ظهر انتماء المصريين لوطنهم في مواقف كثيرة وقد تجلي الانتماء في محاولة إيجاد كيان اقتصادي قوي وفي الاصرار علي مواصلة العمل حتي في أسوأ الظروف.. ولكن مؤخرا أصبح عدم الانتماء واللامبالاة هو الشعور السائد لدي معظم أفراد المجتمع، الأمر الذي أثر بصورة سلبية علي مستوي الإنتاجية.. والعديد من الاحصائيات تؤكد أن مستوي إنتاجية العامل المصري تنخفض يوما بعد الآخر، الأمر الذي أثر بصورة سلبية علي مستوي الاقتصاد القومي. الجميع يتهمون الحكومة بأنها السبب وراء تفشي هذه الظاهرة وذلك لعدم قدرتها علي توفير أدني احتياجات المجتمع، الأمر الذي تولد معه شعور بالظلم وعدم الانتماء والرغبة في الهجرة والبحث عن أماكن أخري يمكن الإبداع والعمل فيها. في البداية، يوضح د. صلاح جودة "الخبير الاقتصادي" أن ظاهرة عدم الانتماء التي بدأت ملامحها تظهر علي المجتمع المصري وبصورة واضحة هي نتاج طبيعي ومنطقي للسياسات التي تتبعها الحكومة، الأمر الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلي انتشار ظاهرة الفرح لدي المجتمع في حالة حدوث أي كارثة حتي وإن كانت الخسائر سوف يتحملها الشعب أو تمس جزءا من أملاك الدولة إلا أن الشعور بأن مسئولي الحكومة أصبحوا يمتلكون ويتحكمون في كل شيء بات يسيطر علي عقول الكثيرين ومن ثم تحول الشعور من عدم الانتماء للوطن إلي بغض وكراهية للقائمين علي النظام. ويشير جودة إلي ضرورة أن يسبق انتماء المواطن للوطن حدوث انتماء من الوطن للمواطن، بمعني ضرورة قيام الحكومة بتقديم الخدمات الأولية التي تضمن مستوي معيشة متوسطا للأفراد مثل توفير المسكن والوظيفة الملائمة ومستوي خدمات تعليمي وصحي يرقي بآدمية هذا الشعب، وذلك حتي يحق للحكومة مطالبة الشعب بالولاء والانتماء والعمل وتقديم مستوي أداء جيد. وينوه جودة إلي وجود أبعاد اقتصادية عديدة وهي أبعاد سلبية يتحملها المجتمع في حالة تفشي ظاهرة عدم الانتماء، فالشعور بأن الحكومة تسيطر علي كل شيء ولا تعطي المجتمع أي شيء تظهر ملامحه في مستوي أداء العامل والموظف حيث تسيطر عليه حالة من عدم الاهتمام واللامبالاة وفي أحيان كثيرة يتحول هذا الشعور إلي محاولة للتدمير كما يحدث عندما يستخدم الركاب أتوبيسات الحكومة فالبعض يحاول تخريبها انتقاما من الدولة.. مضيفا أن الحكومة تعمل دائما علي اتخاذ قراراتها دون مشاركة الشعب حتي وإن كانت هذه القرارات تمس مستقبل وحياة المواطنين وهو الأمر الذي يرفض معه المجتمع مشاركة الدولة حين تقع مشكلة أو كارثة كبري تؤثر علي الأمن القومي، مشيرا إلي أن مستوي إنتاجية العامل المصري انخفض وبصورة كبيرة وهذا الأمر تظهر ملامحه جليا في تزايد معدلات الاستيراد، كما أن الإنتاج المصري الذي يتم تصديره دائما ما تظهر به عيوب كثيرة وهذا الأمر ناتج عن عدم المبالاة التي يعيشها معظم العمال نظرا لانخفاض مستوي الأجور.. موضحا أن هذه الظاهرة يكثر رؤيتها في المصالح الحكومية وذلك بسبب انخفاض معدلات الأجور وعلي النقيض في بعض المصانع والشركات التابعة للقطاع الخاص والتي تقوم بمنح العمال رواتب مجزية أو تمنحهم نسبة من الأرباح أو حوافز إضافية في حالة تحقيق ارباح سنوية أو زيادة حجم الصادرات.. ففي هذه الحالة قد نري مدي انتماء عمال هذا المصنع للعمل ومحاولة الوصول بالمنتج لأعلي درجات الجودة والفرق بسيط بين ما يحدث في المصالح الحكومية وبعض مصانع القطاع الخاص وهو قدرة صاحب العمل علي توفير احتياجات موظفيه، الأمر الذي ساعده علي اكتساب ولائهم وانتمائهم للعمل وصاحب العمل في وقت واحد. ويوضح جودة أن ابعاد هذه الظاهرة خطيرة لأنها قد تؤثر علي معدلات التنمية في أي مجتمع ومن هنا تصبح الآثار مدمرة، منوها إلي أن تفشي هذه الظاهرة مؤخرا يعود لكثرة الفضائيات التي أظهرت للناس ما يحدث بالخارج من مطالبة المجتمعات بحقوقها وأن المسئول والشعب يقفون علي قدم المساواة أمام القانون ومن هنا ظهرت مطالب جديدة للمجتمع لم تكن موجودة من قبل وهو الأمر الذي فشلت الحكومة في تحقيقه مما أدي إلي انتشار هذه الظاهرة.