تحقيق: محمود يونس - حنان عبدالعزيز بعد انفلونزا الطيور والخنازير عادت من جديد الحمي القلاعية لتهدد الثروة الحيوانية في مصر وذلك من خلال ظهور المرض في عدد من محافظات الجمهورية وزيادة المخاوف من انتشار المرض وتكرار تجربتنا السابقة عام 2006 عندما تسببت الحمي القلاعية في خسائر تزيد علي 3 مليارات جنيه بالاضافة إلي تأثيرها علي السوق المحلي للحوم في ظل استمرار العجز في الانتاج المحلي والاستيراد من الخارج ؟ كل هذا يدعونا للتحقق من مدي انتشار هذا المرض وهل يهدد بالفعل ثروتنا الحيوانية وكيفية مواجهته ومحاصرته؟! وما هي الإجراءات الوقائية المفترض اتخاذها للحد من انتشاره؟! الخبراء يصفون هذا المرض بأنه يصيب الماشية وهو موجود في مصر منذ سنوات وينتشر بسرعة واعراضه تظهر كتسلخات في اللسان والتهابات في الارجل وامتناع الماشية عن الأكل واصابتها باعياء شديد يؤدي لنفوقها. وتشير أرقام وزارة الزراعة إلي ان اعداد الثروة الحيوانية في مصر تصل ل 8.3 مليون رأس من الجاموس و5.4 مليون من الابقار و8.3 مليون من الماعز و2.5 مليون من الاغنام والابل 143 ألف رأس تقريبا وباستثمارات تقدر ب 170 مليار جنيه ويصل الاستهلاك المحلي من اللحوم الحمراء لحوالي 863 ألف طن، منها 510 أطنان مذبوحات محلية و52 ألفا مذبوحات حية مستوردة من الابقار والابل والاغنام بالاضافة إلي 291 ألف طن من اللحوم المجمدة. وعن وضع المرض في مصر الآن يقول د. ابراهيم البنداري مدير عام الطب الوقائي بالهيئة العامة للخدمات البيطرية: رغم أن حالات الاصابة بالحمي القلاعية في مصر محدودة فإن المرض يهدد الثروة الحيوانية نظرا لأنه من الامراض الوبائية سريعة الانتشار حيث ينتقل عن طريق الهواء والسيارات والمزارعين ومن هنا تكمن صعوبة التحكم في المرض أو السيطرة عليه ويوضح د. البندري ان هناك مخاوف عديدة من انتشار المرض وتحوله إلي وباء، لذلك فالثروة الحيوانية في مصر مازالت تحتاج إلي اهتمام ورعاية. مشيرا إلي أن ابرز الحيوانات القابلة للعدوي هي الجاموس والابقار والاغنام والماعز والخنازير في حين أن قابلية الإبل للاصابة بالمرض محدودة، لذلك يتم عمل تحصين كل 6 شهور وبصفة دورية. ويرد د. البنداري أن خسائر الحمي القلاعية تكمن في انتاج اللبن حيث تؤدي إلي جفاف الالبان بالاضافة إلي اللحوم نظرا لوفاة الحيوانات الصغيرة "البتلو" إلي جانب أن الابقار التي تصاب بالمرض لا تنجب مرة اخري. د. محمد القباني مدير عام الهيئة العامة للخدمات البيطرية يصف الحمي القلاعية بأنها من الامراض الخطيرة التي تهدد الثروة الحيوانية وفي نفس الوقت لا يمكن القضاء عليه بصورة نهائية نظرا لأن وضع الاقتصاد المصري لا يسمح بذلك حيث تقوم الدول المتقدمة ذات الاقتصاد القوي بالتخلص من الحيوانات المصابة وما يخالطها من حيوانات قابلة للعدوي بالذبح أو الإعدام مع اتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة ولكن هذه الطريقة لا تناسب أوضاعنا الاقتصادية الآن. ويضيف د. القباني أنه لا يوجد حتي الآن لقاح بقضي علي الحمي القلاعية بشكل نهائي وانما يعمل علي تخفيف حدة المرض فقط. مشيرا إلي أن خطورة المرض تنتهي بمجرد ذبح الحيوان لأن المرض يصيب الفم والاقدام ولا يصل إلي لحم الماشية، موضحا ان اهم ما يميز الحمي القلاعية هو ارتفاع مستوي الاصابة وانخفاض مستوي النفوق عند العجود الصغيرة لتصل إلي 50 70%. ومن جانبه يؤكد د. هاني جادو صحاب مزارع لتربية الماشية أن مرض الحمي القلاعية موجود بالفعل ولكنه يزيد ويقل حسب فترات الاصابة وكان اكثر الفترات تزايدا عام 2006 الذي أطلق عليه عام الوباء لأنه نتج عنه خسائر اقتصادية هائلة وكان اغلبها يقع علي عاتق المربي حيث يؤثر علي انتاج اللبن ويقلل من انتاج حيوانات التسمين بالاضافة إلي ان الحيوانات المصابة لا تستطيع الانجاب مرة اخري، كما ان المربي لا يستفيد من جلد الحيوان المصاب بالمرض. ويوضح د. جادو ان تكلفة التحصين تقع علي عاتق المربي وهي تكلفة ليست ضئيلة حيث تقترب من 500 جنيه للحيوان الواحد وبهذا يصبح المربي محاصرا بين الخسائر الاقتصادية الناتجة عن المرض وبين تكلفة التحصين. ويطالب د. جادو بالتعامل مع المرض علي أنه قضية امن قومي نظرا لما يلحقه من خسائر اقتصادية قد تؤدي إلي تدمير الثروة الحيوانية.