منصب رئيس الجمهورية في إيران لا يمثل السلطة العليا في البلاد، ولا البرلمان الإيراني يمثل السلطة العليا هو الآخر، وإنما السلطة في أيدي المرجعية العليا: المرشد الأعلي للثورة ومجلس صيانة الدستور.. الصراع بين ما يسميه البعض التيار الإصلاحي والتيار المحافظ إنما يدور في مرحلة أقل أو أدني من أن تؤثر بشكل فعال علي توجه الدولة الإيرانية. الانتخابات التي دارت بين الإصلاحيين والمحافظين حول منصب رئيس الجمهورية والتي تابعها العالم باهتمام وفاز فيها التيار المحافظ بزعامة الرئيس الحالي الأحمدي نجاد شكك في نتائجها البعض، ومن بينهم المرشح المنافس الذي خسر مير موسوي. بسبب توغلات الحرس الثوري لتأييد أحمدي نجاد. علي أية حال الانتخابات الرئاسية في إيران انتهت وسوف يستمر نجاد في منصب رئيس الجمهورية وسط توقعات باستمراره، في أسلوبه الاستفزازي للمغرب وإن كان يتعين علي السلطة العليا في إيران اتخاذ إجراءات من شأنها ضبط لغة الخطاب الإيراني مع العالم الخارجي حتي لا تخسر إيران المزيد من حلفائها أو المتعاطفين معها مثل الصين وروسيا. مؤخرا حذرت روسياإيران من الاستمرار في استخدام لغة التهديد باستخدام القوة.. كما أن النصائح توجه لإيران باستمرار للدخول في مفاوضات حول الملف النووي الإيراني. بعد إنتهاء غبار المعركة الانتخابية والكلام الساخن جدا حول المواقف المختلفة فإن علي إيران أن ترد علي الموقف الأمريكي المعدل الذي توجه به الرئيس أوباما نحو إيران وغيرها من الدول التي تدخل تحت بند الدول الإسلامية ذات العلاقات المتأزمة مع الولاياتالمتحدة. اللافت للنظر أن أحمدي نجاد أكد بعد فوزه علي مواقفه السابقة من الولاياتالمتحدة والملف النووي، وكرر استخدام ألفاظ القوة في خطابه السياسي، ولكن ذلك ليس معناه عدم قابلية هذه السياسات للتعديل حسبما ستقرره السلطة العليا في إيران ممثلة في المرشد الأعلي ومجلس صيانة الدستور. علي أن السلطة العليا في إيران تعلم حقيقة ما جري في انتخابات الرئاسة وأين يمكن التأييد لسياسات نجاد وحجم هذا التأييد. ربما تكون النتائج المعلنة غير معبرة عن الحقيقة، وربما يكون الحرس الثوري قد تدخل لصالح نجاد حتي يفوز بفترة رئاسية ثانية، ولكن النتائج الحقيقية لابد وأن يكون لها تأثير علي اتخاذ القرارات حتي لا تزداد الأوضاع الداخلية سوءا. وإذا افترضنا أن شكوك المعارضة في إيران في محلها فإن نتائج الانتخابات ستظل شوكة في جانب حكومة نجاد حتي لو استطاع مع الحرس الثوري الضغط علي المعارضين وإسكات أصواتهم. ومع ذلك فلن تعود إيران كما كانت مرة أخري قبل الانتخابات لأن الذين صوتوا ضد سياسات نجاد يعرفون الأن حجمهم الحقيقي، ويعرف أنصار نجاد أن المعارضة لسياساته تنمو باستمرار.. ولذلك يتعين إجراء تعديل علي تلك السياسات.