* منذ الإعلان عن تأجيل الحوار الفلسطيني الفلسطيني في القاهرة، والأجواء السياسية محتقنة بين طرفي النزاع فتح وحماس آخذة في التطور بشكل لافت حتي وصلت حد التراشق بالألفاظ المسيئة والاتهامات المتبادلة. لقد انحدرت حرب الشتائم الكلامية بين الطرفين إلي أدني مستوياتها منذ سيطرت حماس علي قطاع غزة في منتصف يونية من العام الماضي، واستخدم قياديو الحركتين أوصافا لا تليق بالخطاب السياسي وتنذر بتصعيد آخر لا تحمد عقباه. حماس وصفت الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" بأنه "زعيم عصابة" ووصفت قادة منظمة التحرير الفلسطينية "بالخونة والجواسيس"، فيما وصفت حركة فتح قادة حماس ب "الأفاقين الآثمين"، وأقرب إلي "زنادقة العصر". الانفجار الذي أدي إلي حرب الشتائم تلك جاء بعد تراجع حماس عن حضور الحوار الوطني الفلسطيني بسبب ما قالته عن استمرار الاعتقال السياسي بحق عناصرها في الضفة، وتصاعدت بعد خطاب الرئيس عباس الذي شن فيه هجوما علي حماس ووصفهم بأنهم أصحاب أجندات خارجية ومهربو مخدرات وسلاح، ولا يشرفون منظمة التحرير بالانضمام إليها، ورد عليه سعيد صيام وزير الداخلية في الحكومة المقالة بهجوم أعنف وصف فيه قادة المنظمة بالحثالة، واتهم عباس بالكذب والسلطة بالخيانة. وإذا كانت حماس تعزو قرار الحركة ربط مشاركتها في الحوار الوطني بالقاهرة، بإطلاق سراح المعتقلين لدي السلطة الفلسطينية خاصة أنه جاء تحت ضغط من قيادات وقواعد الحركة في الضفة الغربية وأهالي المعتقلين أيضا، فإن ذلك لم يكن الأمر الوحيد كما يبدو، حيث أقرت مصادر أخري أن ثمة عوامل أخري لعبت دورا في ترجيح اتخاذ موقف المقاطعة، منها خشية الحركة من أن يكون مؤتمر الحوار فخاً تنصبه مصر لها لتحميلها المسئولية واجبارها علي قبول عودة السلطة إلي قطاع غزة، ومنها أيضا تفضيل الحركة الانتظار إلي حين اتضاح معالم السياسة الخارجية للإدارة الأمريكيةالجديدة. ويبدو أن هناك يقينا لدي قيادات فتح والسلطة معاً بأن حماس تضع العقبات بشكل متعمد ولا تري أن المشكلة في المعتقلين السياسيين، فهي أي السلطة وفتح لو قدمت كل ما تريده لحماس، فإن الأخيرة ستقدم لهم كل يوم مشكلة، لأنهم ببساطة كلما قاموا بحل مشكلة يظهر غيرها.. وهكذا فإن هذا التراشق والذي ربما يكون متوقعا، قد كشف عن عمق الخلافات بين الحركتين، بل ولو ذهبنا إلي توصيف أدق، فإنه يبرز عمق الكراهية فيما بينهما، فلا حوار قد يخمد هذه الثورة التي تعتمل داخل كل عضو من أعضاء الحركتين، ولا اتفاق قد ينسي كل طرف بأنه الأفضل والأصلح والأبقي، ويحتفظ كل طرف منهما بما لديه من أوراق للضغط من خلالها في الوقت المناسب، وفي غمرة الاحقاد والخلافات وانعدام الرؤية تاه الجميع في طريق الحقد والغضب والرغبة في كسر شوكة الآخر علي حساب الشعب الفلسطيني الذي بدوره يعاني الأمرين من حجم الخلافات المتصاعدة بينهما، فكلما تخمد جذوة نيران مشتعلة فيما بينهما، تأتي رياح عاتية لتشعلها من جديد. ربما تكون هناك ضغوطات سورية وراء موقف حماس هذا، وإن كانت المؤشرات تفيد بأن الذين ساندوا حركة حماس في موقفها من مقاطعة الحوار هم فصائل فلسطينية تقطن دمشق هم الصاعقة والجبهة الشعبية وربما تكون هناك خلافات داخلية في حماس نفسها أدت إلي موقفها هذا لكن النتيجة واحدة بعدما عقد الفلسطينيون آمالا كبيرة علي الاتفاق في القاهرة وجاءت تلك النتيجة مخيبة للآمال، ولم يكتف الفرقاء بذلك فحسب، بل تصاعدت حرب الشتائم والاتهامات فيما بينهم بشكل غير مسبوق ينذر بإشعال فتيل الحرب الأهلية من جديد، رغم المحاولات الحثيثة من أطراف عربية وفصائل فلسطينية لاخمادها بأي شكل لكن يبدو أن الأطراف الفلسطينية المتناحرة علي لا شيء لا تري لا تسمع لا تتكلم سوي صدي نفسها فقط!!