أشعر أحيانا بأن مصر لا توجد بها حكومة واحدة، وإنما عدة حكومات، وبالتالي فلدينا عدد من رؤساء الوزراء وليس رئيس وزراء واحدا.. وهذا الشعور بسبب أن أي وزير في حكومتنا الرشيدة له الحق في أن يصدر ما يشاء من قرارات قد تتعارض مع قرارات زميل له في مجلس الوزراء الذي يفتقر إلي ما يسمي بالانسجام الوزاري والتنسيق فيما بين الوزارات. ومثال ذلك الوزير الدكتور يوسف غالي وزير المالية، الذي يغرد خارج السرب - كما يقولون - فقد تعود أن يصدر القرار تلو القرار وكأنه اللاعب الوحيد في الملعب ثم يقوم بتبرير ذلك بشرح غير مفهوم وغير منطقي، مما يؤكد علي أنه وزير غير سياسي رغم أنه عضو في مجلس الشعب، ولكنه لا يعرف كيف يتعامل مع الشعب، وصارت قراراته تمثل عبئا علي موظفي وزارة المالية ذاتها. وفي مجال آخر يقول بعض المحللين كلاما غريبا حول ما يجري علي الساحة السياسية الوطنية، منها علي سبيل المثال الكلام الذي يدور حول إعادة تنظيم الحياة الحزبية، إن هؤلاء الناس إنما هم يشعرون بالفراع الذي تعيشه الحياة الحزبية الآن، وهو فراغ ناتج عن عدم قيام الأحزاب بواجباتها تجاه أفراد الشعب، ولا يتحدث هؤلاء "المحللون" عن ظروف وملابسات الوصول إلي هذا الفراغ، ولذلك سيبقي كلامهم لا معني له طالما تجنبوا الحديث عن الجهات التي تعمل دائما للوصول إلي هذا الفراغ، وكيف أننا ابتلينا بهذه الظاهرة في حياتنا السياسية، وفي الحقيقة فإن هؤلاء "المحللين" يتجاهلون بكل بساطة الحقيقة الأساسية في المشهد السياسي.. و"علية القوم" الذين نتحدث عنهم وجدوا أنفسهم في مواقع حساسة ومهمة في الدائرة الضيقة لصنع القرار الاقتصادي والسياسي، وينظرون إلي هذه المؤسسات علي أنها شكل من أشكال الديكور السياسي وهم بالتأكيد في وضع لا يؤهلهم للتواجد في هذه المواقع الحساسة ويؤثرون في قراراتها. وأخيرا.. طالما ظل الحال علي ما هو عليه، فإن الشعور الذي ينتابني بأن مصر بها عدد كبير من الحكومات تحكم وأن حكومة واحدة لا تكفي فليس أمامنا سوي الصبر والدعاء لله عز وجل أن يجعل أيامنا كلها سعادة.. وهناء.. آمين.