رغم كل المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تؤكد قوة وانتعاش الاقتصاد الألماني مقابل بقية اقتصاديات الاتحاد الأوروبي إلا أن الغريب والمثير للدهشة هو مخاطر تعرض الطبقة الوسطي الألمانية للانقراض بسبب اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء لدرجة تجعلنا نندهش كثيرا من عدم نجاح سياسة المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل الاقتصادية الاشتراكية في الحفاظ علي هذه الطبقة التي تشكل محور وقوة ألمانيا الاقتصادية. وكشفت مجلة ايكونومست عن أن الانتعاش الاقتصادي الألماني لم يشمل في طياته أي أثر إيجابي علي الطبقة الوسطي حيث يوجد ملايين منهم مهددون بالعيش تحت خط الفقر.. وقالت إن الطبقة الوسطي التي تشكل أوسع طبقة اجتماعية في ألمانيا، بدأت تتعرض في السنوات الأخيرة للتقلص فبعدما كانت تشكل في الثمانينيات من القرن الماضي حوالي 64% من عدد السكان وصل عددها إلي 54% في عام 2006. ورغم فترة الانتعاش الاقتصادي في الفترة الأخيرة، بلغت نسبة النمو 7.1%، إلا أن ذلك لم يحل دون تنامي نسب الفقر في المجتمع الألماني وتعميق الفوارق بين الطبقات. وتنبأت الدراسة التي قامت بها الشركة الاستشارية العالمية ماكنسي، بتقلص عدد المنتمين للطبقة الوسطي خلال السنوات الاثني عشرة المقبلة بنسبة 30% مقارنة بالعدد المسجل حاليا، مما يعني تزايد نسبة الفقراء في ألمانيا. كما توقعت أنه بحلول عام 2020 ستتراجع الدخول السنوية لأكثر من 50% من عدد السكان في ألمانيا.. وعليه، فإن عدد الطبقة الوسطي سيتقلص بحوالي عشرة ملايين مقارنة بعددهم في بداية التسعينيات. في هذا الإطار صرح مدير الفرع الألماني لماكنسي فرانك ماتيرن بأن النمو الاقتصادي في ألمانيا في السنوات الخمسة عشرة الأخيرة لم يكن كافيا ولم يشمل جميع شرائح المجتمع، لاسيما الطبقة الوسطي التي تشكل دعامة مهمة للاقتصاد الألماني. كما أن فترة الانتعاش الاقتصادي الأخيرة لم تنجح في دعم الأنظمة الاجتماعية بالقدر الكافي وهو ما أدي إلي عدم ارتفاع نسب منح التقاعد وبالتالي هبوط عدد كبير من المتقاعدين تحت خط الفقر. خاصة وأن نسبة المتقاعدين في تزايد مستمر بينما يتراجع عدد اليد العاملة النشيطة علي ضوء التطورات الديمغرافية التي يشهدها المجتمع الألماني. وتقول المجلة انه يتم تصنيف الطبقة المتوسطة حسب نسبة الدخل السنوي للفرد وبالتالي فإن دخل شخص ينتمي للطبقة الوسطي يتراوح بين 70 و150% من متوسط الدخل الفردي في ألمانيا ووصل معدل دخل الفرد المنتمي الي الطبقة الوسطي عام 2006 الي 25 الف يورو سنويا. وتري الدراسة كذلك ان هناك امكانية تحسين هذه النسب بل وتوسع الطبقة الوسطي ولكن ذلك رهن بمدي نمو الاقتصاد الألماني فإذا تمكنت ألمانيا من تسجيل نسب نمو اقتصادي تقدر ب 3% ففي هذه الحالة تتوقع الدراسة تسجيل ارتفاع ملحوظ في مستوي دخل الطبقة الوسطي الألمانية الي 36 الف يورو سنويا أي أعلي بنسبة 40% مقارنة بالنسبة المسجلة عام 2006. وعلي الجانب الآخر كشف أيضا تقرير حكومي ان ربع الألمان يعانون من الفقر او يعتمدون في معيشتهم علي المعونات الاجتماعية المقدمة من الدولة لحمايتهم من الوقوع في دائرة الفقر وذكر التقرير ان 13% من السكان في ألمانيا يعتبرون فقراء بينما يعتمد 13% آخرون علي المعونات الاجتماعية التي يحصلون عليها من الدولة مثل معونة رعاية الأطفال أو معونة بدل البطالة لحماية هؤلاء من الفقر. في حين أن دخل الأغنياء في ارتفاع بينما يتراجع دخل الطبقة الدنيا بدرجة طفيفة ويتجمد دخل الطبقة المتوسطة وطبقة الأغنياء هم من يعيشون بمفردهم ويبلغ دخلهم الشهري اكثر من 3418 يورو أو الذي يعول عائلة مكونة من طفلين ويبلغ دخله الشهري أكثر من 7178 يورو أما الفقير فهو من يعيش بمفرده ويكسب أقل من 60% من متوسط دخل الطبقة المتوسطة أي ما يعادل 781 يورو شهريا ووفقا لهذه الحسابات فإن خطر الفقر يهدد 13% من مجمل عدد السكان في ألمانيا.