حول تأثير الأزمة المالية علي القارة الأفريقية، كان الاجتماع الوزاري الأفريقي الثالث الذي انعقد بتونس واستمر لمدة ثلاثة أيام برعاية بنك التنمية الأفريقي واللجنة الاقتصادية الأفريقية للشئون الاقتصادية ولجنة الاتحاد الأفريقي، وحاول المؤتمر أن يخرج برؤية مشتركة للقارة الأفريقية حول كيفية ضمان استمرار النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي، وكذا إرسال رسالة موحدة للدولة الغربية حول ضرورة أخذ مصالح الدول الأفريقية في الاعتبار عند صياغة سياساتها لمواجهة الأزمة المالية، رصدنا لكم أبرز الأفكار المطروحة في أروقة المؤتمر في هذا التقرير وناقشنا أبرز المسئولين والخبراء حول أفكارهم المطروحة. جاء توقيت عقد الموتمر نهاية الأسبوع الماضي قبل أيام من انعقاد قمة العشرين الكبار بواشنطن ليصبح المؤتمر الأفريقي بمثابة حديقة خلفية لقمة العشرين الكبار بواشنطن ليصبح المؤتمر الأفريقي بمثابة حديقة خلفية لقيمة العشرين يعبر فيها المسئولون الأفارقة عن رأيهم في سياسات الدول المتقدمة، وقد لخص د. دونالد كابروكا - رئيس بنك التنمية الأفريقي - رسالة الوزراء الأفارقة للغرب بقوله: إن الدول الأفريقية تطالب الغرب بانتهاج السياسات التي تجعل العالم يتجنب الركود، علي أن لا تتبع سياسات حمائية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية لأن هذا سيجعل الوضع يتطور إلي الأسوأ، وأضاف كابروكا أن علي القمة أن تخرج بخارطة طريق تأخذ المصالح الأفريقية في الحسبان حتي تكون الحلول المقدمة بحق حلولاً عالمية، ويأتي الحديث عن أخذ المصالح الأفريقية في الحسبان في ضوء التوقعات التي أثيرت في المؤتمر حول إمكانية أن تنخفض المساعدات الدولية إلي أفريقيا. والواقع أن قمة العشرين اثارت أيضا قضية المشاركة الأفريقية في القرار الدولي، فممثل أفريقيا في هذه القمة دولة جنوب أفريقيا وهي تتحمل مسئولية نقل صوت قارة بأكملها تواجه تبعات أزمة مالية لا ذنب لها فيها، لذا ركز المتحدثون في المؤتمر علي كيفية توسيع مشاركة الدولة الأفريقية في المؤسسات الدولية صانعة القرار خاصة البنك الدولي وصندوق النقد. سألنا د. جين بينج - رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي - عن العوامل التي تمكن القارة الأفريقية من تحقيق هذا الهدف؟ فأجاب قائلا: إن مؤسسات بريتون وودز انشئت في فترة لم تكن فيها الدول الأفريقية تتمتع بالاستقلال ولكن الواقع أن هذه المؤسسات تتخذ قرارات تؤثر في العالم اليوم بأكمله متسائلا: كيف نترك مصيرنا في يد هذه المؤسسات؟ مشيرا إلي أن هناك من يعتبر ان الوزن الدولي هو العامل الذي يحدد مدي تمثيل الدول في هذه المؤسسات وفي هذا الإطار فأفريقيا تمثل 1 بليون مستهلك وفي 2020 ستكون 1،4 بليون وفي 2050 ستكون 2 بليون، علاوة علي ثراء أفريقيا بالمواد الخام التي تغذي صناعات العالم. شبح الانهيار ويأتي تأثر الدول الأفريقية بالأزمة المالية العالمية مشابها إلي حد كبير لتأثير الأزمة علي مصر، فعلي الرغم من عدم وجود أزمة سيولة في مؤسساتها المصرفية لعدم انفتاح أفريقيا علي القطاع المالي العالمي وعدم اندماجها في أنشطة الرهن العقاري الأمريكية أو في مجال المشتقات مما يبعد عن بنوكها شبح الانهيار، إلا أن بعض أسواقها المالية تأثرت سلبا في الأيام الماضية حيث قال لنا ويليام لياكوروا - المدير التنفيذي لمركز البحوث الأفريقية - أن التأثر بالأزمة العالمية كان واضحا علي أسواق كجوهانسبرج ولاجوس. وتزداد المخاوف من تأثير الأزمة علي الاقتصاد الحقيقي حيث هناك توقعات بانخفاض الصادرات في الوقت الذي يمثل فيه نصيب أفريقيا من التجارة العالمية 2،8%، وانخفاض عوائد السياحة وتحويلات العاملين من الخارج، وتختلف بعض الدول الأفريقية مع مصر في تأثرها بانخفاض أسعار المواد الخام العالمية حيث اعتبرناه في مصر فرصة لتخفيض أسعار سلع كحديد التسليح، فيما تضررت منه بعض الدول الأفريقية التي تمثل صادراتها من المواد الخام نسبة مهمة من دخلها القومي، ويأتي التخوف من التباطؤ العالمي في ضوء التطور الذي حدث في معدلات النمو الاقتصادي بأفريقيا في السنوات الأخيرة، وترغب في الحفاظ عليه، حيث تشير التوقعات إلي أن القارة الأفريقية ستحقق في عام 2008 معدل نمو 5،5% مقارنة بالتوقعات السابقة بأن تحقق 5،9%. وتشير التقديرات أيضا إلي أن القارة الأفريقية ستحقق نمواً في 2009 "4،9%" مقارنة بالتوقعات السابقة بأن تحقق 5،9%. وتثير أوراق المؤتمر توقعات بنقص معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه لأفريقيا وتحويلات العاملين في الخارج، حيث وصلت هذه الاستثمارات إلي 35 بليون دولار في عام 2007 والتي تعتبر من أبرز العوامل الدافعة للنمو في القارة، وكذا وصلت تحويلات العاملين في الخارج إلي 27،8 بليون دولار في نفس العام.