بداخل مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة والمطلة علي شارع الهرم، كارثة بيئية موشكة علي الانفجار تهدد أرواح وصحة المواطنين في المنطقة، ويقع مصدر الخطر في الاحتفاظ بمبيدات قد تكون مسرطنة حسب بعض العاملين داخل المديرية منذ 3 سنوات داخل أحد المخازن بالمديرية، والتي تضم الآلاف. حاولت "الأسبوعي" التحقق من ذلك وخلال الجولة في مديرية الزراعة لاحظنا رائحة تزكم الأنوف، وتصيب بنوبة سعال دائمة، كما شاهدنا الموظفين العاملين بالمبني المجاور للمخزن وقد أغلقوا النوافذ، أثناء قيامهم بأعمالهم لمنع الأضرار ولو جزئيا، كما شكا البعض من إصابتهم بضيق في التنفس وجفاف بالعين وارتخاء بالأعصاب.. وأبدوا تخوفهم من قدوم صيف جديد دون إزالتها، حيث تؤدي الحرارة الشديدة إلي حدوث تفاعلات تسفر عنها روائح أشد خطورة، وقد تصبح المواد قابلة للاشتعال. التقت "الأسبوعي" مع المهندس حمدي سيف مدير المكتب الفني لمديرية زراعة 6 أكتوبر ويقع مكتبه بداخل مديرية زراعة الجيزة وهو المسئول عن تسلم وتخزين هذه المبيدات، في فترة وجود المهندس عمر العسال وكيل الوزارة السابق، وأكد لنا أن هذه المبيدات مصادرة من قبل النيابة، بعد إلقاء القبض علي صاحبها، لأنه قام بتصنيعها في أحد المصانع غير المرخصة بمدينة بدر، وليس بسبب انها مبيدات مسرطنة، مشيرا إلي أنه لا يجوز إعدامها إلا بعد صدور حكم المحكمة ضد صاحبها. وبسؤاله عن أسباب تخزينها داخل مديرية زراعة الجيزة بشكل خاص، أكد أن المبيدات كان يجب تخزينها داخل محافظة القاهرة، إلا انها لا تمتلك المخازن اللازمة لذلك، مشيرا إلي أنه يتم الاحتفاظ بهذه المواد بعد مصادرتها داخل مديريات المحافظات. وبسؤال المهندس حمدي حول حقه كمستلم لهذه المواد أن يتأكد من مدي خطورتها، أكد أن هذا ليس من سلطته، مشيرا إلي أن المديرية قد حرصت علي إحاطة أبواب المخزن بأكياس، وسد ثغراته بالأسمنت، وأوضح أن المبيدات التي تقدر كميتها بنحو 15 طنا محفوظة داخل صناديق مختومة بالشمع الأحمر، وهي بالطبع منتهية الصلاحية. ومن جهته نفي د. محمود بغدادي وكيل أول وزارة الزراعة بمديرية زراعة الجيزة، أن تكون هذه المبيدات مسرطنة، لعدم وجود أي دليل علي ذلك.. مؤكدا أنه قد طالب بإزالتها مراراً. من ناحية أخري فقد أكد مصدر مسئول داخل المديرية أن هذه المواد الخطرة لابد من تخزينها داخل مخازن خاصة واقعة بمنطقة في الصف، غير مأهولة بالسكان، علي أن يتم ذلك تحت إشراف المعمل المركزي للمبيدات التابع لوزارة الزراعة، مشيرا إلي أن هذه هي المرة الأولي التي يتم الاحتفاظ فيها بمثل هذه المواد داخل مخازن بالمديرية، موضحا أنه قد تم ابلاغ وزارة البيئة، ولم يتم الاستجابة من جانبها حتي الآن. توجهت "الأسبوعي" إلي د. محمد الراعي الخبير الدولي بشئون البيئة لسؤاله حول خطورة تخزين المبيدات سواء المسرطنة أو الآمنة، علي صحة الأفراد المحيطين، وكيفية التخلص الآمن من هذه المبيدات، وأجابنا بأن كل مادة خطرة لها طريقة معينة للتخلص منها، إلا أنه بصفة عامة ينبغي التخلص من هذه المواد عن طريق الحرق في أماكن مغلقة تماما، لا تستطيع أن تنفذ خارجها. ومن جهة أخري أكد د. محمد الراعي أن المبيدات سواء مسرطنة أو غير مسرطنة إذا تم تخزينها في مناطق آهلة بالسكان داخل مبني به فتحات، فحتما ستؤثر علي صحة المواطنين، فالمبيدات المسرطنة تؤدي حتما لإصابة الإنسان بالأمراض السرطانية، أما المبيدات العادية فتؤدي إلي مشكلات في التنفس، وفي العيون والجلد، حسب نوع الغازات المنبعثة ودرجة تركيزها "تبعا لدرجة حساسية الشخص المتعرض لها". ويلفت د. الراعي إلي أن بقاء هذه المبيدات وهي مخزنة داخل مبني ومسلط عليها ضوء الشمس لفترة طويلة خاصة في فصل الصيف، قد يؤدي إلي اشتعالها ذاتيا، مهددة بحدوث كارثة بيئية وإنسانية لا يمكن السيطرة عليها. وبسؤال الخبير الدولي في شئون البيئة حول الطريقة الآمنة لتخزين المبيدات المصادرة من النيابة لحين صدور حكم المحكمة، أكد أنه يجب تخزينها في مواقع مناسبة بحيث تكون مغلقة تماما وبعيدة عن حرارة الشمس، وفي منطقة خالية تماما من السكان.