تواجه منظومة التأمين الاجتماعي في مصر العديد من المشاكل والتحديات التي تراكمت خلال سنوات طويلة مضت بحيث أصبحت في حاجة ماسة إلي تصحيح الأوضاع في أسرع وقت، تعاني المنظومة من ارتفاع الاشتراكات التأمينية عن المتوسطات العالمية وخاصة في القطاع الخاص بالإضافة إلي صعوبة إجراءات الاشتراكات الجديدة. وترصد "العالم اليوم الأسبوعي" مع الخبراء والمسئولين في هذا التحقيق سلبيات الوضع الحالي والإصلاحات المنتظرة في منظومة التأمينات الاجتماعية خاصة مع تزايد آثار الأزمة المالية العالمية علي قطاعات الأعمال بالإضافة إلي ما تمثله هذه الإصلاحات من أهمية سواء في دعم بيئة الأعمال المحلية أو ارتباطها بقضايا اقتصادية واجتماعية علي رأسها عملية التوظيف وتهيئة المناخ للاستثمارات وعلاج أزمة البطالة وغيرها من قضايا النمو والتنمية. يري أشرف عبدالغني رئيس جمعية خبراء الضرائب والاستثمار أن منظومة التأمين الاجتماعي في مصر تحتاج إلي إعادة صياغة وإصلاح لما يلعبه ذلك من دور رئيسي في مساندة قطاعات الأعمال المختلفة وتنشيط حركة الاقتصاد والتيسير علي أصحاب الأعمال للنهوض بالاقتصاد ويوضح أن هذا النظام يتسم بارتفاع الاشتراكات التأمينية علي المتوسطات العالمية وبالتالي ضرورة تخفيض هذه النسب من الأجر لأنها لا تتناسب مع المعدلات المعمول بها عالميا وتعتبر عاملاً من عوامل التهرب فهي تتراوح حاليا بين 40% من الأجر الأساسي و35% من الأجر المتغير للعمل ويدعو إلي العمل علي خفضها إلي ما يتراوح بين 12 و14% علي الأكثر بالإضافة إلي تقديم تيسيرات في ملف المتأخرات التأمينية علي مختلف المؤسسات من خلال إعادة العمل بالقانون 153 لسنة 2006 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي بشأن الإعفاء من المبالغ الإضافية علي المنشآت المتعثرة وتقسيط أصل الاشتراكات وتيسير إجراءات الاشتراكات الجديدة في منظومة التأمين الاجتماعي. مطالب محددة كما يطالب أشرف عبدالغني بضرورة التوسع في التقسيط للمبالغ المدينة الخاصة بالتأمينات الاجتماعية المستحقة علي أصحاب الأعمال وتأجيل الحجز الإداري أو المطالبة بخطاب الضمان والاكتفاء بدلا منه بتعهد شخصي من صاحب العمل إلا في حالة عدم الاتزام صاحب العمل بسداد الأقساط في مواعيدها القانونية وإعادة النظر في جداول نسب الأجور الخاصة بعقود المقاولات مع دراسة شاملة لوضع نسب جديدة تتلاءم مع المتغيرات الاقتصادية وتؤدي إلي خفض النسبة المقرر حكميا كاشتراك تأميني علي عقود المقاولات والبالغة 18% من قيمة العقود. كما يقترح كذلك إعادة النظر بصفة عامة في نسب الأجور الحالية التي يتم علي أساسها حساب الاشتراكات التأمينية المستحقة علي عقود العمالة المؤقتة مع بحث تقليص فئاتها علي غرار ما حدث بالنسبة للمجموعات السلعية بالتعريفة الجمركية والسماح في إطار التيسير علي المتعاملين وتسهيل عمليات المراجعات التأمينية بطبع الكشوف الخاصة بالحسابات التأمينية بما يساعد علي تلافي سلبيات التطبيق للقانون والقرارات واللوائح التأمينية والسماح بإنشاء وصلة الكترونية تتصل بهيئة التأمينات الاجتماعية لدي مكاتب المحاسبة التي تضم حجماً كبيراً من العملاء بهدف مساعدتها في التعرف علي الموقف التأميني لعملائها. في انتظار الإصلاح زكريا محمد علي رئيس لجنة التأمينات بجمعية خبراء الضرائب والاستثمار يلفت إلي أن التأمينات الاجتماعية في مصر تحتاج لمجموعة من الإصلاحات التشريعية وتيسير في الإجراءات التأمينية ومنها علي سبيل المثال تثبيت سعر الفائدة بحيث يكون سعر الخصم المعلن من البنك المركزي المصري مضافا إليه 2% في الأول من يناير السابق للسداد علي الاشتراكات المتأخرة بدلا من سعر الخصم المعلن من البنك المركزي في الشهر الذي يتعين سداد المبالغ فيه مضافا إليه 2% وذلك كما ورد بالقانون 53 لسنة 2006 أسوة بما نص عليه قانون الضرائب وتفعيل إجراءات اشتراكات المنشآت الجديدة وذلك بقبول أي مستندات بدء نشاط مثل السجل التجاري أو عقد الشركة أو قرار إنشائها مع إقرار من صاحب العمل بموافاة المكتب التأمينات بباقي المستندات بعد استخراجها ويوضح أن هناك تعسفا في بعض المكاتب في ذلك مما يترتب عليه ضياع حقوق العاملين وتأخير التأمين عليهم. ويضيف زكريا ضرورة تفعيل وتسهيل عملية ضم مدد الاشتراكات السابقة للعاملين أي الملف المستندي للعاملين الذين يتنقلون بين أنظمة التأمين الاجتماعي أو من منشأة لأخري في القطاع الخاص، والفصل الكامل لأموال المعاشات عن الميزانية العامة للدولة ولو بجدولة جزئية لهذه الأموال وتوجيه وتطوير استثمارات هذه الأموال بحيث توافي صرف وزيادة المعاشات بشكل يتماشي مع معدلات التضخم وتخفيض نسب الأجور الخاصة بالمحاجر والملاحات وذلك لزيادة وتشجيع الاستثمارات في هذه المجالات. ويدعو زكريا إلي إدخال تعديلات جديدة في قوانين التأمين الاجتماعي الحالية ومشروع قانون التأمينات الموحد بحيث يتضمن وضع نظم للإدخار الشخصي تكون تكملة للنظام الحالي وليس بديلا له مع التأكيد علي الاستمرار في تغطية الأخطار الواردة بالقانون (الشيخوخة - العجز والوفاة- المرض - إصابة العمل - البطالة - المكافأة) والتأكيد علي بقاء نظام التأمين الاجتماعي إجباريا بحمية الدستور ويمتد ليشمل جميع المواطنين بالإضافة إلي إنشاء مجلس أعلي للتأمينات يكون دوره محايداً وينحصر عمله في تقديم المعونة الفنية لتطوير التشريعات التأمينية وفي استثمارات أموال التأمينات ونشر المعلومات والتقارير والتوصيات التي تساعد المؤمن عليهم في التعرف علي حقوقهم والتزاماتهم.