رحب خبراء البيئة بقرار نقل المصانع من محافظة حلوان بعدما تسببت فيه تلك المصانع من تلوث أدي لانتشار عدد كبير من الأمراض بين ابناء تلك المنطقة. وطالب الخبراء بمراعاة البعد البيئي مستقبلا في حالة التخطيط لأية محافظة أو مدينة جديدة. يوضح اللواء أحمد حجازي - رئيس قطاع التوعية البيئية بوزارة البيئة - أن قرار رئاسة مجلس الوزراء يبحث امكانية نقل الصناعات الملوثة للبيئة من محافظة حلوان وتشكيل لجنة بوزارة الصناعة لاعداد دراسة شاملة لتكاليف نقل مصانع الأسمنت وغيرها، يأتي في إطار الحرص علي إزالة الملوثات البيئية من هذه المنطقة، خاصة وأن ملوثات الهواء ومياه النيل الناتجة عن أنشطة المصانع والتي وصلت إلي 90% تمتد آثارها إلي مسافات بعيدة، كما أنها تشكل تهديدا صارخا لصحة المواطنين. موضحا أن نقل هذه الصناعات الملوثة للبيئة من حلوان له أيضا عائد اقتصادي لا يجوز إغفاله يتمثل في توفير النفقات التي كانت تنفق علي علاج الأمراض المنتشرة بين أهالي حلوان والتي تشمل زيادة معدلات أمراض الصدر والرئة والحساسية وبقية أمراض الجهاز التنفسي. ويؤكد رئيس قطاع التوعية البيئية أن الدراسات والبحوث التي قامت بها وزارة البيئة تشير إلي الآثار السلبية الناجمة عن وجود هذا العدد الكبير من المصانع داخل محافظة حلوان، حيث إن 40% من الأنشطة داخلها عبارة عن صناعة ثقيلة من بينها 92 منشأة صناعية ومنها 10 منشآت كبري تنتج ملوثات بيئية ونفايات ضارة، خاصة صناعات الأسمنت والحديد والنشا والخميرة وغيرها إلي جانب وجود حوالي 250 مصنعا وقمائن الطوب وكلها تنتج عوادم ومواد كيماوية ملوثة للبيئة، منوها إلي حقيقة أن نسبة غبار الأسمنت في حلوان قد وصلت بالفعل إلي معدلات كبيرة ولها انعكاسات بيئية ضارة تتمثل في تقليل الاشعاع الشمسي المرئي وإعاقة التمثيل الضوئي للنبات وانتشار الأمراض التي تؤذي الرئة وتؤدي إلي تحجرها، وهو الأمر الذي أوجد ضرورة ملحة لتبني دراسة الأثر البيئي لهذه الصناعات وإمكانية نقلها إلي مناطق أخري بعيدة عن العمران. أما فيما يتعلق بإمكانية نقل هذه المصانع وهو ما يصفه اللواء أحمد حجازي بالمشروع الناجح بيئيا، فيري أنه يمكن البدء بعملية النقل جزئيا بعيدا عن المحافظة ب 50 كيلو مترات علي أقل تقدير فيجوز نقل مصانع الحديد والصلب بالظهير الصحراوي الممتد لمحافظة الإسكندرية علي سبيل المثال ومصانع فحم الكوك إلي منطقة الواحات حيث تكون قريبة من أماكن استخراجه، ومصانع الأسمنت بسيناء علي سبيل المثال، وإن كان الأمر لايزال بحاجة لإعداد دراسة بيئية واقتصادية للتعرف علي مدي جدوي هذا المشروع وكيفية تمويل تكاليف النقل وأن يراعي هذه المرة انشاء مجتمع صناعي بعيد عن الكتلة السكنية وأحداث تغيرات جوهرية في سياسة التخطيط لمواجهة المشكلات البيئية في منطقة حلوان والوصول إلي التنمية المستدامة. موضحا أن الوزارة لا تدخر جهدا في إعداد منظور بيئي متكامل لحي حلوان يقدم وصفا شاملا للحالة البيئية لهذه المحافظة شاملا الموارد الطبيعية وطبيعة السكان والأنشطة السكانية ومصادر التلوث وتأثيرها داخل المنطقة، كما حرصت وزارة البيئة علي اتخاذ العديد من الإجراءات في مواجهة التلوث بالمنطقة لتوفيق أوضاع المنشآت الصناعية بهدف تقليل أحمال التلوث البيئي بها والعمل علي تركيب فلاتر علي معظم مداخن هذه المصانع، كما تم تنفيذ التعاقد مع إحدي الشركات المتخصصة في الدفن الآمن لأتربة الباي باص. وكلها جهود لابد وأن تدعمها عملية النقل لهذه المصانع واستعادة الوجه الحضاري لهذه المدينة، خاصة وأن الفكر السائد عالميا هو ادخال البعد البيئي في سياسات التنمية لآية دولة. ويشير محمد كمال - المدير التنفيذي لجمعة مؤسسات الأعمال والحفاظ علي البيئة - إلي تحول مدينة حلوان من كونها مدينة الاستشفاء والعيون الكبريتية والصحة العلاجية حسبما تم تسجيله في المراجع العلمية الدولية لتصبح حاليا مجرد مدينة صناعية طغي منها التصنيع علي التفكير البيئي المبكر، إلي الحد الذي وصل فيها حجم التلوث بغبار الأسمنت إلي 4 أضعف المسموح به، وذلك بما يعادل 5% من الطاقة الإنتاجية لمصنع الأسمنت نفسه.