أثناء صلاة الجمعة أول من أمس.. وعلاوة علي دعوات الإمام في الجامع الذي كنا نصلي فيه، تناهي إلي سمعنا من مساجد وزوايا كلها تدعو.. "اللهم بدد شملهم".. "اللهم فرق جمعهم".. "اللهم اجعل الدائرة عليهم.. واسلبهم مدد الأموال". كان الحديث كله بالطبع عن غزة، وتداخلت الأصوات، والتأمينات علي الدعوات، وأصوات الخطاب يتصاعد ويعلو حتي يصل إلي مداه.. "اللهم يتم أولادهم.. واجعل كيدهم في نحورهم".. وبالطبع كان المقصود هو الإسرائيليين المعتدين علي غزة. كان المصلون يؤمنون بحرقة وراء الدعوات، وكانت الدعوات تصرخ بالحناجر والأصوات متصاعدة، تدعو للوقوف علي شهداء غزة، ثم صلاة الغائب. وهكذا كنت وصديقي وزميلي المصور المعروف عادل مبارز نصلي صلاة الغائب التي ما إن انتهينا منها، حتي كان السؤال، نعم هذا أمر جميل أن نتضامن مع أهلنا في غزة، ولكن لماذا لم يتذكر الإمام، ولا كل الأئمة المجاورين بجوارنا حوالي عشرة مساجد وزوايا الشهيد المصري ضابط حرس الحدود الذي استشهد، أم لأن هذا قد يجعل الناس تفكر ولو للحظة، عن سبب استشهاد هذا الضابط، وبرصاص من قد استشهد وبيد من أطلق عليه الرصاص. هل هذه أسئلة قد تبدو من وجهة نظر البعض غير ملائمة أو كما يري البعض كاشفة لمواقف لا يريد أصحابها ومؤيدوها أن تنكشف الآن. خاصة، وأن عبارة المطالبة بضرورة فتح معبر رفح، هي عبارة متكررة لكنها تتجاهل الواقع الذي نراه أمامنا يوميا، فالمعبر مفتوح، ومنذ اليوم الأول للغارات، ولكنها أصبحت تكاد تكون جملة محفوظة مكررة، لم يفكر فيها أحد، وإنماهي هكذا رغم عين الحقيقة. المهم بعد انتهاء الصلاة، وتأثر المصلين، الذين خرجوا يتمتمون بأدعية، وهم يتوجهون إلي الشارع، ومنه مباشرة ذهب بعضهم إلي القهوة، ليمارسوا اللاشيء، سوي شحنة غضب أكيد لا يعرفون كيف يفرغونها، وفي الغالب سيكون في شجار علي أولوية السير في الشارع، أو في أول مطلب لضابط مرور بإظهار الرخص. وعلي ذكر رخص القيادة، قال لي زميلي عادل، مستعجبا، هو فين قانون المرور الجديد.. لماذا لا نراه مطبقا، ثم هو إيه عيب قانون المرور القديم. ألم يكن من الأجدر أن نطبق المرور بصرامة، ودون تفرقة بين وزير وغفير. أما إذا كنا غير قادرين علي تطبيق القانون، جديده وقديمه فهذا معناه أنه لا لزوم له. الغوه.. هكذا قال عادل، فما لا تستطيع تطبيقه عملياً يصبح بلا لزوم، وإلا نكون بنضحك علي أنفسنا. أم هل نطبق فقط الجزء الذي نجمع فيه الأموال من الناس، بينما يعج الشارع ومازال بكل أنواع المخالفات. والسؤال الآن: متي نكتفي من الكلام، وندخل في وصلة التطبيق؟، أرجوكم كفي كلاما.. طبقوه.. أو الغوه.