كشف تقرير قام به البنك الدولي لأوضاع الطاقة والبيئة في مصر مؤخرا ان الصناعة تسببت في نسبة 21% من تكلفة الاضرار الناجمة عن تلوث الهواء بزيادة كبيرة عن تلوث الهواء الناجم عن وسائل النقل والانشطة السكانية. وتعتبر منطقة الإسكندرية احدي المناطق شديدة التلوث والتي تضم نحو 40% من الشركات الصناعية في مصر وكذلك منطقة شبرا الخيمة التي يوجد بها 60% من مسابك الرصاص وبقايا مصانع النسيج ومنطقة كفر الدوار الصناعية. وتؤكدالدراسات الحديثة ان تلوث الهواء في القاهرة الكبري يتسبب في وفاة نحو 3400 حالة وفاة مبكرة سنويا، و15000 حالة التهاب شعبي مزمن و329.000 حالة عدوي بأمراض الجهاز التنفسي، و8 ملايين نوبة ربو، مما يوضح حجم الاضرار الصحية التي تنجم عن تلوث الهواء. ولكن هل نرفض إقامة صناعات جديدة من أجل الحفاظ علي البيئة؟ أم أن هناك حلولا أخري تسمح بإقامة نهضة صناعية تلبي حاجة المجتمع الشديدة للاستثمار والتنمية وفي ذات الوقت لا تلوث البيئة وتضر بصحة المواطنين؟ فلاتر ومسابك د.وحيد إمام رئيس الاتحاد النوعي للبيئة بجامعة عين شمس يؤكد انه لم تكن هناك بيئة قبل صدور القانون رقم (4) سنة (94) أي منذ أربعة عشر عاما فقط وبعد العمل به انخفضت معدلات التلوث خلال فترة السنوات الأربع الأخيرة بشكل كبير وان كانت لاتزال معدلات التلوث مرتفعة بسبب الغازات المنبعثة من وسائل النقل المختلفة ومحطات الكهرباء والتي تنبعث منها اكاسيد النيتروجين والكبريت الملوثة للبيئة وتحاول وزارة البيئة التغلب عليه بالتحول الي استخدام الغاز الطبيعي. أما عن مشكلة التوسع في صناعة الأسمنت وتأثيرها علي البيئة فيوضح الدكتور وحيد انه قبل التصريح لأي مصنع يتم القيام بدراسة للتأكد من عدم تجاوز مخرجات المصنع والمصانع المجاورة له الحدود المسموح بها من الملوثات وهل تؤدي الي رفع الحمل الكلي للملوثات في المنطقة المقام بها؟ مع مراعاة إقامة المصانع الجديدة في الصحراء بعيدا عن المناطق السكنية. وأضاف انه في الماضي تمت إقامة العديد من مصانع الأسمنت بعد انشاء مصنع الحديد والصلب في الصحراء في منطقة حلوان والتي كانت تعد منطقة صناعية ثم زحف إليها العمران بمرور الوقت وانتشرت المساكن حولها مشيرا إلي انه تم إلزام أصحاب مصانع الاسمنت بتركيب فلاتر لتنقية الهواء كما تم ربط تلك المصانع بشبكة رصد وقياس نسب الانبعاثات في جهاز شئون البيئة. أما عن رفض الدول الأوروبية التوسع في إقامة مصانع جديدة للأسمدة فبحسب قول الدكتور وحيد فيرجع الي الاهتمام بالزراعات العضوية الصحية الخالية من الكيماويات بالرغم من ارتفاع أسعارها تجنبا للإصابة بالأمراض السرطانية وقد كانت مشكلة مصنع اجريوم في منطقة رأس البر لها ابعاد سياسية بالدرجة الأولي والحكومة مضطرة للتوسع في إقامة تلك النوعية من الصناعات لتغطية الاحتياجات المتزايدة علي الأسمدة وارتفاع اسعارها مؤكدا انه سوف يتم عرض مشروع قانون علي مجلس الشعب في الدورة الجديدة يتضمن عقوبة إغلاق المصنع وإلزام صاحبه بدفع أجور العمال إذا لم يتم الالتزام بالشروط البيئية. أما مشكلة تلوث منطقة شبرالخيمة فيشير وحيد إلي انه تم وضع خطة لتوفيق أوضاع أصحاب المصانع كما تم منحهم مهلة 5 سنوات وتم مدها 5 سنوات أخري جري خلالها نقل 90% من مسابك الرصاص الي مناطق خارج التجمعات السكنية كما تم تطهير التربة وإعادة طلاء المنازل للتخلص من جسيمات الرصاص الملوثة للبيئة. متابعة ومخالفات الدكتور صلاح مدكور أستاذ الإعلام البيئي بجامعة الأزهر يؤكد ان هيئة التنمية الصناعية لا تتعارض مع الحفاظ علي البيئة وإلا لتوقف العالم عن بناء مفاعلات نووية جديدة بعد حادث انفجار تشيرنوبل وتلوث البيئة المحيطة ولكن عند انشاء صناعات جديدة يجب ان نشدد الرقابة عليها ونلتزم بالمواصفات والنسب العالمية فاللائحة التنفيذية لقانون البيئة التي صدرت سنة 95 تحدد الحد المسموح به من الانبعاثات من المصانع أعلي من المعدلات المسموح بها عالميا، وطوال فترة ال14 عاما الماضية لم يحدث أي تعديل في تلك النسبة وفي دراسة اجريت في أمريكا وجدوا ان تنقية الهواء وفرت من 199-210 ملايين دولار سنويا كان يتم انفاقها في علاج الأمراض الصدرية الناتجة عن التلوث.