مدبولي من المنوفية: حريصون على متابعة الأوضاع ميدانيا والاستماع إلى آراء المواطنين    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 وعيار 21يقفز لمستويات جديده    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    محافظ الجيزة يقرر إيقاف المقصرين عن العمل وإحالتهم للتحقيق بحي الهرم    وزير الخارجية يستقبل المبعوث الخاص لرئيس جمهورية كوريا الجنوبية    عودة ثنائي اتحاد جدة قبل مواجهة شباب أهلي دبي    تموين الإسكندرية يحبط تهريب نصف طن دقيق مدعم ويحرر مخالفات للأسواق والمخابز    ضبط كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    الخميس.. افتتاح الدورة الثامنة لمعرض دمنهور للكتاب بمشاركة 22 دار    الخميس.. "إلكتروفلامنكو 3.0" يفتتح فعاليات مهرجان "دي-كاف"    بدر محمد يروي تجربته مع فيلم "ضي"    محافظ الدقهلية يتفقد مركز اللجان الطبية التخصصية بسندوب    لأول مرة.. تشغيل جهاز قياس وظائف التنفس بعيادة السلام بمدينة بني سويف    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    اليوم.. النطق بالحكم في دعوى تعويض مليون جنيه ضد الفنان أحمد صلاح حسني    الحماية المدنية تنتشل الجثة ال 14 لضحايا حريق مصنع ملابس بالمحلة الكبرى    بعد دعوة الرئيس المجلس للانعقاد.. هل يحضر أعضاء الشيوخ الجدد جلسة الخميس المقبل؟    إنفوجراف| إشادات دولية بدور مصر في قطاع غزة    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    خاص فيديو | علاء عرفة: زينة عبد الباقي مخرجة مجتهدة وطلعت مني حاجات جديدة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    40 درجة للمركز الأول.. رسميًا وزير التعليم يصدر قرارًا بشروط منح درجات الحافز الرياضي لطلاب المرحلة الثانوية    محافظ الغربية في جولة مفاجئة بقرى قطور: صحة المواطن أولوية ولا تهاون في الخدمات    الفيلم الوثائقي "الحرب والناس".. قريبًا على قناة "الوثائقية"    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    موعد مباراة الشارقة الإماراتي والسد القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة والقنوات الناقلة    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    وزير الخارجية يلتقي الشباب المشاركين في برنامج زمالة "شفيق جبر" من مصر والولايات المتحدة    المتحدث باسم الخارجية القطرية: تركيا ستنضم اليوم إلى اجتماع لفريق الوساطة الخاص بغزة    سعر طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر فى المنيا    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    خلال زيارته للمنوفية، رئيس الوزراء يطلع على الموقف التنفيذي للخطة الاستثمارية للمحافظة    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    تشافي يرد على عرض اتحاد جدة السعودي    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    "القاهرة بقى لونها أحمر".. ريمونتادا الأهلى أمام الزمالك حديث الصحف العربية    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    أرقام عماد النحاس فى دور المدير الفنى المؤقت للنادى الأهلى للمرة الثانية هذا العام    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    «لاعب مختلف.. ومبيلعبش عندهم!».. شيكابالا يتغنى بنجم الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سليمان عبدالمنعم يكتب: ما وراء الحكايات.. خطبة الجمعة التى لم نستمع إليها بعد!

لا يقل دور «خطبة الجمعة» فى مساجد مصر عن تأثير صدور ألف كتاب فى الأسبوع الواحد! ليس فى التشبيه مزحة أو مبالغة. فلنحسبها جيداً! يتابع خطبة الجمعة فى مصر داخل المساجد وفى الشوارع والميادين نحو عشرين مليوناً من المصلين. ربما يكون لبعض الجهات الدينية أو البحثية أو الأمنية أرقام أكثر دقة.
لكن الأرجح أن العدد لن يقل كثيرا عن هذا الرقم. وعلى الجانب الآخر فإن متوسط عدد النسخ المطبوعة أو فلنقل المقروءة من كتاب ما فى الثقافة أو السياسة أو التاريخ لا يزيد فى أحسن التقديرات عن عشرين ألف نسخة. معنى ذلك ببساطة أن «خطبة الجمعة» تعادل فى دورها صدور ألف كتاب فى الأسبوع الواحد وأربعة آلاف كتاب فى الشهر، واثنين وخمسين ألف كتاب فى العام.
ولا شك أن دور «خطبة الجمعة» يكتسب أهمية أكبر نظرأ لنسبة الأمية المرتفعة التى تدور فى مصر حول 30% من اجمالى عدد السكان. فهؤلاء الأميون تمثل الثقافة السمعية كخطبة الجمعة والبصرية كالتلفاز مصدر المعرفة الأكبر بالنسبة لهم.
(1)
السؤال الآن هو هل يمارس الخطاب الدينى من خلال خطبة الجمعة هذا الدور الهائل الذى يشبه إمكانية صدور ألف كتاب جديد ؟ هل تؤدى خطبة الجمعة فى مساجدنا رسالتها التربوية والتوعوية والإصلاحية على النحو المطلوب؟ إننا نحتاج لأن يطوّر الخطاب الدينى نفسه بحيث لا تبقى خطبة الجمعة مجموعة مواعظ نمطية ومكررة تدور حول فقه العبادات بل تصبح خطاباً اصلاحياً فى فقه المعاملات.. نحتاج إلى خطاب دينى يصحح سلوكيات المسلمين لمواجهة التحديات الحضارية التى تعصف بمجتمعاتهم منذ مئات السنين وحتى الآن.
لا أحد ينكر النوايا الطيبة والمقاصد الحسنة فى حديث الخطباء حول فقه العبادات، فهذا أمر مفهوم ومطلوب فى ظل النص القرآنى الكريم «وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون» صدق الله العظيم. لكن الحاصل اليوم وعلى امتداد قرون طويلة من الزمن أن الخطاب الدينى فى معظمه على الأقل كاد أن يجعل من التفقه فى العبادات غاية تعفيه من الانشغال بفقه المعاملات وتبصير الناس بضرورات العمل وشروط الإنجاز والأخذ بأسباب التقدم والاستفادة من مناهج العلوم.
ثم كانت فوضى الفتاوى الدينية مظهراً آخر لأزمة الخطاب الدينى فى المساجد وغير المساجد على حد سواء. فقد عشنا اليوم الذى سمعنا فيه فى القرن الحادى والعشرين من يقدح زناد فكره ليثرى الاجتهاد بفتوى إرضاع المرأة لزميلها فى العمل والانشغال بحكم مفاخذة الرضيع وغير ذلك من الفتاوى الغريبة التى تبعث على العجب والدهشة.
ولهذا لم يكن غريبا أن يخرج علينا أهل العلم والطب منذ عدة سنوات باكتشاف علاج لأحد الأمراض باستخدام مؤخرات الحمام، وهى اكتشافات وتجارب رأيناها على شاشات التلفاز بلا ذرة من خجل علمى أو حياء مهنى.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تخلى هذا الخطاب الدينى فى خطبة الجمعة كلية عن مراجعة الذات والدعوة إلى تقويم سلوك المؤمنين وانصرف يصب اللعنات على الآخرين ويحاول شيطنتهم معتبرا أنهم أسباب كل الهزائم والمصائب التى حلّت بالمسلمين.
إن هذا الخطاب الدينى المؤمن مدعو لأن يراجع وظيفة خطبة الجمعة فى زمن تعاظمت فيه التحديات وابتعد المسلمون لا سيما العرب منهم عن ركب حركة التقدم العالمى حتى كادوا يخرجون منها تماما. ولنتأمل الجزء الثانى من خطبة الجمعة المخصص للدعاء. لقد ظللنا لسنوات طويلة ممتدة وربما حتى الآن نسمع بعض خطباء المساجد يبتهلون بالدعاء قائلين بينما الناس تردد من ورائهم آمين: اللهم بدّد شملهم وشتّت جمعهم وأهلك زرعهم!!
لم يتوقف أحد ليسأل نفسه عن نزعة التعميم فى ضمير الغائب «هم»! وهل يتفق ذلك مع مبادئ الإسلام الحنيف التى تقضى بألا يسأل الإنسان إلا عما اقترفت يداه؟
لم يستوقفنا بما فيه الكفاية هذا الدعاء الذى يتردد فى بعض مساجدنا لنسأل أنفسنا مرة أخرى وهل إهلاك الزرع جائز فى الإسلام حتى فى حالة الحرب مع الأعداء ونحن جميعاً نعرف أن النبى محمد عليه الصلاة والسلام قد نهى المقاتلين فى حروبهم عن قتل النساء والأطفال أو حرق الزرع؟ بل إن بعض الخطباء فى المساجد يتجاوز ذلك أحياناً ليصل إلى الدعاء قائلاً «اللهم اجعلهم قردة خاسئين» !!
و«اللهم أرسل عليهم ريحاً عاصفة». إننا نأخذ على الغرب مثلاً نزعته الظالمة فى التعميم على كل المسلمين بسبب ما تفعله جماعة متطرفة فلماذا نبيح لأنفسنا التعميم على الغير ونحشد الدعوات دون تمييز أو تدقيق. إننا ننسى أحياناً أن دعوتنا هذه لو كانت عادلة ومستحقة ونحن نرددها منذ مئات السنين لاستجاب لها الله!!
فقد سبق للملايين أن ابتهلت بهذه الدعوات ومنهم أناس أتقياء وصالحون وأخيار لكن الله لم يستجب للدعوة لأنه سبحانه عادل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!!
ولعلّ مكمن الخطورة فى مثل هذا الخطاب أنه يعمم نزعة كراهية الغير دونما تمييز فى نفوس المؤمنين لا سيما لدى اليافعين والبسطاء وغير المتعلمين أو المتفقهين. والأخطر أنه يعفيهم من الشعور بالمسؤولية والتقصير عما آلت إليها أحوالنا من ضعف وتراجع وتخاذل ويوحى لهم أن الآخرين هم وحدهم سبب معاناتنا وشقائنا.
قد يرى البعض أن المسلمين قد عانوا كثيراً من تحامل الآخرين عليهم والتربص بهم واغتصاب حقوقهم واحتلال أراضيهم وهو أمر صحيح بالفعل لكن مقاومة ذلك لا يجب أن تكون باستمطار الدعوات وصب اللعنات على المعتدين فهذا تفكير سلبى عاجز وضعيف بل المقاومة تكون بخطاب يلح على دعوة الناس إلى العمل والبناء والاجتهاد والآخذ بأسباب القوة.
(2)
كتب الإمام الإصلاحى محمد عبده منذ أكثر من مائة عام وهو صاحب أشهر عبارة نقدية فى تاريخنا «رأيت فى أوربا إسلاماً بلا مسلمين» داعياً إلى تحديث الخطاب الدينى قائلاً «تلزم المبادرة إلى إصلاح الخطبة فى مساجد الجمعة وتوليتها قوماً يحسنونها، ويدرجون فيها ما يمس أحوال العامة فى تصرفاتهم المشهودة، ويبينون لهم مضار الفساد، ويهدونهم إلى سبل الرشاد كما هو مقصود الشارع من فرض الخطبة فى الجمعة .
وهذا باب عظيم من الإصلاح إذا وجهت العناية إليه رجونا منه النفع الكثير والخير الغزير».
لو أننا قمنا بما يسمى فى لغة الإعلام «تحليل المضمون» لنعرف ما هى القيم والموضوعات والقضايا التى ينشغل بها خطاب الجمعة الدينى فى مساجدنا لاكتشفنا أن هذا الخطاب يتجاهل إلى حد بعيد قضايا الحاضر وتحديات المستقبل التى تواجه الناس بقدر ما يركز على جانب العبادات وينشغل بقصص الماضى المكررة وحكاياته المعروفة وكأنه يهرب من الحاضر إلى الماضى.
بل إنه لا يهتم فى عملية استحضاره للماضى بما لديه من قصص ومآثر وتجارب تعلى من قيم العمل والإنجاز والعمران وتحث على التفكير والتعلم والابتكار وكلها قيم من صلب عصر النهضة الإسلامى. يختبئ خطاب الجمعة الدينى وراء النص القرآنى الكريم «اقرأ» مكتفياً بترديده فى الوقت الذى يضنّ فيه باستخلاص المعانى والجهر بالدروس التى تفسر السر الحقيقى لتراجع المسلمين وتخلفهم.
يحتاج الخطاب الدينى فى مساجدنا يوم الجمعة حيث يحتشد عشرون مليوناً من البشر لأن يتوقف قليلاً عن الحديث عن الإسلام ليتكلم كثيراً عن واقع المسلمين. فالحاصل اليوم أن ثمة هوة كبيرة آخذة فى الاتساع بين واقع المسلمين ومبادئ الإسلام وقيمه الحقّة.
ويبدو الخطاب الدينى منشغلاً ومستنفراً ومعبأ حول مسألة ممارسة العبادات والالتزام بالشعائر الدينية حتى كادت أن تصبح من فرط الإلحاح والتركيز عليها هى جوهر ومنتهى الانتماء الإسلامى.
كلنا نعرف كم أسهم هذا الخطاب الدينى فى خلق ازدواجية الشخصية الإسلامية. وهى ازدواجية أدت إلى تغليب الشكل على الجوهر، والطقوس على السلوك، والإيمان على الفعل مع أن أبسط وأعمق تعريف للإيمان أنه ما وقر فى القلب وصدّقه العمل.
لقد تفاقمت هذه الازدواجية مع الزمن حتى أصبحت مثالاً على التناقض الحاصل بين قيم الإسلام وواقع المسلمين. ليس هناك من لا يشكو اليوم من أن سلوكنا اليومى يفتقر إلى الأمانة والصدق والنظام فلماذا لا يعلن الخطاب الدينى غضبه على غياب هذه القيم مثلما يعلن غضبه على الآخرين ويدعو إلى تبديد شملهم وتشتيت جمعهم وإهلاك زرعهم؟ لماذا لا يعلن الخطاب الدينى غضبه على الرذائل والآفات فى حياتنا اليومية من كذب ونفاق وكسل وإهمال وفساد وفوضى؟
(3)
إن خطبة الجمعة التى لم نستمع إليها بعد هى التى تطور مفهوم الوعظ والدعوة من خلال مقاربة مع الواقع المعاش للناس جنباً إلى جنب مع الشق الخاص بالعبادات لكى ترتقى القيم الروحية بالقيم السلوكية. إن لدينا من القضايا والتحديات الحياتية ما يمثل مجالاً خصباً للخطاب الدينى. لهذا نريد من الخطاب الدينى فى يوم الجمعة أن يقول أمام العشرين مليون مؤمن كلمته بشأن قيم العمل والاجتهاد والأمانة والإتقان.
نريد خطبة جمعة تستثير الهمم وتطلق العزائم وتبين لنا حكم الشرع فى الموظف الذى يرتشى أو يعطل مصالح الناس والتاجر الغشاش والمنتج الذى يروج غذاء فاسداً والعامل الكسول غير الأمين والزارع الذى يستخدم مبيدات تسبب الأمراض وتقضى على صحة الناس والطبيب الانتهازى الذى يتاجر فى أجساد المرضى والمعلم الذى يكرس وقته وجهده فى الدروس الخصوصية.
نريد خطبة جمعة تخصص فى مناسبة بدء العام الدراسى للحديث عن فريضة تحصيل العلم وفى مناسبة عيد العمال للحديث عن فضائل العمل والأمانة والإتقان وفى كل مناسبة أخرى عن فرائضها وفضائلها.
نريد خطبة جمعة تحدث الناس عن أزمة القمامة التى تحاصر البيوت والشوارع والمساجد. أليس غريباً أن تحتل قيمة النظافة هذه المكانة الخاصة فى أداء شعائر المؤمنين وعلى رأسها الوضوء خمس مرات فى اليوم قبل كل صلاة ثم يصل بنا الحال إلى هذه الدرجة المتردية والمخجلة بينما أكوام القمامة والقاذورات تقع عليها عيون المؤمنين أينما اتجهت؟!
بوسعنا وبوسع أى شخص أن يعدد عشرات وربما مئات القضايا الحياتية التى ينصرف عنها الخطاب الدينى فى خطبة الجمعة رغم أنه الأقدر ببلاغته ومكانته وتأثيره الروحى فى توجيه الناس وتصحيح سلوكياتهم.
نحلم بخطبة جمعة يدعو فيها الخطباء لأن نعمل ونصدق ونقوى ونتضامن ونقرأ ونتعلم قبل أن يدعوا الله بأن يشتت جمع الأعداء ويبدد شملهم.. نحلم بخطبة جمعة يدعو فيها الخطباء لأن نراجع أنفسنا ونصلح عيوبنا قبل أن يذكرونا بأننا خير أمة أخرجت للناس!
(4)
يقول الشاعر الراحل أمل دنقل:
يا دقة الساعات
هل فاتنا.. ما فات؟
ونحن ما زلنا أشباح أمنيات
فى مجلس الأموات؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.