أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    في يوم العمل الإنساني.. دعم إماراتي متواصل لإغاثة المحتاجين حول العالم    حسام المندوه: عقدنا جلسة مع وزير الإسكان وجاري حل أزمة أرض أكتوبر    مساعد وزير الداخلية الأسبق: 50 جنيهًا غرامة عبور المشاة عشوائيًا.. والمطلوب هو التطبيق الفعلي    «الأهم تدعوا لها».. محمود سعد يرد على شائعات تدهور حالة أنغام الصحية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    "تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بالصور العرض الخاص لدرويش في الرياض بحضور عمرو يوسف والفيلم تجاوز 10 ملايين جنيه في أربعة أيام عرض بمصر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محرز يقود تشكيل الأهلي المتوقع أمام القادسية في السوبر السعودي    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الحكومة.. المنصب الذى ألغاه الدستور فى مصر
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 06 - 2009

◄ الرئيس عبدالناصر لم يعترف يوما بمنصب رئيس الحكومة وكان يعتبره وظيفة شرفية لا أكثر.. وكل رؤساء الحكومات فى عهده رآهم مجرد معاونين له ينفذون أوامره وتوجيهاته وسياساته لا أكثر.. والرئيس السادات حين بدأ الإعداد لحرب أكتوبر رأى أنه لا داعى لمثل هذا الهزل وهذا الديكور السياسى الذى هو رئاسة الحكومة وقرر أن يصبح بنفسه رئيسا لحكومة الإعداد والتجهيز للمعركة
بحكم الدستور فإن رئيس الحكومة مطالب فقط بالإشراف على أعمال الحكومة.. عبارة غامضة قد تتسع لكل وأى شىء.. وقد لا تعنى شيئا على الإطلاق.. وهى غالبا لا تعنى شيئا لأن نفس الدستور أعطى لرئيس الجمهورية كل الحقوق ولم يمنح أو يحدد أى حق لرئيس الحكومة.. بل إنه وفقا للدستور فإن رئيس الحكومة ليس من حقه تعيين الوزراء أو إعفاؤهم.. كما أنه وبنص الدستور لا تعود هناك ضرورة أو دور لرئيس الوزراء إذا قرر رئيس الجمهورية فجأة حضور اجتماعات مجلس الوزراء أو الدعوة لانعقادها.. بل يمكن لرئيس الجمهورية أن يلغى تماما وجود رئيس الحكومة ويطلب التقارير والمعلومات المباشرة من الوزراء.
لا أزال أتحدث عن الدكتور أحمد نظيف كرئيس لحكومة مصر.. ولا أزال أغامر وأخاطر وأفتح هذا الملف الشائك وأطرح هذا السؤال الذى لم يطرحه أحد من قبل.. هل منصب رئيس الحكومة المصرية منصب حقيقى أم شرفى؟.. وهل تحتاج مصر بالفعل إلى رئيس للحكومة أم أنه ممكن الاكتفاء بحكومة تضم وزراء لا أول لهم ولا آخر ويديرها ويديرهم رئيس الجمهورية؟.. وما هى الأسس والمعايير التى لابد من الاستناد إليها إذا أردنا تقييم أداء الدكتور أحمد نظيف ومحاسبته على أخطاء وكوارث وخطايا السنوات الخمس أو مكافأته على إنجازاته ونجاحاته كرئيس للحكومة فى مصر.
وبدأت فى الأسبوع الماضى رحلة البحث عن إجابات لمثل هذه الأسئلة وغيرها.. وقادتنى الرحلة إلى البدايات التى استلزمت العودة إلى كتب التاريخ ومصادره وحكاياته.. وهى الحكايات التى أفادت بأن الحكومة فى مصر لم توجد أصلا إلا بضغوط أجنبية وأوروبية لم يكن فى وسع الخديو إسماعيل رفضها أو تجاهلها.. لكن إسماعيل باشا الذى اضطر للاستسلام ووافق فى الثامن والعشرين من شهر أغسطس عام 1878 على تشكيل حكومة لأول مرة فى تاريخ مصر.. لم يعترف بضرورة هذه الحكومة وقيمتها أو ضرورتها.. ولم يكن الخديو إسماعيل وحده.. وإنما تقاسم معه ذلك كل الذين تعاقبوا بعده على حكم مصر بلا استثناء.. كلهم تعاملوا مع حكوماتهم باعتبارها مجرد وجاهة سياسية واستكمال لأشكال ونظم تبدو على الورق لامعة وبراقة بينما هى فى الحقيقة أمور هامشية وشكلية يمكن الاستغناء عنها فى أى وقت وتغييرها لأى سبب.. حتى أن الرئيس عبدالناصر لم يعترف يوما بمنصب رئيس الحكومة.. وكان يراه وظيفة شرفية لا أكثر.. وكل رؤساء الحكومات فى دولة جمال عبدالناصر.. رآهم الزعيم الراحل مجرد معاونين له ينفذون أوامره وتوجيهاته وسياساته لا أكثر.. والرئيس السادات حين بدأ الإعداد لحرب أكتوبر.. وأحس بخطورة التحدى وضرورة جدية الاستعداد لمثل تلك الحرب المصيرية.. رأى أنه لا داعى لمثل هذا الهزل وهذا الديكور السياسى الذى هو رئاسة الحكومة، وقرر السادات أن يصبح بنفسه رئيسا لحكومة الإعداد والتجهيز للمعركة.
وعلى الرغم من مئات الحكايات والقصص والوقائع التى تؤكد كلها أن مصر أبدا لم تعترف ولم تحترم مثل هذا المنصب الذى هو رئيس الحكومة.. فإن أحدا فى مصر لا يلقى الهجوم والسخرية والانتقاد التى يلقاها أى رئيس للحكومة فى مصر.. وكأن رئيس الحكومة يتقاضى راتبه ويستمتع بكل مخصصاته وامتيازاته فقط كمقابل لكل ما يتعرض له من هجوم وسخرية.. وهو ما يعنى أننا أمام حالة مصرية خاصة ودائمة ولافتة للانتباه والاهتمام والانزعاج أيضا.. فهناك فى مصر وظائف كثيرة يختلف شكلها عن مضمونها.. تختلف امتيازاتها عن حقيقة حجمها.. وفى أحيان كثيرة لا يغدو مطلوبا من شاغلى مثل هذه الوظائف أكثر من أن يكونوا دائما هم كبش الفداء والضحايا الذين لابد منهم لتهدئة الرأى العام أو إرضائه وامتصاص غضبه وثوراته.. وبالتأكيد فإن منصب رئيس الحكومة هو أحد تلك الوظائف.. والدليل هو الدستور المصرى نفسه.. ليس التاريخ وحكاياته ولا السياسة وأسرارها.. ولكن الدستور الذى يحكمنا كلنا والذى هو مرجعيتنا الأخيرة والفيصل عند أى خلافات فى الرؤى أو وجهات النظر وحتى أحكام القضاء.. وإذا كانت السينما الأمريكية وأفلامها قد علمت العالم كله وأجبرته على أن يحفظ التعديل الرابع فى الدستور الأمريكى بشأن حرية تداول المعلومات أو بقية المواد والتعديلات الأخرى.. فقد آن الأوان أن نتأمل دستورنا نحن ولكن ليس على طريقة فيلم «عايز حقى» للفنان الجميل هانى رمزى.. وإنما لنحاول أن نفهم ما هى واجبات ومهام أى رئيس للحكومة فى مصر.. وأبدأ بأول دستور لمصر.. وبالأمر الملكى الصادر سنة 1923 بوضع نظام دستورى للدولة المصرية.. وفى هذا الدستور الذى لم يعش طويلا.. كان هناك اعتراف واضح بالحكومة ودورها وقيمتها.. بل إن المادة 57 نصت صراحة وبحسم ووضوح على أن مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة.. واشترطت المادة 59 ألا يتولى الوزارة أحد من أعضاء الاسرة المالكة.. أما المادة 60.. فكانت أكثر حزما ووضوحا وصرامة.. فقد أكدت هذه المادة أن قرارات الملك وتوقيعاته فى أى من شئون الدولة.. لابد أن يوقع ويوافق عليها رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصون لتصبح سارية.. وجاءت المادة 62 لتؤكد أن أوامر الملك.. سواء كانت شفهية أو كتابية.. لا تعفى الوزراء من المسئولية.. وهو ما يعنى أن الفترة الاستثنائية التى عاشتها مصر مع دستور 1923.. كانت أيضا فترة استثنائية للحكومة المصرية.. وفيما عدا ذلك.. لم يعد هناك معنى أو دور أو قيمة للحكومة ورئيسها.. والدليل هو أننا نقرأ فى دستورنا الحالى والقائم.. وفى الفصل الثالث من هذا الدستور والخاص بالسلطة التنفيذية.. وبالتحديد فى المواد من 138 وحتى 141.. أن رئيس الجمهورية يشارك مجلس الوزراء فى وضع السياسة العامة للدولة.. وأن رئيس الجمهورية يملك حق تعيين رئيس الوزراء وحق إعفائه من منصبه.. وأن الرئيس هو الذى يعين نواب رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم.. وأخيرا فإن رئيس الجمهورية أيضا له الحق فى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد.. ومن حقه حضور جلساته.. وتكون له رئاسة الجلسات التى يحضرها.. كما أن لرئيس الجمهورية أيضا الحق فى طلب تقارير من الوزراء مباشرة.. وإذا كانت هذه هى سلطات رئيس الجمهورية كما أعطاها له الدستور.. فإن نفس الدستور حين يأتى الحديث فيه بشأن الحكومة.. يؤكد أن الحكومة هى الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة.. وأن رئيس الوزراء هو الذى يشرف على أعمال الحكومة.
أى أننا.. حين يدور أى حديث عن رئيس للحكومة فى مصر.. وبحكم الدستور ونصوص مواده.. نجد أنفسنا أمام رجل يقرر الدستور أنه يشرف على أعمال الحكومة.. هكذا فقط.. عبارة غامضة قد تتسع لكل وأى شىء.. وقد لا تعنى شيئا على الإطلاق.. وهى غالبا لا تعنى شيئا لأن نفس الدستور الذى اكتفى بمهمة الإشراف على الحكومة كوظيفة وحيدة لرئيس الوزراء.. هو نفسه الدستور الذى أعطى لرئيس الجمهورية كل الحقوق ولم يمنح أو يحدد أى حق لرئيس الحكومة.. بل إنه وفقا للدستور فإن رئيس الحكومة ليس من حقه تعيين الوزراء أو إعفائهم.. بل ليس من حق رئيس الحكومة حتى تعيين نوابه.. كما أنه وبنص الدستور لا تعود هناك ضرورة أو دور لرئيس الوزراء إذا قرر رئيس الجمهورية فجأة حضور اجتماعات مجلس الوزراء أو الدعوة لانعقادها.. بل ويمكن لرئيس الحكومة أن يلغى تماما وجود رئيس الحكومة ويطلب التقارير والمعلومات المباشرة من الوزراء دونما حاجة لرئيس حكومة أو حتى لاجتماعات مجلس الوزراء.. وأنا بكل هذه المقدمة الطويلة.. لا أقصد فقط أننى أرفض أى انتقاد للدكتور أحمد نظيف لأنه فى الواقع والحقيقة وبحكم الدستور ليس مسئولا عن أى شىء.. ولا أقصد أيضا انتقاد الرئيس مبارك باعتباره المسئول الأول والأوحد عن الحكومة وليس رئيس الحكومة الذى لا يملك شيئا من أمره أو أمر الحكومة التى يرأسها.. لأن هذا الدستور هو الذى كان قائما وبنفس الصلاحيات فى دولة الرئيس السادات وفى دولة الرئيس جمال عبدالناصر.. وأحببت توضيح ذلك حتى لا يتحول الأمر كعادتنا إلى الفرعيات ونسيان الجذور والأصول.. وحتى لا نغرق فى المقارنات بين الرؤساء الثلاثة وتصبح المناطحة بين الأنصار والأتباع هى القضية.. ففى واقع الأمر لم يتشابه الرؤساء الثلاثة لمصر إلا فى أشياء قليلة جدا.. منها عدم الاعتراف بالحكومة ورئيسها كمسئول سياسى له قوته ومكانته وسياساته ورؤاه وقراراته.. وإنما أقصد أن نعرف وأن نفهم.. وأن ندرك أن المقارنات الطويلة التى نعقدها بين الحين والآخر بشأن رؤساء الحكومات المصرية وإنجازاتهم وعطائهم.. هى مجرد مقارنات شكلية وسطحية لأن الفوارق الشخصية بين رئيس للحكومة وآخر لا تتجاوز بأى حال نسبة تقل عن العشرة بالمائة.. وهى غالبا فوارق إعلامية وتتعلق بالمظهر العام وبالشكل وأسلوب الخطابات والتصريحات وتقديم البيانات تحت قبة البرلمان.. أما السياسة الحقيقية.. سواء أكانت إنجازات ونجاحات أم فشلا وإخفاقا.. فليس لرئيس الحكومة أى دور بشأنها ولا يمكن محاسبته عليها ولا حتى التصفيق له ومكافأته.
وقد عدت لكتب القانون والفقه الدستورى والنظم السياسية محاولا أن أعرف وأفهم.. واستبعدت النظم البرلمانية التى يصبح فيها رئيس الوزراء هو الحاكم الأول والحقيقى للبلاد.. من المملكة المتحدة إلى الهند إلى اليابان إلى إسرائيل.. وحيث الانتخابات البرلمانية هى التى تأتى بالحكومات وتمنحها ما تحتاج إليه من سلطة وقوة.. وتوقفت أمام نظامين فقط هما اللذان يمكن الاسترشاد بهما فى الحالة المصرية.. النظام الرئاسى المطبق فى الولايات المتحدة الأمريكية.. والنظام شبه الرئاسى الذى تعتمده فرنسا.. وفى النظام الرئاسى.. الأمريكى.. يتولى الرئيس مباشرة وفى نفس الوقت رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة معا.. وليس هناك منصب اسمه رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء.. ولا توجد هناك مسئولية تضامنية للحكومة أو للوزراء مجتمعين.. ولا يجوز تعيين وزراء من أعضاء البرلمان.. والوزراء هم مجرد مساعدين للرئيس ولا يأتمرون إلا بأمره.. ولا يحق للرئيس حل البرلمان أو التدخل فى شئونه وفى المقابل لا يملك البرلمان أى حقوق حيال الرئيس إلا إذا قام الرئيس بخرق الدستور أو لم يوف بما أقسم عليه فى اليمين الدستورى لحظة تولى الرئاسة.. أما النظام شبه الرئاسى.. أى الفرنسى.. حيث السلطة تصبح فى يد رئيس الجمهورية.. ولكن هناك أيضا رئيس للحكومة.. ورئيس الجمهورية هو الذى يعين رئيس الحكومة أو يقيله.. ويعين الوزراء بعد اقتراحات يتقدم بها رئيس الحكومة.. والرئيس غير مسئول سياسيا لكنه مسئول جنائيا فقط.. أما رئيس الحكومة فهو الذى.. وبنص الدستور.. يتولى رسم وتوجيه سياسة الأمة.. واقتراح القوانين.. تحديد جدول البرلمان.. له حق إصدار مراسم تشريعية بتفويض من البرلمان.. كما أنه هو الذى يرأس السلطة التنفيذية بكافة مجالاتها وآفاقها.
وهو ما يعنى أننا فى مصر.. قطعا لا نتبع النظام البرلمانى ورئيس الحكومة عندنا ليس هو الحاكم الأول وقائد الدولة الحقيقى.. وبالتأكيد لسنا نتبع النظام الرئاسى كما فى الولايات المتحدة.. وأصبح الآن واضحا أننا أيضا لا نتبع النظام شبه الرئاسى الذى تطبقه فرنسا، لأن رئيس الحكومة فى مصر لا يملك أيا من السلطات والصلاحيات التى يملكها رئيس الحكومة فى فرنسا.. وأتحدى لو أن هناك رئيس حكومة واحدا فى تاريخ مصر الجمهورية زعم بأنه كان يحدد سياسة الأمة ويقودها.. وأظن أن هذا هو أول ما يلزم الاتفاق عليه قبل أن نناقش الدكتور أحمد نظيف ودرجة إجادته أو نجاحه فى حمل أعباء وواجبات رئيس الحكومة.. وبهذا الاتفاق.. أدعوكم جميعا لتأمل نصوص خطاب تكليف الدكتور أحمد نظيف برئاسة الحكومة.. ففى هذا الخطاب بدأ الرئيس مبارك كلامه مؤكدا أنه تم تحقيق انجازات ملموسة لا تنكر فى ظل ظروف بالغة الصعوبة.. وأظن أن كاتب الخطاب أو القرار الجمهورى خانه التوفيق فى ذلك.. فإذا كانت حكومة الدكتور عاطف عبيد قد نجحت فى تحقيق هذه الإنجازات التى لا تنكر.. فلماذا كان تغييرها إذن.. لا أحد يعرف.. ولا أحد يسأل.. ولا أحد يهتم أيضا.. وعلى أى حال أواصل القراءة فى الخطاب الرسمى للرئيس مبارك بتكليف الدكتور أحمد نظيف برئاسة الحكومة.. وأتوقف عند طلب الرئيس مبارك من رئيس جديد للحكومة بأن يحاول.. السيطرة على مشكلة التزايد السكانى.. توفير التعليم الذى يتفق مع معايير العصر الحديث ومتطلباته.. تكثيف المعرفة.. الاهتمام بوسائل حفظ المعلومات واستخدامها.. الارتقاء بالملكات الإبداعية الخلاقة للأفراد والمجتمع.. رفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة.. تهيئة المناخ المناسب لزيادة تنافسية المنتج المحلى فى الأسواق العالمية.. تحقيق طفرة ملموسة فى التصدير.. منح أولوية كبيرة لقضية الاستثمار والتوظيف.
وأظن أن أحدا لم يتوقف كثيرا من قبل أمام خطابات رسمية تحمل توقيع رئيس الجمهورية بتكليف أحدهم بتشكيل حكومة جديدة فى مصر.. نتعامل كلنا مع الأمر باعتباره روتينا لا يستحق الانشغال أو حتى الالتفات.. ننشغل كلنا بالحكومة الجديدة والوزراء الذين خرجوا والذين دخلوا.. وبطرائف المكالمات التليفونية واللقاءات التى سبقت تشكيل الوزارة وإعلانها.. ولكن نادرا ما نقف عند خطاب تشكيل الوزارة والذى غالبا تنشره الصحف فى الصفحات الداخلية متخيلة أن الأهمية دوما لصورة تجمع بين رئيس الجمهورية وبين رئيس جديد للحكومة.. ولصور شخصية للوزراء الجدد والمدارس الابتدائية والثانوية التى تخرجوا فيها والمناصب التى شغلوها قبل اختيارهم كوزراء.. مع أنه فى ظل غياب واضح وفادح وفاضح لأى مهام دستورية لرئيس الحكومة.. لا يبقى أمامنا إلا خطاب التكليف الرسمى حتى يصبح هذا هو المرجعية بيننا وبينه.. الأسس التى سنرتكن إليها ونحن نحاسب الدكتور أحمد نظيف.. ونحاكمه لنلعنه أو نكافئه ونعلن فشله أو نجاحه.. وهو ما أنوى القيام به الأسبوع المقبل.. ومحاكمة الدكتور أحمد نظيف سواء كرئيس للحكومة.. أو كأحمد نظيف.
لمعلوماتك...
◄7 عدد رؤساء وزراء مصر فى عهد مبارك
◄10 أكتوبر عام 1999 تولى د. عاطف عبيد رئاسة الحكومة حتى
9 يوليو 2004


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.