شهدت اسعار البترول تقلبات حادة علي مدار عشرة أشهر متتالية ليهوي سعر برميل البترول من 160 دولارا إلي اقل من 32 دولارا ثم إلي 45 دولارا وأخيرا إلي 67 دولارا وهو ما اعتبره خبراء الاقتصاد مؤشرا ايجابيا علي معاودة الامور إلي نصابها وطبيعتها من جديد. وكان من الطبيعي ان تشهد أسهم البترول ليس في مصر فقط وإنما في جميع دول العالم تأثرا حادا وتأرجحا في اسعارها بالبورصة علي نحو كبير. ويعتبر قطاع الطاقة واحدا من أهم القطاعات التي تلقي اقبالا من جانب المستثمرين المحليين والاجانب وصناديق الاستثمار في البورصة المصرية، وذلك نظرا للتوزيعات المرتفعة والنمو المستمر في الارباح وقد اثار انخفاض اسعار البترول المخاوف من جانب حاملي اسهم تلك الشركات خوفا من المزيد من التراجعات لاسهم شركاتهم وخاصة في ظل تفاقم حدة الازمة العالمية، وهو ما أكده الخبراء، حيث ان تراجع اسعار البترول أثر بدوره وبصورة سلبية علي أداء اسهم الشركات المدرجة في البورصة التي تعتمد في نشاطها الرئيسي علي البترول مثل شركتي "أموك" و"سيدي كرير"، فضلا عن تراجع ايراداتها وانخفاض الارباح، والذي من المتوقع ان يظهر واضحا خلال الفترة المقبلة. واتفق الخبراء علي ان التحسن في أداء أسهم هذه الشركات يتوقف علي ارتفاع اسعار البترول إلي مستوياته السابقة وانتظار المزيد من الاصلاحات الاقتصادية خلال الفترة القادمة. يقول الدكتور محمد الغرباوي الخبير الاقتصادي واستاذ المنظمات والتمويل بإحدي الجامعات المصرية إن الارتفاعات التي شهدتها اسعار البترول خلال النصف الاول من العام الماضي ساعدت الشركات في تحقيق ارباح كبيرة، مشيرا إلي انه ومع تراجع اسعار البترول منذ بداية النصف الثاني من 2008 والذي أدي إلي انخفاض كميات الانتاج في الشركات نتيجة تراجع كميات الطلب علي المنتجات النفطية لانخفاض اسعار المواد الخام، وبالتالي سيؤدي ذلك إلي تراجع ايرادات الشركات والتأثير علي ارباحها. وأشار إلي ان حصول الشركات علي الخام باسعار منخفضة عن الوقت السابق لا يعني ان تحقق الشركة ارباحا مرتفعة لأن تراجع اسعار البترول يأتي نتيجة تراجع الطلب علي منتجاته، وبالتالي تتجه الشركات إلي تخفيض انتاجها لمواجهة هذه الازمة. واكد ان اسعار البترول شهدت طفرة في ارتفاعاتها خلال ،2008 حيث ارتفع مستوي 50 دولارا ليصل إلي مستوي يزيد علي 150 دولارا مما أعطي ميزة للشركات المنتجة للبترول، حيث رغم زيادة قيمة الاحتياطي الذي تحتفظ به الشركات فإن التراجع الذي حدث في اواخر 2008 كان له تأثيرات سلبية، حيث تراجعت اسعار البترول خلال ديسمبر الماضي حتي وصلت إلي مستويات متدنية ليبلغ سعر البرميل مستوي 34 دولارا ثم ارتفع مؤخرا فوق مستوي 58 دولارا للبرميل، متوقعا معاودة ارتفاع اسعار البترول مرة اخري إلي مستوياتها الطبيعية خلال الربع الثالث من العام الجاري 2009. ومن جانبه، أكد الدكتور إسلام عزام استاذ الاقتصاد ان تحسن أداء الشركات في البورصة المصرية علي وجه العموم هذا العام يتوقف علي الاصلاحات الاقتصادية العالمية خلال الفترة القادمة ومدي قدرة الدول المنتجة للبترول علي تخطي هذه الازمة والرجوع باسعار البترول إلي مستوياتها الطبيعية، مشيرا إلي ان الحالة التي وصلت إليها اسعار البترول جاءت نتيجة حالة من الكساد لانخفاض الطلب علي منتجاته من جراء الازمة المالية العالمية، مما أثر علي أداء اسهم الشركات التي تعتمد في انتاجها علي البترول نتيجة المضاربات التي شهدتها اسعار البترول، فضلا عن تفاقم حدة الازمة المالية العالمية التي كان لها دور واضح في التأثير علي جميع الصناعات وخاصة التي تعتمد علي البترول. واشار إلي ان ايرادات الشركات المنتجة للمواد المتعلقة بالبترول شهدت تراجعا ملحوظا خلال الربع الرابع من 2008 والربع الاول من العام الحالي نتيجة تراجع مبيعاتها خلال هذه الفترة، متوقعا ان التحسن في أداء هذه الشركات سواء في سوق الاسهم أو الارباح يعتمد علي عودة اسعار البترول إلي مستوياتها الطبيعية والذي يتوقف علي الاصلاحات الاقتصادية العالمية التي تتخذها الدول المنتجة للبترول نتيجة التأثر بالازمة المالية العالمية مثل أمريكا ودول أوروبا. ومن جانبها، أكدت رحاب علوي المدير التنفيذي بشركة الجذور لتداول الاوراق المالية ان اسهم البترول في البورصة تأثرت بالفعل وعلي نحو كبير بسبب التراجعات الحادة في اسعار البترول عالميا إلا انها اكدت انه علي الرغم من ذلك فإن اسهم البترول في البورصة المصرية تعد أفضل حالا عن مثيلاتها في البورصات العالمية الاخري. واكدت ان اسهم البترول من الاسهم القوية نظرا لانها تنتمي لقطاع قوي وحيوي من القطاعات الاستراتيجية التي تلعب دورا كبيرا في الاقتصاد وتوقعت معاودة اسهم البترول لنشاطها من جديد في الفترة المقبلة لاسيما بعد تراجع حدة الآثار السلبية للازمة المالية العالمية بعض الشيء. وفي سياق متصل، فقد شهدت اسهم الشركات المدرجة في البورصة المصرية التي تعتمد في انتاجها علي البترول تراجعا في أداء أسهمها بنهاية عام ،2008 حيث تراجع سهم غاز مصر ليصل إلي مستوي 35.5 جنيه متراجعا من مستوي 115.53 جنيه فاقدا اكثرمن 53% من قيمته خلال العام الماضي. وحققت شركة غاز مصر تراجعا في ارباحها من 123.4 مليون جنيه إلي 111.8 مليون جنيه خلال الاشهر التسعة الاولي من عام 2008 بانخفاض قدره 9.4%، كما تراجع سهم سيدي كرير بما قيمته 45.8% ليصل إلي سعر 10.35 جنيه متراجعا من مستوي 22.10 جنيه وأظهرت القوائم المالية لشركة "سيدي كرير للبتروكيماويات" خلال الفترة من 1 يناير حتي 30 نوفمبر 2008 تحقيق الشركة صافي ربح بلغ 823.189 مليون جنيه بمعدل نمو قدره 3.6% مقارنة بصافي ربح بلغ 794.498 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وانخفض سهم الاسكندرية للزيوت المعدنية "أموك" بنسبة 32.2% ليصل السهم إلي مستوي 47.37 جنيه متراجعا من مستوي 69.9 جنيه وأظهرت القوائم المالية لشركة "الإسكندرية للزيوت المعدنية أموك" عن الفترة من 1 يولية حتي 30 سبتمبر 2008 تحقيق الشركة صافي ربح بلغ 263.194 مليون جنيه بمعدل نمو قدره 25% مقارنة بصافي ربح بلغ 209.913 مليون جنيه خلال نفس الفترة من عام 2007.