الخطوة التالية دائما صعبة خاصة في مهمة معقدة مثل المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية لدرجة أنه يبدو ممكنا التوصل إلي مصالحة واتفاق مع إسرائيل أسرع من المصالحة بين الفصائل الفلسطينية. إسرائيل لا تريد من حماس في قطاع غزة سوي شيئ واحد وهو ضمان عدم إطلاق صواريخ علي البلدان الإسرائيلية وهو ما نجحت فيه حماس خلال فترة التهدئة في حين أن السلطة الوطنية منذ أيام أبو عمار لم تستطع مطلقا وقف إطلاق الصواريخ. إسرائيل تريد هدنة طويلة مع حماس في قطاع غزة مع محاولات للحد من حصولها علي السلاح.. وإذا رأت أن المسألة زادت عن الحد تصطنع أزمة وتدمر ما تستطيع من عتاد حماس وسلاحها وتهدم البنية الأساسية مثلما حدث في اعتداءات 27 ديسمبر الماضي التي استمرت قرابة ثلاثة أسابيع. إسرائيل تريد أن تبقي حماس في قطاع غزة بشرط استمرار خلافها مع السلطة الوطنية وحركة فتح بالتحديد لأن ذلك هو السبيل لعدم قيام دولة فلسطينية تطالب بكل الأرض المحتلة بعد 67 أو قبلها هكذا تحافظ إسرائيل علي القدس عاصمة لها وحدها وتقتل وإلي الأبد قضية عودة اللاجئين. هذا ما تريده إسرائيل ولا نصدق غير ذلك، كما لا نصدق أن هدف العملية العسكرية الأخيرة كان ازاحة حماس من السلطة في قطاع غزة لسبب بسيط وهو أن الوضع الحالي هو الوضع المثالي الذي يحقق أهداف إسرائيل دون الحاجة إلي توقيع اتفاقات ملزمة مع هذا أو ذلك تضع إسرائيل أمام التزامات دولية بالعيش داخل حدودها وعدم الاعتداء علي الجيران. إسرائيل عبرت عن ذلك عمليا حين تداخلت في المباحثات حول وقف إطلاق النار مع الجانب المصري ومع وفد حماس ثم أعلنت وقف النار من جانب واحد. إسرائيل لا تريد توقيع اتفاقات مع أحد لا مع السلطة الوطنية ولا مع حماس ولا مع غيرهما مما يؤدي إلي التزامها بمواقف محددة. يقول بعض المعلقين إن الاتفاق بين حماس وبين فتح يبدو مستحيلا وأن المعركة بينهما معركة كسر عظام، فالاتجاه في حركة حماس هو تأليب الضفة علي السلطة الوطنية وانتزاع اعتراف بأن حماس ستقود الحركة الوطنية الفلسطينية في المرحلة المقبلة دون أن يكون هناك برنامج واضح لذلك. المطروح حاليا هو تثبيت وقف إطلاق النار بطريقة غير رسمية وليس عبر اتفاق مباشر بين إسرائيل وحركة حماس.. وإصرار إسرائيل علي استبقاء حماس خارج إطار الشرعية الفلسطينية حتي تستطيع ضربها متي ما شاءت بصرف النظر عن تلك الأحاديث عن الانتصار.