أصبح بين السودان ومؤامرة التقسيم وقت قصير للغاية.. أصبح من المؤكد الآن أن الجنوب سوف يصبح دولة مستقلة عن الشمال.. وأن للأفارقة دولة.. وللعرب دولة أخري ولا أحد يعلم ما هو مستقبل دارفور وشرق السودان.. ولا شك أن ما يحدث في السودان الآن هو نتاج سياسات كثيرة خاطئة في السودان نفسه وفي العمق العربي الذي فرط ببسطاة في أكبر دولة عربية من حيث المساحة أصبح من المؤكد الآن أن السودان الشمال سيكون دولة غير السودان الجنوب وأن البترول سيكون هو عامل الحسم في كل شيء.. لم يكن العالم يهتم بالسودان قبل أن يظهر البترول في الجنوب وبقي كل شيء علي حاله سنوات طويلة حتي اتجهت الأنظار إلي الثروة البترولية وربما تكون هناك ثروات أخري لا يعرفها الشعب السوداني حتي الآن.. ومنذ بدأت الحرب الأهلية في الجنوب كان كل شيء يؤكد أن الهدف هو التقسيم وأن اشتعال المعارك بين أبناء الشعب الواحد هو استكمال للمسلسل البغيض في سياسة "فرق تسد" التي وضعها الإنجليز في السودان قبل أن يرحلوا عنه. إن ما يحدث في السودان الآن هزيمة كبري للعالم العربي الذي فرط في أشياء كثيرة وترك شئون السودان لأطراف دولية كثيرة لم تذهب إلي السودان حبا في شعبه أو دفاعا عن أرضه ولكنه البترول ولا شيء غيره.. وعلي العرب الآن أن يضعوا لأنفسهم تصورا عن مستقبل السودان في ظل التقسيم حيث سيخضع لعمليات جراحية يتم فيها استئصال أهم الأجزاء فيه.. في الجنوب منابع النيل بكل ما تعني وما تثمل من أهمية حيث مياه النيل التي تتدفق إلي شمال السودان وإلي مصر وهي حياة الشعبين.. في الجنوب أيضا ثروات كان من المفترض أن تكون للسودان كله.. ورغم أن هناك اتفاقيات حول تقسيم الثروة إلا أن استقلال الجنوب سوف يغير حسابات كثيرة.. وقبل ذلك كله فإن تقسيم السودان خسارة للسودان وخسارة لمصر وخسارة للعرب والواقع أن ما حدث للسودان نتيجة طبيعية لأخطاء وقع فيها الساسة السودانيون في فترات متلاحقة حيث أهملت الحكومات المتعاقبة التنمية الاقتصادية والبشرية في الجنوب وكانت النتيجة اشتعال الحرب الأهلية وما تركته من دمار علي المستوي الاقتصادي والأمني وقبل هذا أنها فرقت بين أبناء الشعب الواحد ومزقت النسيج الاجتماعي والإنساني للشعب السوداني والآن سوف يدفع الجميع الثمن حين نجد السودان مقسما بين الأفارقة والعرب والمسلمين والمسيحيين وهذه كارثة جديدة في التاريخ العربي المعاصر.