في مفاجأة لم يتوقعها أحد تم أمس الغاء مزاد بيع بنك القاهرة لمستثمر رئيسي وذلك لأجل غير مسمي، وبرر محمد بركات رئيس بنكي مصر والقاهرة عملية الالغاء أن العروض المقدمة من قبل المتنافسين لم تصل إلي السعر الذي حددته اللجنة المسئولة عن عملية التقييم، ورفض بركات الافصاح عن القيمة المحددة من قبل اللجنة. وكانت 3 بنوك عربية وعالمية قد دخلت أمس في منافسة حادة للفوز بصفة شراء 67% من أسهم بنك القاهرة البالغ رأسماله المدفوع 1.6 مليار جنيه وبحد أدني 51% وضمت قائمة هذه البنوك الأهلي اليوناني وتحالف البنك العربي الأردني وتحالف بنك المشرق الاماراتي، في حين تم استبعاد عرض مقدم من مجموعة سامبا المالية السعودية بسبب الشروط التي وضعها بشأن البنك المطروح للبيع. أما المتنافس الخامس وهو بنك ستاندرد شارتريد البريطاني فقد انسحب من الصفقة مبكراً حيث لم يقدم عرضا ماليا من الأصل. ولم يكشف عن أسباب هذا القرار المفاجئ حيث إن كثيرين كانوا يتوقعون فوز البنك البريطاني بالصفقة بسبب اصراره علي اقتحام السوق المصري منذ سنوات ودخوله في المنافسة علي عدة بنوك مصرية منها مصر أمريكا الدولي والاسكندرية والمصري الامريكي. وشهد مزاد أمس تقدم البنك الأهلي اليوناني علي نظيريه المشرق والعربي، حيث تردد أن البنك اليوناني عرض في الصفقة نحو 2.025 مليار دولار مقابل 1.3 مليار دولار للمشرق و1.1 مليار دولار للعربي، الا ان محمد بركات رئيس اللجنة المشرفة علي الصفقة رفض الكشف عن أية أرقام تتعلق بالصفقة. وقال المستشار احمد حسان نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس لجنة فض المظاريف انه لا يجوز الافصاح عن سعر التقييم الذي حددته الدولة طبقا لنصوص القانون. وكان د.أحمد نظيف رئيس الوزراء قد توقع في وقت سابق أن تدر صفقة بنك القاهرة علي ميزانية الدولة نحو 1.6 مليار دولار، كما توقع د.فاروق العقدة محافظ البنك المركزي أن تتراوح قيمة الصفقة ما بين 12 و15 مليار جنيه. وكانت صفقة بنك القاهرة من نصيب البنك الأهلي اليوناني حتي اللحظات الاخيرة، خاصة مع قيام البنك بتعديل عرضه المالي اكثر من مرة وزيادته في الجولة الاخيرة من 9.1 مليار دولار إلي أكثر من ملياري دولار، إلا أن اللجنة المسئولة عن اختيار العرض الفائز طالبته بتعديل سعره مرة أخري ليتجاوز سعر التقييم المحدد من قبل السلطات المصرية، وهو ما رفضه البنك اليوناني حيث أكد أن سعره هو السعر العادل وأن البنك لا يستحق أكثر من ذلك. وازاء تحفظ البنك اليوناني علي عدم اجراء زيادات جديدة علي السعر المقدم ورفض البنكين الآخرين تعديل أسعارهما قررت اللجنة المسئولة عن ملف البنك الغاء المزاد وعدم تحديد موعد جديد له. واعقب قرار الغاء المزاد غموض حول مستقبل بنك القاهرة وما اذا كان سيتم طرحه للبيع مرة أخري أم لا، إلا أن محمد بركات بدد هذا الغموض قائلا إن فكرة البيع مطروحة لكن لن يتم تحديد موعدها إلا في الوقت المناسب، وأشار إلي أنه في حالة طرح البنك مجددا للبيع سوف تتم اعادة النظر في التقييم الحالي، وقال انه في حالة طرح البنك للبيع سيتم تلقي عروض جديدة ومن حق المتنافسين الحاليين المنافسة علي الصفقة القادمة. وعلي مستوي مستقبل البنك قال محمد بركات إن بنك مصر سيواصل خطة اعادة هيكلة بنك القاهرة باعتباره أحد الأصول الاستثمارية المملوكة له، واكد انه تم قطع شوط كبير في خطة اعادة الهيكلة حيث تم تنظيف المحفظة الائتمانية لبنك القاهرة وأن خدماته ستشهد نوعاً من التوسع في الفترة المقبلة، وهو ما انعكس ايجابيا علي المركز المالي للبنك الذي شهد قفزة في الأرباح خلال العام المالي الحالي 2007 - 2008. وعودة إلي مزاد أمس قال محمد بركات في تصريحات خاصة ل "العالم اليوم" ان استبعاد مجموعة سامبا من سباق المنافسة علي صفقة بنك القاهرة جاء بسبب الاشتراطات التي طلبوها من اللجنة المسئولة عن عملية البيع، واشار إلي أن المجموعة المالية السعودية انهت بالفعل الفحص النافي للجهالة، وقبل تقديم العروض بفترة وجيزة طلبت بعض الاشتراطات التي بحثتها اللجنة ورفضتها جميعها. ورداً علي سؤال آخر ل "العالم اليوم" حول مدي انعكاس الأزمة العقارية الامريكية علي صفقة بنك القاهرة، حيث ان ستاندرد شارتريد تأثر سلبا بالازمة قال رئيس بنكي مصر والقاهرة ان الازمة لم تؤثر سلبا علي الصفقة، وبرر ذلك بأن البنوك التي قدمت عروضها استمرت في الصفقة حتي النهاية باستثناء البنك البريطاني. وكانت صفقة بيع بنك القاهرة قد تعرضت لانتقادات شديدة من قبل قطاع كبير من الرأي العام والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وذلك بسبب مخالفة الحكومة لوعود سابقة بعدم بيع بنك قطاع عام آخر عقب بيع 80% لبنك سان باولو الايطالي ورغم هذه المعارضة واصلت الحكومة خطة بيع ثاني بنك قطاع عام في مصر وان خفضت النسبة المطروحة من 80% إلي 51% وبحد اقصي 67%.