم اقتصاديات العالم.
وفيما قدر حجم الانخفاض فى قيمة الأسهم خلال أسبوع من نشوب الأزمة بما يقرب من 15 تريليون دولار، فقد مؤشر البورصة المصرية 51٪ من قيمته منذ بداية الأزمة المالية فى سبتمبر الماضى وحتى نهاية الأسبوع، وبلغت الأموال التى تبخرت نحو 419 مليار جنيه بسبب الهبوط وفقاً لتقرير البورصة المصرية.
3.4 تريليون دولار إجمالى خطط الإنقاذ العالمية لتجاوز الأزمة
كتب - محمد هارون:
واجه القطاع المالى العالمى، أزمة عاصفة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تسببت الأزمة فى انهيار عدد كبير من البنوك ومؤسسات التمويل العملاقة، وقدر حجم خسائر هذه المؤسسات الأكثر تأثراً بأزمة الرهن العقارى فى دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بما يقرب من 7.2 مليار دولار، فيما زاد حجم الديون العقارية من 680 مليون دولار إلى 1.4 تريليون دولار عام 2008 مما تسبب فى انخفاض أسعار العقارات، وقدر حجم الانخفاض فى قيمة الأسهم خلال أسبوع من اندلاع الأزمة بما يقرب من 15 تريليون دولار.
وتميزت ردود أفعال الدول لمواجهة الأزمة بالسرعة والمباشرة، حيث أعلنت عن خطط إنقاذ طارئة لاحتواء آثارها، ففى الولايات المتحدة الأمريكية بلغت قيمة خطط الإنقاذ الطارئة 700 مليار دولار، و680 مليار دولار فى إنجلترا، و1.4 تريليون دولار فى الاتحاد الأوروبى. كما تبنت الصين خطة إنقاذ عاجلة بإجمالى 600 مليار دولار لخفض الطلب المحلى وزيادة الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية.
وأعلنت كل من البرازيل والهند والمجر والمكسيك وكازاخستان وأوكرانيا وروسيا ونيجيريا والكويت والإمارات، خطط إنقاذ طارئة لمواجهة تداعيات الأزمة على اقتصاداتها، فيما لجأت كل من أيسلندا والمجر وأوكرانيا وغيرها من الدول النامية، إلى صندوق النقد الدولى لمساعدتها على تخطى الآثار السلبية للأزمة، وخصص الصندوق ما يقرب من 300 مليون دولار لإقراض الدول النامية، منها 100 مليون دولار منحة من اليابان.
وانخفض حجم التجارة العالمية من 7.2٪ عام 2007 إلى 4.9٪ عام 2008 مع توقعات بوصوله إلى 4.1٪ العام المقبل، وانخفضت واردات الدول المتقدمة من 4.5٪ عام 2007 إلى 1.9٪ العام الجارى، مع توقع مواصلة الانخفاض عام 2009 ليصل إلى 1.1٪، فيما انخفضت واردات الدول الناشئة والنامية من 14.2٪ العام الماضى إلى 11.7٪ العام الجارى، مع توقعات بوصوله إلى 10.5٪.
وعلى صعيد الصادرات انخفضت صادرات الدول المتقدمة من 5.9٪ العام الماضى إلى 4.3٪ العام الجارى، مع توقعات بمواصلة الانخفاض العام المقبل ليصل إلى 2.5٪، كما انخفضت صادرات الدول النامية والناشئة من 9.5٪ إلى 6.3٪ العام الجارى مع توقع ارتفاعها خلال العام المقبل لتصل إلى 7.4٪. وشهد معدل النمو الاقتصادى فى عدد كبير من الدول المتقدمة والناشئة، انخفاضاً ملحوظاً مع دخول عدد كبير من هذه الدول فى مرحلة الركود الاقتصادى مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
وانخفض معدل النمو الاقتصادى فى الولايات المتحدة الأمريكية من 2٪ عام 2007 إلى 1.6٪ العام الجارى، مع توقع وصوله إلى 0.1٪ العام المقبل، وفى منطقة اليورو انخفض المعدل من 2.6٪ العام الماضى إلى 1.3٪ العام الجارى مع توقعات بوصوله إلى 0.2٪ العام المقبل، وفى اليابان انخفض المعدل من 2.1٪ عام 2007 إلى 0.7٪ العام الجارى، مع توقع وصوله إلى 0.2٪ العام المقبل، والأمر نفسه فى ألمانيا، حيث انخفض من 2.5٪ العام الماضى إلى 1.8٪ العام الجارى، مع توقعات بوصوله إلى «الصفر» العام المقبل.
وبلغ معدل البطالة فى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 6.1٪ وهو أعلى معدل خلال الخمس سنوات الماضية، وبلغ عدد المتعطلين فى إنجلترا خلال الفترة من أغسطس إلى أكتوبر الماضى، ما يقرب من 164 ألفاً، ومن المتوقع أن يصل عدد المتعطلين إلى 2 مليون شخص بنهاية العام الجارى.
وتشير منظمة العمل الدولية إلى ارتفاع عدد المتعطلين على مستوى العالم من 190 مليون متعطل فى 2007 إلى 210 ملايين متعطل عام 2009. وتشمل قائمة القطاعات المهددة بتوقف نشاطها على مستوى العالم، كلاً من الصناعات الهندسية والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والنسيجية والملابس الجاهزة والصناعات الجلدية.
وعلى صعيد السيارات، تواجه الصناعة أزمة كبيرة تهدد بتوقفها، حيث انخفضت مبيعات السيارات فى دول الاتحاد الأوروبى بنسبة 14.5٪ شهرياً على مدار الستة أشهر الماضية.
وعلى صعيد أسعار العملات، شهدت الأسعار انخفاضاً شديداً فى عدد كبير من الدول فى الفترة من أول أغسطس الماضى حتى الأول من نوفمبر الماضى.
وقامت مجموعة من الدول بخفض الفوائد المصرفية لحفز الاستثمار، ففى أمريكا انخفض سعر الفائدة من 1.5٪ إلى 1.00٪ والصين من 2.25٪ إلى 2.00٪ واليابان من 0.5٪ إلى 0.3٪.