قفزت الحياة النيابية في دولة الكويت الشقيقة عدة خطوات مرة واحدة حيث أسفرت نتائج الانتخابات الأخيرة عن فوز أربع سيدات لمجلس الأمة الكويتي لأول مرة في تاريخ مشاركة المرأة في العملية الانتخابية سواء انتخابا أو ترشيحا وهو تاريخ قصير بكل المقاييس. فرغم تجربة الكويت العريقة في ممارسة الحياة الديمقراطية منذ الاستقلال عام 1961 إلا أن المرأة الكويتية لم تتمكن من الحصول علي حقوقها في الانتخاب والترشح إلا في عام ،2005 وكان هذا الحق يقتصر علي الرجال دون النساء طوال المرحلة التاريخية التي سبقت 2005. في عام 2006 وبعد حصول المرأة الكويتية علي حقها الدستوري في المشاركة في الحياة النيابية شاركت 27 مرشحة في الانتخابات ولكن لم تفز أي منهن فضلا عن تهديدات شديدة تلقتها المرشحات في ذلك الوقت. في انتخابات العام الماضي 2008 لم تستطع أي امرأة الوصول إلي مقعد البرلمان. شهدت الانتخابات الأخيرة صعود المرأة إلي المقاعد البرلمانية وانحسار تمدد "الإسلاميين" علي الساحة السياسية الكويتية بعد المواجهات المفتعلة التي أدت إلي حل البرلمان الكويتي مرتين متتاليتين، وعدم قبول المجتمع الكويتي لهذا اللون من التشدد الذي يهدد الحياة السياسية. اللافت للنظر أن صعود المرأة إلي المقاعد البرلمانية في الكويت حدث رغم الفتاوي التي أصدرها إسلاميون بتحريم التصويت للمرأة.. وهذا الموقف يعتبر موقفا شجاعا من الشعب الكويتي الذي استطاع التمييز بين الفتاوي المصطنعة وبين التفسير الفقهي المعتبر لمواد الشريعة الإسلامية. الفتاوي المصطنعة لأغراض سياسية أو غيرها كاستخدام الفتاوي للترويج لبعض السلع وتخويف الناس من سلع أخري أصبحت موضة سائدة لدرجة أننا نواجه يوميا آلاف الفتاوي حول أشياء تدخل في صميم طبيعة الحياة الإنسانية وقد يختلف حولها الناس حسب قدراتهم المالية أو الجسمية أو الصحية ولكن ما أسهل أن يتلقي البعض أسئلة "مصطنعة" علي محطات الفضائيات ويتصدون للاجابة عنها.. وهكذا. في المجتمع الكويتي واجه الناخبون فتوي بتحريم التصويت للمرأة في الانتخابات وربما تفنن البعض في ايجاد الأسانيد التي تؤيد التحريم، ولكنها كلها أسانيد مصطنعة وتلوي عنق النصوص للوصول إلي هدف معين وهو تفويت الفرصة علي المرأة للمشاركة في الحياة النيابية. نجح المجتمع الكويتي في اختبار التصدي للفتاوي المصطنعة، وبقي أن يركز علي المحافظة علي مكاسبه التي تتمثل في الابقاء علي المجلس الجديد ليستوفي مدته القانونية وعدم السماح لبعض العناصر بتدمير التجربة الديمقراطية وافتعال مواجهات لا حل لها إلا حل المجلس. كما أن تجربة مشاركة المرأة في الحياة النيابية سيكون لها هي الأخري آثار عميقة علي المنطقة العربية كلها حال نجاحها.. وهي آثار طيبة في مجملها نرجو لها أن تنجح وتنتشر.