تنفرد السوق المصرية بظاهرة فريدة تتمثل فى ثبات الأسعار المرتفعة، وارتفاع أسعار البعض الآخر بالرغم من انخفاضها عالميا، ولاسيما أننا فى سوق حر وتلعب جمعيات حماية المستهلك دورا كبيرا فى تقديم المقترحات التى تعنى بحقوق ومصالح المستهلك، ولكن العبرة وما يهم المستهلك بالدرجة الأولى هو تخفيض الأسعار وملاحقة التجار الذين يصرون على تحقيق أرباح عالية فى بيع السلع الأساسية. فما أسباب ارتفاع الأسعار؟ وكيف يسهم وعى المستهلك فى ضبط حركة السوق بدون تدخل الحكومة؟ وهل المطلوب أن نخصص "عسكرى" لكل تاجر كى تنخفض الأسعار؟ أحمد عبدالواحد وكيل شعبة مستخلصى الجمارك بالغرفة التجارية يؤكد عبدالواحد أن المواد الغذائىة والحبوب معفاة تماما من الجمارك فهى بريئة من ارتفاع أسعار السلع داخل الأسواق المصرية بالرغم من انخفاضها فى الأسواق العالمية، أما بقية المواد ومستلزمات الإنتاج فجماركها بسيطة جدا لا تمثل عبئا حقيقىا على المنتج، وإن كان أصحاب المصانع يطالبون بتخفيض جمارك منتجات التعبئة والتغليف ورقائق الألمنيوم التى تدخل فى صناعة المواد الغذائىة، وأيضا خامات الأحبار حيث تصل جماركها إلى 10% كما تم عقد اجتماع فى الغرفة مؤخرا لتسهيل إجراءات الإفراج الجمركى مسبق قبل وصول البضاعة، فالمشكلة فى التاجر المصرى الذى يرفض تخفيض أسعاره، فبالرغم من انخفاض أسعار المعادن عالميا إلا أن النحاس على سبيل المثال يباع فى الأسواق المصرية بسعر أعلى بنسبة 5% بالمقارنة بسعره فى الخارج. الضرائب بريئة الدكتور سمير سعد مرقص مستشار ضريبى وأستاذ اقتصاد بالجامعة الأمريكية فيوضح أنه يتم محاسبة الممول ضريبيا على دخله بعد تقديمه فواتير بأسعار الخامات والتى تدخل تحت بند المصاريف وتكاليف الإنتاج ويتم خصمها من فواتير البيع لحساب الأرباح، فكلما ارتفعت أرباحه نتيجة لانخفاض أسعار الخامات فى الأسواق العالمية وإصرار التجار على البيع بالسعر المرتفع ارتفعت الضريبة التى يتم تحصيلها لتحصيل حق الدولة، وبالتالى فالضرائب لا تساهم فى رفع الأسعار. احتكار وإغراق أحمد شيحة عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية يؤكد أنه لا يمكن أن تنتظم الأمور عندما يتحكم عدد قليل مكون من 50-60 تاجرا فى أسعار اللحوم والدواجن والسلع الغذائىة فى السوق وتاجر التجزئة البسيط مغلوب على أمره فالمسئولية تقع على المستورد والمنتج، بل إن فرض رسوم إغراق لصالح بعض الصناع أضر بالسوق، فالسوق المفتوحة عرض وطلب ولابد من السماح بوجود منافسة بين المستورد والمحلى الصنع حتى تنخفض الأسعار، وما حدث من انخفاض فى أسعار الحديد دليل على ذلك فبعد السماح باستيراده من الخارج انخفض السعر بشكل كبير. المهندس جمال سعد بشاى مدير شركة الوجه القبلى للزراعة وصناعة العلف يؤكد أن الفترة السابقة شاهدت ارتفاعا كبيراً فى أسعار الذرة وبالتالى أسعار العلف الحيوانى ولذا تخلص عدد كبير من المربين من المواشى وخرجوا من السوق بعد تعرضهم لخسائر مادية كبيرة، فانخفض المعروض ومازال الطلب على اللحوم كما هو، ومنذ شهر فقط انخفضت أسعار الأعلاف بشكل كبير ولم يلمس المستهلك أدنى انخفاض فى أسعار اللحوم والألبان أو الجبن بل العكس ارتفعت الأسعار بشكل كبير ولن تنخفض قبل مرور 3 أشهر عند بدء دورة تربية جديدة، والمقاطعة ليست حلا ومن هنا يأتى دور الجمعيات الاستهلاكية حيث يتم طرح لحوم بلدية تقل كثيرا عن سعر الجزارين، بل شراء المستهلك من التعاونيات سوف يجبرهم على تخفيض أسعارهم. عرض وطلب سعيد الألفى رئيس جهاز حماية المستهلك يؤكد أن جمعيات حماية المستهلك لا تتدخل فى أسعار السلع، ولكن السوق عرض وطلب ولا يوجد حظر على استيراد أى سلعة غذائىة، والقانون المصرى يجرم الممارسات الاحتكارية، وما نراه الآن مثلا من ارتفاع سعر بيض المائدة نتيجة لزيادة الطلب عليه ولكن السعر سوف ينخفض فى خلال 10 أيام حتى 6 يناير لانخفاض الطلب عليه لبدء صيام طائفة الأقباط فالبيض سلعة غير قابلة للتخزين. وأضاف أنه كلما زادت المنافسة انخفضت أسعار السلع فمحال السوبر ماركت الكبرى مثل هايبر وكارفور وسبينس والتى تعرض البضائع بسعر أقل من محلات البقالة الصغيرة وتقدم خدمات أكثر تشمل استبدال واسترجاع السلع، ولكنها للأسف لا تنتشر فى جميع المناطق، كما تعرض المجمعات الاستهلاكية السلع الأساسية بسعر أقل من القطاع الخاص، مشيرا إلى أن دور جمعيات حماية المستهلك هو إرشاد المواطنين إلى أماكن السلع الأقل فى السعر فزيادة وعى المستهلك هى التى سوف تجبر التجار على خفض الأسعار.