حذر الخبير العقاري الانجليزي ورئيس الاتحاد الدولي للعقارات والمنشآت من أن الثروة العقارية في مصر والدول العربية مهددة بالانهيار نتيجة لإغفال المواصفات والمعايير العالمية والجودة للبناء والتصميم وتعرضها لسوء الخدمات وسرعة الاستهلاك وأشار في حوار خاص ل "الأسبوعي" خلال زيارته إلي القاهرة مؤخرآ إلي أن مصر والدول العربية تخلفت كثيرا في مجال الادارة العقارية والمنشآت بما يقرب من 20 عاما. وأوضح ان نظام الإدارة العقارية بدأ في بريطانيا منذ 20 عاما بأكاديمية حكومية لتعليم الشباب وقامت بتفريخ هؤلاء الشباب الذين أصبحوا علي دراية كاملة بعلوم إدارة العقارات في معظم دول العالم شرقا وغربا، واضافت أنه يجب علي القطاع الخاص في مصر والدول العربية التعاون وتبادل الخبرات وتدريب الأفراد وتعليمهم فنون الادارة واعمال التسويق والسمسرة والصيانة ونظم الجودة ومساندة المطورين العقاريين في العمل عن طريق الأكاديمية المزمع انشاؤها في مصر، ووصفها بأنها السبيل الوحيد لانقاذ الثروة العقارية في مصر والدول العربية، والتي تقدر بنحو 23 تريليون دولار، كما أشار إلي ان نظام الاستثمار في الإدارة العقارية يجذب استثمارات تقدر بنحو 123 مليار دولار وذلك وفق الدراسة المستفيضة لهذه الثروة إلي جانب أن هذه الادارة ستخفض التكلفة منذ بدء العمليات الانشائية للعقار مروراً بعملية الانشاءات وتقديم الخدمات وأعمال الصيانة، لافتا إلي ضرورة التخلي عن عمليات الفساد والبيروقراطية المنتشرة في الأجهزة المعنية والمسئولة عن الاستثمار العقاري في مصر بصفة خاصة والدول العربية بصفة عامة.. وإلي نص الحوار: * كيف كان ميلاد علم إدارة العقارات في العالم؟ ** علم إدارة العقارات حديث بدء منذ 20 عاما وهو نظام جديد يتبع الآن في معظم دول العالم في دول اوروبا وآسيا وامريكا وسيطبق خلال الاعوام القادمة في دول الشرق الأوسط ولقد بدأت الريادة لهذا النظام لأول مرة في إنجلترا، والآن تنضم لمنظمة ادارة العقارات والمنشآت العديد من الشركات من دول آسيا وامريكا الجنوبية واوروبا. * وهل هذه العملية مهمة لهذه الدرجة؟ ** نعم وهناك ضرورة لاستخدام هذا العلم الآن لأنه المسئول عن ثاني أكبر مصروف لأي شركة أو منشأة او عقار بعد المرتبات والأجور، فالمرافق والخدمات وأعمال الصيانة هي البند الثاني دائما بعد الاجور. الحالة المصرية * وهل تري أن مصر تأخرت في هذا المجال؟ ** نعم مصر تأخرت ما يقرب من 20 عاما علي الأقل، ولو أرادت مصر تطبيق المعايير والمواصفات الدولية للمباني فلابد ان تتبع علم إدارة المنشآت والعقارات لأن هناك العديد من الأضرار، والسلبيات التي ستنجم نتيجة عدم تطبيق نظام الادارة للعقارات ونتيجة لعدم الوعي بهذا العلم وهو ما يؤدي إلي ادارة المنشأة بعدم كفاءة وبدون معيار لضبط المصروفات ومن ثم يكون ذلك بتكلفة أعلي، اما الجانب الايجابي من تطبيق علم ادارة العقار فإنه يرفع من مستوي الجودة والخدمة والمعايير ويطيل عمر العقار نتيجة للميزانيات والمحسوبية فالعقار يحتاج إلي صيانة والعناية به وفي نفس الوقت يخفض من تكاليف إدارته. * ولكن هناك من يخاف من أن يكون لتطبيق علم الإدارة تكلفة علي المستثمر وصاحب هذه الإدارة؟ ** علم إدارة العقارات لا يزيد من التكلفة الاجمالية للعقار فالمالك أو المستأجر للعقار يقوم بدفع المصروفات في جميع الأحوال، لأن أي عقار أو منشأة لا يمكن أن يظل بدون تكبد هذه المصروفات للخدمات أو الصيانة او استهلاك المياه او الكهرباء أو المصاعد أو الأمن، ولكن مع تطبيق علم الادارة للعقار فإن هذه المنظومة ستوفر 50% من التكلفة الاجمالية، لأن الشركات التي تؤدي هذه الخدمات اذا ما قامت بتحصيل هذه المصروفات من الأفراد تقوم بتحميلهم أعباء ولكنها لا تعامل الشركات المتخصصة في الإدارة بنفس الطريقة، فهي تعرض المقترحات الخاصة بالمصروفات وفي نفس الوقت تقدم مستوي خدمة أفضل. القيمة المضافة * ومن أي تبدأ مهام الإدارة وبأي شيء تنتهي؟ ** تبدأ مهام الإدارة للعقار من مرحلة الفكرة والتصميم والاستشارات والتي تؤدي إلي خفض التكاليف ثم مراحل البناء والتشغيل وحتي آخر مرحلة وهي الهدم. * وهل يعني ذلك أن من حق المدير المسئول عن العقار التدخل في عملية البناء أو تغيير الأكواد أو اسداء نصيحة؟ ** نعم من حق المدير المسئول التدخل في أي شيء يرتبط بالعقار وعلي سبيل المثال فلو أن هناك بنكا يريد أن يقيم منشأة بالمعايير المطلوبة ولعدد من الأفراد والموظفين فإنه من الافضل ان يذهب إلي شركة متخصصة في علم الإدارة للعقارات لأنها هي التي ستوفر له الجودة في البناء وفي نفس الوقت ستوفر لها الخفض في التكلفة. * هل تم التعاقد مع شركات مصرية سواء علي المستوي الحكومي أو علي المستوي الخاص؟ ** تم التعاقد مع مجموعة من التجمعات السكانية "الكومباوند" ومقر لاحدي الشركات المالية الكبري، ومشروع آخر لاقامة مقر اداري رئيسي وكل ذلك علي جانب القطاع الخاص، أما القطاع العام فلم يتم التعامل معه حتي الآن. وينظر إلي أعلي تجاه أحد المباني ويقول: لو كان هناك نظام لإدارة هذا المبني لانخفضت تكلفته إلي 50%. * سألناه: وكيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ ** قال إن تكاليف الاضاءة للمبني بهذه الطريقة مرتفعة جدا ولو تم ادارة هذا المبني فسوف تنخفض تكلفة هذه الاضاءة باستخدام أدوات اخري وفي النهاية فإن التكلفة الاجمالية للمنشأة ستكون اقل حتي لو كان العقار قد تم بناؤه بمنحة مجانية من احدي الدول. مصدر إزعاج * وما تقييمك لوضع الثروة العقارية في مصر والدول العربية؟ وما المطلوب لحمايتها؟ ** يزعجني ان هذه الثروة العقارية التي تقدر بنحو 23 تريليون دولار ولكنها اصبحت مستهلكة وأشكت علي الانهيار نتيجة لعدم ادارتها وصيانتها بالاسلوب العلمي السليم والمطلوب لها المسارعة في تطبيق علم الادارة العقارية من أجل الحفاظ عليها وانقاذها من الانهيار من خلال الاهتمام بالصيانة وتقديم الخدمات بالجودة المطلوبة. ويجب البدء وبسرعة شديدة في زيادة التعاون بين مصر والدول العربية في مجال تبادل الخبرات وتدريب الأفراد وتأهيلهم للعمل في العقارات من خلال التدريب علي أعمال الصيانة والبيع والتسويق والسمسرة وإدارة الخدمات وأعمال الأمن ومساندة المطورين العقاريين قبل وبعد الانتهاء من أعمال العقار علي أن يتم ذلك من خلال مشروع إنشاء الأكاديمية العقارية والمزمع إنشاءها في مصر. * ما حجم ونوع الاستثمارات في الإدارة العقارية داخل مصر وفي الدول العربية؟ ** بعد الدراسة الدقيقة التي أجريتها علي هذه العقارات وعلي حجمها من المتوقع أن تجذب هذه الاستثمارات نحو 123 مليار دولار علي الاقل، والاستثمار العقاري له ثلاثة أنواع أولها الاستثمار في الافراد عن طريق تدريبهم وتأهيلهم واعدادهم للمطورين العقاريين، وتواجد هؤلاء الأفراد بعد مرحلة البيع للمطور العقاري، والاستثمار الثاني هو الصيانة والخدمات للعقار، والثالث هو الاستمرارية في الصيانة ليظل العقار باقيا مهما تكن عملية تصميمه، خاصة انني شاهدت خلال الجولة التي قمت بها في كثير من الدول العربية ومصر الاستثمار العقاري يعاني البيروقراطية الشديدة الموجودة في الأجهزة الرسمية التي تمارس أشكال الفساد وهي تمثل أكبر عائق لهذه الاستثمارات عند منح التراخيص والإجراءات المطلوبة من الموظفين في المحليات والمحافظات، المطلوب هو التغلب علي هذه المعوقات بسرعة شديدة.