تجرى وزارة الأوقاف تحقيقات موسعة فى واقعة قيام بعض الجمعيات الأهلية بتوريد أئمة للمساجد الأهلية، نظير تلقى تبرعات لا تقل عن 50 جنيها عن المسجد الواحد، ثم «تحاسب» الإمام على 12 جنيها كتسعيرة جبرية لخطبة الجمعة. وأكد أحد مسئولى وزارة الأوقاف إحالة الواقعة للتحقيق العاجل. ففى مناطق إمبابة والمنيب والجيزة تقوم إحدى الجمعيات الأهلية نحتفظ باسمها بتوريد الأئمة لمساجد وزوايا لا يقل عددها عن 100، وتتلقى تبرعا من كل مسجد لا يقل عن 50 جنيها. تمنح منها إمام المسجد 12 جنيها نظير خطبة الجمعة الواحدة، بينما تصل تسعيرة أو مكافأة خطبة الجمعة لائمة الأوقاف، الذين يعملون بالمكافأة إلى 5 جنيهات للحاصل على الثانوية الأزهرية، و10 جنيهات للحاصل على مؤهل عال، والماجستير 15 جنيها، لتقفز إلى 20 جنيها للحاصل على الدكتوراه! وتكمن خطورة توريد الأئمة كما يقول الدكتور محمد الحسينى الأستاذ بجامعة الأزهر فى تسلل الأفكار المتطرفة وتوغل التيارات المتعصبة دون دراية الأوقاف أو حتى انتباه الأهالى لما يحدث، وقال: «إننا لا نشكك فى نيات الجمعيات الأهلية، ولكن وسط الأغصان المورقة تختفى الحشرات الضارة، لذلك فإن حسن المتابعة هو الحل. اللافت أن هذه الجمعيات تتعرض للعديد من المشاكل، على الرغم من مساعدتها لوزارة الأوقاف، كما يقول أحد مسئوليها، الذى يؤكد أنه من خلال جمعيته يساعد الوزارة على الاستمرار فى النشاط الدعوى قدر المستطاع، وأكد تعرض الائمة التى توردهم جمعيته لعمليات قمع من جانب الأمن، نتيجة لعدم استخراج تصاريح لهؤلاء الأئمة. وأشار إلى أن الجمعية تضع شروطا صارمة للإمام، منها حفظ القرآن كاملا، وامتلاكه موهبة الخطابة وإلمامه بجزء كبير من تعاليم الدين الإسلامى، وقدرته على نشر وسطية الدين، والإلمام بمشكلات المجمتع. وحين واجهت «الشروق» الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة بالواقعة أمر بفتح تحقيق عاجل، موضحا أن الوزارة تشرف على عدد من المساجد والزوايا إشرافا كاملا بعد ضمها، أما التى لم تقم بضمها فتشرف عليها عن بعد، أى أنها إذا تلقت شكوى عن أى إمام تقوم بالتحقيق فيها واتخاذ اللازم معها. ويضيف «لدينا تجربة رائعة هى الجمعية الشرعية والمعروفة بأدائها العالى والمتميز،حيث ترسل أئمة لبعض المساجد الأهلية التى لم يتم ضمها بعد للوزارة، ولم ترد أى شكوى منها، لأنها حريصة جدا على مستوى أئمتها وهم متميزون»، ويؤكد «أما الجمعية التى تعمل على توريد الائمة فى الجيزة التى تتحدثون عنها، فسوف نقوم فورا بالتحقيق فيها وموافاتكم بالنتيجة». وفى جولة ل«الشروق» فى عدد من المساجد بمنطقة إمبابة اشتكى الكثيرون من عدم وجود إمام، وتطوع أحد المصلين بدور الإمام وأحيانا المؤذن، بل إن أحد العمال فى أحد المساجد نحتفظ باسمه قال إن الإمام لا يأتى إلا فى صلاة الجمعة فقط ولا يلقى أى دروس دينية، وهو إمام تابع لوزارة الأوقاف. فيما تساءل أحد المصلين بغضب عن غياب دور الدعوة فى المساجد قائلا: «أين نحن من تلقى التعاليم الإسلامية وحفظ القرآن بالمساجد وحث الأطفال عليه، وأضاف آخر: «إحنا بنشوف الإمام كل جمعة فقط ونحتاج فى بعض الأوقات إلى استشارته فى بعض الأمور الدينية لكننا لا نجده». يذكر أن العام 2002 شهد وضع شروط صارمة لانشاء المساجد منها منع إقامة المساجد أسفل العمارات السكنية، وألا تقل مساحة المسجد عن 175 مترا مربعا، وأن يودع المتبرع ببناء المسجد مبلغا لا يقل عن خمسين ألف جنيه مصريا فى أحد المصارف، وأن تكون المنطقة فى حاجة حقيقية للمسجد. وألا تقل المسافة بين أى مسجدين عن 500 متر (نصف كيلو متر)، وألا ينشأ المسجد إلا بموافقة صريحة من وزارة الأوقاف، وأن يتم الالتزام بالرسوم والتصميمات التى تضعها وزارة الأوقاف، وأن يبنى تحت المسجد دورا أرضيا لمزاولة أنشطة خدمية واجتماعية وصحية، مع موافقة وزارة الرى إذا كان المسجد أو الزاوية على شاطئ النيل، وعدم إقامة المسجد على أرض متنازع عليها. إذن، فلننتظر نتيجة تحقيق وزارة الأوقاف، والأهم هى التحقيق فى المكافأة الهزيلة عن خطبة الجمعة التى تصل فى أقصى رقم لها إلى 20 جنيها لحامل الدكتوراه.. يا بلاش.