سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محذرا من خسارة ملاك المساكن في أمريكا 6 إلي 7 تريليونات دولار هذا العام خبير أمريكي يستبعد تكرار الكساد العالمي الكبير ويتوقع استمرار الركود الخفيف حتي 2010
إذا كانت هناك كلمة واحدة يمكن أن تصف المزاج السائد في الاقتصاد الأمريكي حاليا فهي "عدم اليقين" إلي جانب ظلال من الارتباك وعدم الثقة وتقول مجلة "فورتشن" إن أزمة سوق الائتمان الأمريكي الراهنة لم يسبق لها مثيل وإن تداعيات هذه الأزمة لم تزل غير معروفة ولكن بول كروجمان الخبير الاقتصادي في برنستون له آراء في هذه الأزمة تستحق أن نتوقف أمامها، فالرجل يري أن أسعار المساكن الأمريكية سوف تواصل الهبوط ليكون هناك في نهاية العام الحالي 20 مليون مالك أمريكي تقل قيمة كل مسكن يملكونه عن قيمة ما عليهم من ديون الرهنيات، وهذا العدد يمثل نحو 25% من جملة ملاك المساكن في الولاياتالمتحدة، ونحن نعرف أن المالك يستطيع أن يبيع مسكنه إذا كانت الأسعار ترتفع أو كانت قيمة المسكن أعلي مما عليه من ديون الرهنيات، أما إذا كانت الديون أعلي من قيمة المسكن فليس هناك طريق سوي حبس الرهن أي استيلاء الجهة الدائنة علي المسكن وهذه عملية ستكبد الأمريكيين خسائر في رأس المال تتراوج بين 6 - 7 تريليونات دولار، وبعض هذه الخسائر ستقع علي الشركات صاحبة الرهن وتبلغ نحو تريليون دولار وليس 400 - 500 مليار دولار فقط كما يقدرها البعض، ويقول كروجمان إن نسبة التآكل في قيمة المساكن الأمريكية ستكون نحو 25% في المتوسط وقد تنخفض عن ذلك في بعض الأماكن مثل هيوستون واتلانتا، بينما ترتفع إلي نحو 40 - 50% في أماكن مثل ميامي ولوس انجيليس وانه سيكون هناك تأثير حلزوني لأزمة سوق الرهن العقاري علي بقية قطاعات الاقتصاد الأمريكي بما يؤدي إلي ركوده، ولكن من المستبعد أن يتكرر مرة أخري الكساد العظيم الذي ضرب الولاياتالمتحدة والعالم عام 1929 واستمر عدة سنوات. وعدم تكرار الكساد العظيم يرجع إلي أن معلوماتنا عن الاقتصاد صارت أدق وان بنك الاحتياط الأمريكي لديه أدوات وأهداف تتجاوز مجرد المحافظة علي الرصيد الأمريكي من الذهب، كما أن الرد علي الركود لم يعد بمجرد اللجوء إلي التقشف وخفض الإنفاق، كما أن مجرد وجود حكومة فيدرالية كبيرة الآن يعد عامل استقرار، ومع ذلك فإن الأزمة ليست سهلة فهي إزالة كبيرة قد تشبه ما سبق أن مر به الاقتصاد الأمريكي عام 1990 وعام 2001 ولكنها أكبر منهما معا، وما يخشاه الخبراء هو أن يتكرر في أمريكا نمط الركود الياباني. فاليابان لم تعان أبدا من ركود شديد وإنما دخلت الركود ولم تخرج منه أبدا إلا لتعود إليه من جديد بعد فترة وجيزة من التعافي. ويتوقع كروجمان أن يستمر الركود الأمريكي الحالي حتي عام 2010 أو ربما حتي 2011 فهو يري أن آخر ركود أمريكي انتهي في غضون 8 أشهر أما معدل البطالة فقد احتاج عامين آخرين ونصف العام لكي ينخفض، ولذلك لو فرضنا أن الركود الحالي بدأ في يناير 2008 فإنه سوف يستمر حتي يوليو 2010 قبل أن نشعر ببدء التعافي وقد يطول الأمر حتي عام 2011 وينادي كروجمان بأن يواصل بن برنانك رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي خفض أسعار الفائدة حتي لو وصل بها إلي الصفر من أجل توفير الائتمان الرخيص وإقالة الاقتصاد من عثرته، ولا يري الرجل عيبا في ذلك مادامت هناك حاجة إليه ولكن خشيته تتركز علي احتمال ألا يكفي خفض سعر الفائدة إلي الصفر لتنشيط عملية الاقتراض بسعر فائدة منخفض عملية لا جدوي اقتصادية من ورائها بالنسبة لبعض ملاك المساكن. وتقول مجلة "فورتشن" إن سياسة آلان جرينسبان في خفض أسعار الفائدة صنعت فقاعتين الأولي هي فقاعة شركات التكنولوجيا التي انفجرت عام 2000 والثانية هي فقاعة قطاع الإسكان التي انفجرت أخيرا ولكن كروجمان يري أن العيب ليس في خفض أسعار الفائدة وإنما هو يكمن - ربما - فيما لم يتخذه جرينسبان من خطوات بعد خروج الاقتصاد الأمريكي من الركود وينفي كروجمان احتمال حدوث ركود تضخمي، حيث يري أن ارتفاع الأسعار الراهن يرجع إلي تصاعد أسعار الموارد والمواد الخام وليس إلي عيوب هيكلية في النمو الاقتصادي الأمريكي، وينتقد الرجل الحقن الاقتصادي الذي قررته الحكومة الأمريكية برد 165 مليار دولار مرتجعات ضريبية إلي دافعي الضرائب، ويقول إن هذه الأموال لن تعود إلي أناس ينفقونها في السوق لتنشيطه وإنما إلي اناس موسرين سيضعونها في البنوك أو يسددوا بها ما عليهم من ديون في بطاقات الائتمان ولذلك فإن فاعلية هذا الحقن مشكوك فيها، ويدعو الرجل إلي زيادة الانفاق العام، وبالذات علي مشروعات البنية الأساسية، ويؤكد أن المهمة المطلوب إنجازها لصالح الاقتصاد الأمريكي حاليا هي جعل النمو أقل اعتمادا علي انفاق المستهلكين وخفض العجز التجاري وزيادة استثمارات الشركات، ويشير إلي أن انخفاض سعر صرف الدولار يسهم في إنجاز هذه المهام عن طريق تنشيط الصادرات وجذب السياحة وتخفيف جزء من العبء الذي يتحمله الاقتصاد بسبب ارتفاع أسعار البترول.