في الوقت الذي ألقت فيه الأزمة المالية العالمية بظلالها علي كل اقتصادات العالم تواجه العمالة المصرية موقفاحرجا بين تسريح محلي يتوقع البعض أن يستمر حتي نهاية العام القادم، وبين غلق لأبواب الهجرة. تزيد المأساة في ضوء عيوب جوهرية تعاني منها هذه العمالة وخاصة ما يتعلق بنوع ومستوي التعليم وغياب أخلاقيات العمل وأهمها معايير الالتزام. رصدت العالم اليوم "الأسبوعي" في هذا التقرير فعاليات المؤتمر الذي نظمته الغرفة التجارية الأمريكية حول "الموارد البشرية في مصر" وناقشت المشاركين فيه أوضاع العمالة المصرية.. حاليا.. وكيف يمكن أن تجد لها مكاناً في السوقين الداخلي أو الخارجي في المستقبل. كان أبرز ما لفت انتباهنا تلك الاحصائيات التي تم طرحها وتوضح ضآلة فرص الهجرة قياسا بحجم السكان في مصر وانغلاقها علي المنطقة العربية بدرجة كبيرة حيث يشكل المصريون العاملون بالخارج 3.2% من عدد السكان و4.5% من إجمالي القوة العاملة وقد جذبت الدول العربية عام 2007 نحو 966234 عاملا ما يعادل 95.79% من عدد العاملين بالخارج وكانت السعودية أكثر الدول التي تقصدها العمالة المصرية حيث يعمل بها وحدها 459493 مصريا. ومن اللافت للنظر أن 38% من هذه العمالة المهاجرة غير مؤهلة أو من التعليم المتوسط لا تتجاوز نسبة هجرة المصريين من خريجي الجامعات 4.2% ولا تظهر مصر ضمن قائمة دول الهجرة الثلاثين الأولي ذات التعليم الجامعي. وفي ظل جميع العوائق التي تحول دون تدفق العمالة إلي الخارج مقارنة بتجارب دول جنوب شرق اسيا لأسباب عدة علي رأسها تدني المستوي التعليمي والتدريبي للعمالة المصرية إلا أن العمالة المصرية في الخارج تواجه تحدي الأزمة المالية العالمية الذي سيؤدي بحسب الخبراء إلي انخفاض عوائد وتحويلات المصريين من الخارج بنسب تتراوح بين 10 إلي 20% علاوة أيضا علي ركود المفاوضات حول تحرير تجارة الخدمات سواء علي مستوي منظمة التجارة العالمية أو الاتحاد حيث تأتي هجرة العمالة المؤقتة ضمن هذه المفاوضات. أبناؤنا في الخارج وعن أوضاع العمالة المصرية في الخارج بلفت د.أسامة عبدالمنعم رئيس شركة بايونيرز للتوظيف إلي أن هناك شركات في المنطقة العربية قامت بتخفيضات في نسب العمالة لديها من 10 إلي 20% وأنها بدأت بتسريح العمالة التي تم ارسالها من خلال الشركة في بداية العام الماضي.لافتا إلي أن سوق الامارات كانت من أكثر الاسواق التي شهدت تراجعا في الطلب علي العمالة تليها أسواق كالمملكة العربية السعودية والكويت كما يلفت إلي أن هناك حاجة ماسة لتسهيل إجراءات تهجير العمالة حيث إن هذه الإجراءات تستغرق أشهراً في بعض الحالات وتستغرق أسابيع في الدول المنافسة لمصر. البلو كارد وبسؤالنا باسكال كيرينيس - مدير المنتدي الأوروبي للخدمات - عن الأسواق الأوروبية قال إن قطاعات مثل ال أي تي والقطاع المصرفي والقطاعات الصناعية هي التي سيقل عليها الطلب كصناعة السيارات فإنها ستتأثر بالأزمة المالية وبالتالي ستتأثر الوظائف المتعلقة بها سلبا، إلا أنه نبه إلي أن الأزمة المالية لن تستمر إلي الأبد وإنه علي المدي الطويل ستظل أوروبا في حاجة إلي العمالة الأجنبية. ويشير كيرينيس إلي أن دول الاتحاد الأوروبي تسعي إلي تيسير إجراءات هجرة العمالة إليها من خلال نظام ال "بلو كارد" المتوقع تفعيله في عام ،2011 وأكد علي أن أوروبا لن تسعي لتطبيق سياسات حمائية ضد العمالة الأجنبية بسبب ارتفاع مستويات البطالة لديها في الوقت الحالي. أما لويجي كارتا مدير مشروع نظام معلومات الهجرة المتكامل فيري أن العمالة المصرية تتواجد بشكل كبير في قطاعات كالقطاع الزراعي والتخصصات التي تتطلب عمالة منخفضة المهارة في مجال البناء وهي مجالات ليس متوقعا أن يكون هناك تسريح للعمالة المهاجرة فيها منبها إلي أن هناك طلباً قوياً في دول أوروبا بصفة عامة علي الأعمال "اليدوية". ويري كارتا أن مشكلة عيوب العمالة المصرية تتعلق بانخفاض مستوي التعليم وغياب أخلاقيات العمل المتعلقة بالالتزام في العمل، ويعتقد أنه إذا انتقل العامل المصري للسوق الأوروبي سيصبح أكثر التزاما، لذا تتبقي مشكلة التعليم هي العقبة المهمة في مواجهة تدفق العمالة المصرية لأوروبا.