الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى معرض دبى الدولى للطيران    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى مصر بتصنيف كيواس للتنمية المستدامة    ارتفاع أسعار الذهب في آسيا مع تصاعد المخاوف من الإنفاق المالي والتقلبات في الأسواق العالمية    خلال جولته الترويجية بفرنسا.. رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في مؤتمر طموح أفريقيا    المشاط تبحث توسيع نطاق برنامج مبادلة الديون من أجل التنمية مع نظيرتها الألمانية    الحكومة: تسليم 265 كيلو ذهب بقيمة 1.65 مليار جنيه للبنك المركزي.. رسالة جديدة لدعم الاقتصاد الوطني    19 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    التضخم في بريطانيا يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    تداول 97 ألف طن و854 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    زيلينسكي في تركيا.. محادثات تغيب عنها روسيا بهدف إنهاء حرب أوكرانيا    زيلينسكي: روسيا أطلقت أكثر من 470 مسيرة و48 صاروخًا على أوكرانيا    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض دبى الدولى للطيران 2025    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    رئيس القابضة لمصر للطيران في زيارة تفقدية لطائرة Boeing 777X    صلاح ينافس على جائزتين في جلوب سوكر 2025    حبس عاطل عثر بحوزته على ربع كيلو هيروين في العمرانية    أخبار الطقس في الكويت.. أجواء معتدلة خلال النهار ورياح نشطة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    الحبس 15 يوما لربة منزل على ذمة التحقيق فى قتلها زوجها بالإسكندرية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    6 مطالب برلمانية لحماية الآثار المصرية ومنع محاولات سرقتها    معرض «رمسيس وذهب الفراعنة».. فخر المصريين في طوكيو    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال تطوير مستشفى طلخا المركزي وإنشاء فرع جديد لعيادة التأمين الصحي    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    تنمية متكاملة للشباب    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الحكومة.. المنصب الذى ألغاه الدستور فى مصر
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 06 - 2009

◄ الرئيس عبدالناصر لم يعترف يوما بمنصب رئيس الحكومة وكان يعتبره وظيفة شرفية لا أكثر.. وكل رؤساء الحكومات فى عهده رآهم مجرد معاونين له ينفذون أوامره وتوجيهاته وسياساته لا أكثر.. والرئيس السادات حين بدأ الإعداد لحرب أكتوبر رأى أنه لا داعى لمثل هذا الهزل وهذا الديكور السياسى الذى هو رئاسة الحكومة وقرر أن يصبح بنفسه رئيسا لحكومة الإعداد والتجهيز للمعركة
بحكم الدستور فإن رئيس الحكومة مطالب فقط بالإشراف على أعمال الحكومة.. عبارة غامضة قد تتسع لكل وأى شىء.. وقد لا تعنى شيئا على الإطلاق.. وهى غالبا لا تعنى شيئا لأن نفس الدستور أعطى لرئيس الجمهورية كل الحقوق ولم يمنح أو يحدد أى حق لرئيس الحكومة.. بل إنه وفقا للدستور فإن رئيس الحكومة ليس من حقه تعيين الوزراء أو إعفاؤهم.. كما أنه وبنص الدستور لا تعود هناك ضرورة أو دور لرئيس الوزراء إذا قرر رئيس الجمهورية فجأة حضور اجتماعات مجلس الوزراء أو الدعوة لانعقادها.. بل يمكن لرئيس الجمهورية أن يلغى تماما وجود رئيس الحكومة ويطلب التقارير والمعلومات المباشرة من الوزراء.
لا أزال أتحدث عن الدكتور أحمد نظيف كرئيس لحكومة مصر.. ولا أزال أغامر وأخاطر وأفتح هذا الملف الشائك وأطرح هذا السؤال الذى لم يطرحه أحد من قبل.. هل منصب رئيس الحكومة المصرية منصب حقيقى أم شرفى؟.. وهل تحتاج مصر بالفعل إلى رئيس للحكومة أم أنه ممكن الاكتفاء بحكومة تضم وزراء لا أول لهم ولا آخر ويديرها ويديرهم رئيس الجمهورية؟.. وما هى الأسس والمعايير التى لابد من الاستناد إليها إذا أردنا تقييم أداء الدكتور أحمد نظيف ومحاسبته على أخطاء وكوارث وخطايا السنوات الخمس أو مكافأته على إنجازاته ونجاحاته كرئيس للحكومة فى مصر.
وبدأت فى الأسبوع الماضى رحلة البحث عن إجابات لمثل هذه الأسئلة وغيرها.. وقادتنى الرحلة إلى البدايات التى استلزمت العودة إلى كتب التاريخ ومصادره وحكاياته.. وهى الحكايات التى أفادت بأن الحكومة فى مصر لم توجد أصلا إلا بضغوط أجنبية وأوروبية لم يكن فى وسع الخديو إسماعيل رفضها أو تجاهلها.. لكن إسماعيل باشا الذى اضطر للاستسلام ووافق فى الثامن والعشرين من شهر أغسطس عام 1878 على تشكيل حكومة لأول مرة فى تاريخ مصر.. لم يعترف بضرورة هذه الحكومة وقيمتها أو ضرورتها.. ولم يكن الخديو إسماعيل وحده.. وإنما تقاسم معه ذلك كل الذين تعاقبوا بعده على حكم مصر بلا استثناء.. كلهم تعاملوا مع حكوماتهم باعتبارها مجرد وجاهة سياسية واستكمال لأشكال ونظم تبدو على الورق لامعة وبراقة بينما هى فى الحقيقة أمور هامشية وشكلية يمكن الاستغناء عنها فى أى وقت وتغييرها لأى سبب.. حتى أن الرئيس عبدالناصر لم يعترف يوما بمنصب رئيس الحكومة.. وكان يراه وظيفة شرفية لا أكثر.. وكل رؤساء الحكومات فى دولة جمال عبدالناصر.. رآهم الزعيم الراحل مجرد معاونين له ينفذون أوامره وتوجيهاته وسياساته لا أكثر.. والرئيس السادات حين بدأ الإعداد لحرب أكتوبر.. وأحس بخطورة التحدى وضرورة جدية الاستعداد لمثل تلك الحرب المصيرية.. رأى أنه لا داعى لمثل هذا الهزل وهذا الديكور السياسى الذى هو رئاسة الحكومة، وقرر السادات أن يصبح بنفسه رئيسا لحكومة الإعداد والتجهيز للمعركة.
وعلى الرغم من مئات الحكايات والقصص والوقائع التى تؤكد كلها أن مصر أبدا لم تعترف ولم تحترم مثل هذا المنصب الذى هو رئيس الحكومة.. فإن أحدا فى مصر لا يلقى الهجوم والسخرية والانتقاد التى يلقاها أى رئيس للحكومة فى مصر.. وكأن رئيس الحكومة يتقاضى راتبه ويستمتع بكل مخصصاته وامتيازاته فقط كمقابل لكل ما يتعرض له من هجوم وسخرية.. وهو ما يعنى أننا أمام حالة مصرية خاصة ودائمة ولافتة للانتباه والاهتمام والانزعاج أيضا.. فهناك فى مصر وظائف كثيرة يختلف شكلها عن مضمونها.. تختلف امتيازاتها عن حقيقة حجمها.. وفى أحيان كثيرة لا يغدو مطلوبا من شاغلى مثل هذه الوظائف أكثر من أن يكونوا دائما هم كبش الفداء والضحايا الذين لابد منهم لتهدئة الرأى العام أو إرضائه وامتصاص غضبه وثوراته.. وبالتأكيد فإن منصب رئيس الحكومة هو أحد تلك الوظائف.. والدليل هو الدستور المصرى نفسه.. ليس التاريخ وحكاياته ولا السياسة وأسرارها.. ولكن الدستور الذى يحكمنا كلنا والذى هو مرجعيتنا الأخيرة والفيصل عند أى خلافات فى الرؤى أو وجهات النظر وحتى أحكام القضاء.. وإذا كانت السينما الأمريكية وأفلامها قد علمت العالم كله وأجبرته على أن يحفظ التعديل الرابع فى الدستور الأمريكى بشأن حرية تداول المعلومات أو بقية المواد والتعديلات الأخرى.. فقد آن الأوان أن نتأمل دستورنا نحن ولكن ليس على طريقة فيلم «عايز حقى» للفنان الجميل هانى رمزى.. وإنما لنحاول أن نفهم ما هى واجبات ومهام أى رئيس للحكومة فى مصر.. وأبدأ بأول دستور لمصر.. وبالأمر الملكى الصادر سنة 1923 بوضع نظام دستورى للدولة المصرية.. وفى هذا الدستور الذى لم يعش طويلا.. كان هناك اعتراف واضح بالحكومة ودورها وقيمتها.. بل إن المادة 57 نصت صراحة وبحسم ووضوح على أن مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة.. واشترطت المادة 59 ألا يتولى الوزارة أحد من أعضاء الاسرة المالكة.. أما المادة 60.. فكانت أكثر حزما ووضوحا وصرامة.. فقد أكدت هذه المادة أن قرارات الملك وتوقيعاته فى أى من شئون الدولة.. لابد أن يوقع ويوافق عليها رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصون لتصبح سارية.. وجاءت المادة 62 لتؤكد أن أوامر الملك.. سواء كانت شفهية أو كتابية.. لا تعفى الوزراء من المسئولية.. وهو ما يعنى أن الفترة الاستثنائية التى عاشتها مصر مع دستور 1923.. كانت أيضا فترة استثنائية للحكومة المصرية.. وفيما عدا ذلك.. لم يعد هناك معنى أو دور أو قيمة للحكومة ورئيسها.. والدليل هو أننا نقرأ فى دستورنا الحالى والقائم.. وفى الفصل الثالث من هذا الدستور والخاص بالسلطة التنفيذية.. وبالتحديد فى المواد من 138 وحتى 141.. أن رئيس الجمهورية يشارك مجلس الوزراء فى وضع السياسة العامة للدولة.. وأن رئيس الجمهورية يملك حق تعيين رئيس الوزراء وحق إعفائه من منصبه.. وأن الرئيس هو الذى يعين نواب رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم.. وأخيرا فإن رئيس الجمهورية أيضا له الحق فى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد.. ومن حقه حضور جلساته.. وتكون له رئاسة الجلسات التى يحضرها.. كما أن لرئيس الجمهورية أيضا الحق فى طلب تقارير من الوزراء مباشرة.. وإذا كانت هذه هى سلطات رئيس الجمهورية كما أعطاها له الدستور.. فإن نفس الدستور حين يأتى الحديث فيه بشأن الحكومة.. يؤكد أن الحكومة هى الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة.. وأن رئيس الوزراء هو الذى يشرف على أعمال الحكومة.
أى أننا.. حين يدور أى حديث عن رئيس للحكومة فى مصر.. وبحكم الدستور ونصوص مواده.. نجد أنفسنا أمام رجل يقرر الدستور أنه يشرف على أعمال الحكومة.. هكذا فقط.. عبارة غامضة قد تتسع لكل وأى شىء.. وقد لا تعنى شيئا على الإطلاق.. وهى غالبا لا تعنى شيئا لأن نفس الدستور الذى اكتفى بمهمة الإشراف على الحكومة كوظيفة وحيدة لرئيس الوزراء.. هو نفسه الدستور الذى أعطى لرئيس الجمهورية كل الحقوق ولم يمنح أو يحدد أى حق لرئيس الحكومة.. بل إنه وفقا للدستور فإن رئيس الحكومة ليس من حقه تعيين الوزراء أو إعفائهم.. بل ليس من حق رئيس الحكومة حتى تعيين نوابه.. كما أنه وبنص الدستور لا تعود هناك ضرورة أو دور لرئيس الوزراء إذا قرر رئيس الجمهورية فجأة حضور اجتماعات مجلس الوزراء أو الدعوة لانعقادها.. بل ويمكن لرئيس الحكومة أن يلغى تماما وجود رئيس الحكومة ويطلب التقارير والمعلومات المباشرة من الوزراء دونما حاجة لرئيس حكومة أو حتى لاجتماعات مجلس الوزراء.. وأنا بكل هذه المقدمة الطويلة.. لا أقصد فقط أننى أرفض أى انتقاد للدكتور أحمد نظيف لأنه فى الواقع والحقيقة وبحكم الدستور ليس مسئولا عن أى شىء.. ولا أقصد أيضا انتقاد الرئيس مبارك باعتباره المسئول الأول والأوحد عن الحكومة وليس رئيس الحكومة الذى لا يملك شيئا من أمره أو أمر الحكومة التى يرأسها.. لأن هذا الدستور هو الذى كان قائما وبنفس الصلاحيات فى دولة الرئيس السادات وفى دولة الرئيس جمال عبدالناصر.. وأحببت توضيح ذلك حتى لا يتحول الأمر كعادتنا إلى الفرعيات ونسيان الجذور والأصول.. وحتى لا نغرق فى المقارنات بين الرؤساء الثلاثة وتصبح المناطحة بين الأنصار والأتباع هى القضية.. ففى واقع الأمر لم يتشابه الرؤساء الثلاثة لمصر إلا فى أشياء قليلة جدا.. منها عدم الاعتراف بالحكومة ورئيسها كمسئول سياسى له قوته ومكانته وسياساته ورؤاه وقراراته.. وإنما أقصد أن نعرف وأن نفهم.. وأن ندرك أن المقارنات الطويلة التى نعقدها بين الحين والآخر بشأن رؤساء الحكومات المصرية وإنجازاتهم وعطائهم.. هى مجرد مقارنات شكلية وسطحية لأن الفوارق الشخصية بين رئيس للحكومة وآخر لا تتجاوز بأى حال نسبة تقل عن العشرة بالمائة.. وهى غالبا فوارق إعلامية وتتعلق بالمظهر العام وبالشكل وأسلوب الخطابات والتصريحات وتقديم البيانات تحت قبة البرلمان.. أما السياسة الحقيقية.. سواء أكانت إنجازات ونجاحات أم فشلا وإخفاقا.. فليس لرئيس الحكومة أى دور بشأنها ولا يمكن محاسبته عليها ولا حتى التصفيق له ومكافأته.
وقد عدت لكتب القانون والفقه الدستورى والنظم السياسية محاولا أن أعرف وأفهم.. واستبعدت النظم البرلمانية التى يصبح فيها رئيس الوزراء هو الحاكم الأول والحقيقى للبلاد.. من المملكة المتحدة إلى الهند إلى اليابان إلى إسرائيل.. وحيث الانتخابات البرلمانية هى التى تأتى بالحكومات وتمنحها ما تحتاج إليه من سلطة وقوة.. وتوقفت أمام نظامين فقط هما اللذان يمكن الاسترشاد بهما فى الحالة المصرية.. النظام الرئاسى المطبق فى الولايات المتحدة الأمريكية.. والنظام شبه الرئاسى الذى تعتمده فرنسا.. وفى النظام الرئاسى.. الأمريكى.. يتولى الرئيس مباشرة وفى نفس الوقت رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة معا.. وليس هناك منصب اسمه رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء.. ولا توجد هناك مسئولية تضامنية للحكومة أو للوزراء مجتمعين.. ولا يجوز تعيين وزراء من أعضاء البرلمان.. والوزراء هم مجرد مساعدين للرئيس ولا يأتمرون إلا بأمره.. ولا يحق للرئيس حل البرلمان أو التدخل فى شئونه وفى المقابل لا يملك البرلمان أى حقوق حيال الرئيس إلا إذا قام الرئيس بخرق الدستور أو لم يوف بما أقسم عليه فى اليمين الدستورى لحظة تولى الرئاسة.. أما النظام شبه الرئاسى.. أى الفرنسى.. حيث السلطة تصبح فى يد رئيس الجمهورية.. ولكن هناك أيضا رئيس للحكومة.. ورئيس الجمهورية هو الذى يعين رئيس الحكومة أو يقيله.. ويعين الوزراء بعد اقتراحات يتقدم بها رئيس الحكومة.. والرئيس غير مسئول سياسيا لكنه مسئول جنائيا فقط.. أما رئيس الحكومة فهو الذى.. وبنص الدستور.. يتولى رسم وتوجيه سياسة الأمة.. واقتراح القوانين.. تحديد جدول البرلمان.. له حق إصدار مراسم تشريعية بتفويض من البرلمان.. كما أنه هو الذى يرأس السلطة التنفيذية بكافة مجالاتها وآفاقها.
وهو ما يعنى أننا فى مصر.. قطعا لا نتبع النظام البرلمانى ورئيس الحكومة عندنا ليس هو الحاكم الأول وقائد الدولة الحقيقى.. وبالتأكيد لسنا نتبع النظام الرئاسى كما فى الولايات المتحدة.. وأصبح الآن واضحا أننا أيضا لا نتبع النظام شبه الرئاسى الذى تطبقه فرنسا، لأن رئيس الحكومة فى مصر لا يملك أيا من السلطات والصلاحيات التى يملكها رئيس الحكومة فى فرنسا.. وأتحدى لو أن هناك رئيس حكومة واحدا فى تاريخ مصر الجمهورية زعم بأنه كان يحدد سياسة الأمة ويقودها.. وأظن أن هذا هو أول ما يلزم الاتفاق عليه قبل أن نناقش الدكتور أحمد نظيف ودرجة إجادته أو نجاحه فى حمل أعباء وواجبات رئيس الحكومة.. وبهذا الاتفاق.. أدعوكم جميعا لتأمل نصوص خطاب تكليف الدكتور أحمد نظيف برئاسة الحكومة.. ففى هذا الخطاب بدأ الرئيس مبارك كلامه مؤكدا أنه تم تحقيق انجازات ملموسة لا تنكر فى ظل ظروف بالغة الصعوبة.. وأظن أن كاتب الخطاب أو القرار الجمهورى خانه التوفيق فى ذلك.. فإذا كانت حكومة الدكتور عاطف عبيد قد نجحت فى تحقيق هذه الإنجازات التى لا تنكر.. فلماذا كان تغييرها إذن.. لا أحد يعرف.. ولا أحد يسأل.. ولا أحد يهتم أيضا.. وعلى أى حال أواصل القراءة فى الخطاب الرسمى للرئيس مبارك بتكليف الدكتور أحمد نظيف برئاسة الحكومة.. وأتوقف عند طلب الرئيس مبارك من رئيس جديد للحكومة بأن يحاول.. السيطرة على مشكلة التزايد السكانى.. توفير التعليم الذى يتفق مع معايير العصر الحديث ومتطلباته.. تكثيف المعرفة.. الاهتمام بوسائل حفظ المعلومات واستخدامها.. الارتقاء بالملكات الإبداعية الخلاقة للأفراد والمجتمع.. رفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة.. تهيئة المناخ المناسب لزيادة تنافسية المنتج المحلى فى الأسواق العالمية.. تحقيق طفرة ملموسة فى التصدير.. منح أولوية كبيرة لقضية الاستثمار والتوظيف.
وأظن أن أحدا لم يتوقف كثيرا من قبل أمام خطابات رسمية تحمل توقيع رئيس الجمهورية بتكليف أحدهم بتشكيل حكومة جديدة فى مصر.. نتعامل كلنا مع الأمر باعتباره روتينا لا يستحق الانشغال أو حتى الالتفات.. ننشغل كلنا بالحكومة الجديدة والوزراء الذين خرجوا والذين دخلوا.. وبطرائف المكالمات التليفونية واللقاءات التى سبقت تشكيل الوزارة وإعلانها.. ولكن نادرا ما نقف عند خطاب تشكيل الوزارة والذى غالبا تنشره الصحف فى الصفحات الداخلية متخيلة أن الأهمية دوما لصورة تجمع بين رئيس الجمهورية وبين رئيس جديد للحكومة.. ولصور شخصية للوزراء الجدد والمدارس الابتدائية والثانوية التى تخرجوا فيها والمناصب التى شغلوها قبل اختيارهم كوزراء.. مع أنه فى ظل غياب واضح وفادح وفاضح لأى مهام دستورية لرئيس الحكومة.. لا يبقى أمامنا إلا خطاب التكليف الرسمى حتى يصبح هذا هو المرجعية بيننا وبينه.. الأسس التى سنرتكن إليها ونحن نحاسب الدكتور أحمد نظيف.. ونحاكمه لنلعنه أو نكافئه ونعلن فشله أو نجاحه.. وهو ما أنوى القيام به الأسبوع المقبل.. ومحاكمة الدكتور أحمد نظيف سواء كرئيس للحكومة.. أو كأحمد نظيف.
لمعلوماتك...
◄7 عدد رؤساء وزراء مصر فى عهد مبارك
◄10 أكتوبر عام 1999 تولى د. عاطف عبيد رئاسة الحكومة حتى
9 يوليو 2004


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.