بدأ الذهب يؤكد من جديد أهميته كملاذ آمن رغم حالة التقلبات التي تسود الأسواق العالمية.. فخلال الفترة الاخيرة بدأ الذهب رحلة صعود جديدة ووصل في نهاية تعاملات الجمعة الي نحو 975 دولارا خاصة بعد أن رفع جولدمان ساكس توقعه لسعر النفط في نهاية العام الي 85 دولارا للبرميل من 65 دولارا في تقدير سابق ما أثار موجة شراء للذهب للتحوط ضد التضخم . وكان سعر الذهب قد شهد ارتفاعا كبيرا لثمانية اعوام علي التوالي ففي العام الماضي الذي شهد ما يمكن وصفه بمذبحة الأسواق العالمية للأسهم والسلع الأخري التي فقدت نحو نصف قيمتها علي مدار السنة، ارتفع متوسط سعر الذهب بنسبة 25.4%، وهو ثاني أفضل عام في السنوات العشر الأخيرة. وظل متوسط أسعار الذهب عند مستوي 871.65 دولار أمريكي في عام 2008مقارنة بمستوي 695.4 دولار أمريكي في عام 2007. الذهب عام 2008 وقد اكد تقرير لشركة "جلوبل" ان الربع الأول من عام 2008 شهد زيادة كبيرة في أسعار الذهب، حيث كان لأسعار البترول القياسية في الأشهر الثلاثة الأولي من السنة أثره في ايجاد إقبال غير مسبوق علي الذهب، وبلغ متوسط سعر الذهب 923.46 دولار أمريكي للأوقية. أما في الربع الثاني، فحدث تصحيح لأسعار الذهب لتتراجع عن مستوياتها العالية المسجلة في الربع السابق من العام، إلا أنها ظلت مرتفعة نسبياً علي أساس تاريخي خلال الربع الثاني. فقد كان لتدهور الأوضاع في العديد من اقتصادات دول العالم، وتراجع الاستثمارات التي كانت تعد بمثابة ملاذ آمن للمستثمرين دفعهم للاستثمار في المعدن الأصفر. وفي الربع الثالث، انخفض سعر الذهب نتيجة لتزامنه مع تصاعد حاد في مستويات المخاطرة المحيطة بالاقتصاد العالمي والخوف من انهيار واسع النطاق في القطاع المصرفي والمالي. وتسبب كلا العاملين في انتعاش حاد في الطلب علي المجوهرات وزيادة الطلب علي الاستثمار. وفي الربع الأخير خاصة من منتصف شهر نوفمبر 2008 استأنف سعر الذهب اتجاهه التصاعدي، بمقدار 156.25 دولار أمريكي للأوقية ليصل إلي 869.75 دولار أمريكي للأوقية . وتشير توقعات الخبراء إلي زيادة الطلب في السوق علي المعدن الاصفر مدفوعا بتقلبات البورصة وتضاؤل سعر الفائدة علي الودائع في البنوك خصوصا أن الطلب الاستثماري علي الذهب يتزامن مع زيادة الاستهلاك بسبب موسم الصيف واقترانه بشهر رمضان وعيد الفطر. ضعف الدولار من جانبه يؤكد عصام مصطفي العضو المنتدب لشركه نماء لتداول الاوراق الماليه ان العالم بدأ يري أن الدولار الأمريكي ليس وحده الذي يعاني مشكلات خطيرة، فمع ازدياد الأزمة المالية العالمية وضعف العملات، أصبح الذهب الخيار الأفضل للحماية من الأزمة. وفي حين تركز الاهتمام الدولي علي سعر الدولار الأمريكي، كانت التحركات في أسعار العملات الأخري تتغير بدرجة كبيرة، فقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخري خلال العقد الماضي. اشار الي ان الاستثمار في الدولار الأمريكي في العام الماضي حقق عائداً بلغت نسبته 196%، في حين حقق الاستثمار في اليورو والين والدولار الكندي مكاسب أقل نسبياً تراوحت بين 130 و161% خلال الفترة نفسها. ومن جهة أخري تفاقم عجز الحساب الجاري، حيث اتسع ليصل إلي أعلي مستوياته خلال 36 سنة عند نسبة 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2007، ووصل معدل التضخم لأعلي مستوياته خلال خمس سنوات، حيث بلغ أقل قليلاً من نسبة 9%، وازداد الخوف من المخاطر العالمية حيث نمت مخاوف المستثمرين من انتشار آثار الأزمة المالية العالمية، وبدأ الاتجاه العام نحو "الملاذ الآمن"، بعيداً عن المخاطر المتوقعة للأسواق الناشئة