لا أحد يكره التطوير والتجديد ولكن ما حدث لطباعة الكتاب المدرسي من "دوخة" بين المؤلف والناشر والمطابع هي سلسلة مكررة نراها مستمرة في العملية التعليمية وتتفاقم عند بداية العام الدراسي. خبراء المطابع يؤكدون أن الكتاب المدرسي وفقا للقانون مكانه الأساسي هو المطابع الحكومية والمؤسسات الصحفية التي تمتلك جميع الأدوات والتكنولوجيا في مجال الطباعة أنفقت استثمارات بملايين الجنيهات في شراء مطابع حديثة بما يجعل الكتاب المدرسي يخرج منها علي أفضل مما يكون بتطبيق المواصفات المطلوبة للطباعة، إلي جانب أن هذه المؤسسات انتجت منذ عشرات السنين ملايين من الكتب التي يفخر بها أي مستوي تعليمي في أي وزارة للتعليم ومع دخول الناشر كشريك ثالث في طباعة الكتاب المدرسي سيؤدي ذلك إلي مزيد من التكلفة علي موازنة الكتب من ناحية ومن ناحية أخري سيكون هناك رؤية لهذا الناشر بالمفاضلة لاختيار المطبعة التي تهواه سواء كانت خاصة أو خارجية وهو ما يمثل الكارثة للمطابع الحكومية والمؤسسات الصحفية التي لديها آلاف من العمالة، والمعدات الحديثة التي تحتاج إلي مزيد من الإنتاج بدلا من التوقف وإغلاقها طالب الخبراء بهذا التطوير والتحديث للمناهج والمواصفات للكتاب المدرسي شريطة أن يتم طباعته في المطابع المصرية وليس خارجها درءا لأي كوارث تحدث في المستقبل نتيجة لأي قرار يتخذ بهذا الشأن. الوسيط بداية يقول أحمد عاطف رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية المشكلة الكبري في طباعة الكتاب المدرس جاءت بعد قرار وزير التربية والتعليم بوجود وسطاء جدد بين المطبعة والمؤلف وهذا الوسيط (الناشر) لايجاد حلقة جديدة وعبء جديد من التكلفة الإضافية علي طباعة الكتاب، موضحا أن الوزارة كانت تعين خبراء من داخل الوزارة لتأليف الكتب، ثم تطرح الكتب التي تريد طباعتها في ممارسة عامة يشترك فيها جميع المطابع الحكومية والخاصة بشروط ومواصفات وسعر معين وذلك في حدود الموازنة المخصصة من الدولة وحسب الظروف المالية المتاحة مشيرا إلي أن هذا الوسيط لن يقدم أي جديد ولن يضيف الجودة كما هو مقترح وإنما سيزيد من التكلفة في طباعة الكتاب. مجلس قومي ويطالب أحمد عاطف بوجود مجلس قومي للتعليم يرعي موضوع طباعة الكتاب المدرسي ويضع خطة عشرية للتعليم من خلال العلماء والخبراء المصريين الأكفاء وعدم اللجوء إلي الناشر أو المؤلف الأجنبي، حتي لا تخرج العملية التعليمية خارج مصر ويتحكم فيها الأجانب وحتي لا تكون المطابع المحلية إذا تم الارساء عليها في طباعة الكتب تحت رحمة الناشر سواء كان الناشر محليا أو أجنبيا، مشيرا إلي أن وجود الناشر يعتبر خروجا عن القواعد المتعارف عليها في العملية التعليمية بل إنه سيؤدي إلي فسادها، لافتا إلي أن الكتاب المدرسي يمر بمراحل تجارب سنويا بدون مغزي أو هدف محقق، كما أن المطابع الحكومية والصحفية ستضرر بعد تنفيذ هذا القرار بعد أن كانت تتلقي أوامر التوريد مباشرة من الوزارة من خلال الممارسة العامة، أصبحت الآن تحت رحمة هذا الوسيط الجديد (الناشر) فإما يعطيها أو يمنع عنها التوريد. ويري رئيس غرفة الطباعة أن الكارثة الكبري إذا لجأ هذا الناشر إلي طباعة الكتاب المدرسي خارج مصر فإن ذلك يعتبر مسألة تخريب تحت مسمي التطوير والتحديث والنتيجة هي اهدار لاستثمارات بملايين الجنيهات. المطابع المصرية ويقول حسين عبدالعال مدير عام مطابع الأهرام التجارية بقليوب أن مع وجود هذا الناشر والمؤلف الجديد كوسيط في عملية الكتاب المدرسي بشرط أن تكون طباعة الكتاب داخل مصر وليس خارجها، موضحا أن العملية التعليمية تمر بفجوة كبيرة خاصة بين التربويين والمؤلفين والخبراء الذين يخططون للعملية التعليمية، لافتا إلي أن قضية التعليم من أهم القضايا في مصر خاصة فيما يتعلق بالكتاب المدرسي الذي يلائم عقل الطفل والطالب المصري وأضاف حسين عبدالعال أن الوزارة قررت من خلال منحة حصلت عليها من امريكا طباعة 750 ألف كتاب في أربع محافظات لأربع مواد معينة بشرط عدم طباعتها في مطابع حكومية مشيرا إلي أن الخوف أن يكون القرار الجديد بشأن طباعة الكتب من خلال الناشرين الجدد هو تدخل غير مقبول من الخارج. ويسأل عبدالعال كيف تقوم مطابعنا بطباعة الآف الكتب لدول عربية مثل قطر والبحرين وليبيا والعراق والسودان وفي الوقت نفسه تخرج كتبنا للطباعة في الخارج؟ وكيف سيكون حال المطابع الحكومية أو الخاصة؟ هل تشرد عمالتها ونزيد من طابور البطالة لدينا ونحن نمتلك جميع الوسائل الحديثة في الطباعة ولا يضارعها أي مطبعة في الشرق الاوسط حتي في لبنان؟ مضيفا أنه قام بشراء كراسة الشروط للممارسة الجديدة لطباعة الكتب المدرسية وسيقوم بتقديمها بالمواصفات والشروط التي تراها الاهرام لطباعة الكتاب المدرسي المصري.