صيانة العمارات من أهم المشكلات التي تواجه القاطنين بها سواء كانوا ملاكاً أو مستأجرين، فالمستأجر يعتبرها مسئولية صاحب العقار فهي ليست ملكه، ولا يوجد ما يجبره علي دفع المبالغ المخصصة لها وأصحاب العمارات لا يقومون بالإصلاحات اللازمة لضعف الإيجارات، بل يتمنون سقوطها لكي يتمكنوا من جني الملايين لبناء عمارات جديدة مكانها ولاسيما بعد الارتفاع الجنوني في أسعار الأراضي، أما ملاك الوحدات السكنية فبالرغم من ألوف الجنيهات التي دفعوها في شرائها إلا أن البعض منهم لا يتجاوز اهتمامه باب شقته، ويضن بالجنيهات القليلة التي يتم تحصيلها شهريا لأعمال الصيانة والنظافة الخاصة بالعقار. وبحسب احصائيات وزارة الإسكان مؤخراً يبلغ عدد المباني في مصر نحو 9.4 مليون مبني، ويقدر حجم الثروة العقارية في مصر بحوالي 300 مليار جنيه، ولكن 50% من تلك المباني تفتقر إلي أعمال الصيانة، كما تؤكد الاحصائيات وجود مليوني مبني آيل للسقوط و102 ألف مخالفة.. ولا أحد ينفذ بشكل فعال قرارات التنكيس أو الإزالة والكل معرض لحدوث كوارث مثلما حدث في عمارة لوران بالإسكندرية مؤخراً. والجميع يضع أملاً كبيراً في القانون الجديد لاتحاد الشاغرين الذي تتم مناقشته في مجلس الشوري تمهيدا لعرضه علي مجلس الشعب والذي خصص بابا كاملا في القانون لمواجهة هذه الفوضي فالمالك والمستأجر أصبحا أعضاء في الاتحاد، وأصبحت الإدارة المحلية التي تقع في اختصاصها العمارة ملزمة بقوة القانون بترميم العقار نيابة عن المالك في حالة امتناعه عن الإصلاح. ولمحاصرة تهرب بعض السكان من الدفع فرض مشروع القانون غرامات شهرية مالية لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد علي مائة جنيه عن كل شهر تخلف عن دفع اشتراك الصيانة أو الالتزامات المالية فضلا عن إجبار الساكن علي دفع هذه الالتزامات المالية واشتراطات الصيانة. وقد منح مشروع القانون لاتحاد الشاغلين "أو المساهمين" الحق في استصدار أمر من قاضي الأمور الوقتية بأداء الالتزامات المادية، ويترتب علي عدم سداد نفقات الصيانة ما يترتب علي عدم سداد الأجرة من آثار قانونية، مما يؤدي إلي فسخ عقد الإيجار وطرد المستأجر أو الحجز علي عفش الشقة التمليك أو الشقة نفسها. وتدرس محافظة القاهرة تحويل الحجز الإداري إلي حجز مدني علي قاطني الوحدات السكنية، التي امتنع مالكها عن تحمل نفقات ترميمها وتحملتها المحافظة لضمان سدادهم لقيمة الترميمات، علي أن يكون لها حق الامتياز الأول في أرض العقار بعد هدمه. أوقاف وصيانة الدكتور بهاء بكري أستاذ التخطيط البيئي بهندسة القاهرة وعميد المعهد العالي للهندسة المعمارية يبدي أسفه لعدم وجود ثقافة الصيانة سواء لدي المسئولين أو ملاك العقار أو حتي القاطنين به وهذا ما أدي من وجهة نظره إلي تأخر صدور قانون اتحاد الشاغلين حتي الآن.. مشيرا إلي أنه في الماضي كان يتم تخصيص أوقاف وأراض للإنفاق علي صيانة وترميم المباني التاريخية ولدفع رواتب القائمين عليها مثل مجموعة السلطان قلاوون التي استمرت أكثر من 200 سنة. خرسانة وقمصان ويضيف الدكتور بكري أن الخرسانة المسلحة وهي من أهم مكونات المبني قد يصل عمرها الافتراضي إلي 200 سنة مادامت لم تتعرض للرطوبة أو نشع الماء والأملاح والتي تسبب صدأ الحديد، فإذا تمت معالجته في بدايته عن طريق الدعك بفرشاة سلك أو صنفرة رمل ثم تم طلاؤه بمادة تمنع استمرار عملية الصدأ وتغطيته بحشوة مكونة من أسمنت ورمل يمكن الحفاظ علي سلامة المبني، أما إذا تم إهمال علاجه فسوف يتآكل ويتحول الحديد إلي بودرة وعندها يصبح العمود لا قيمة له ويتهدد المبني بالانهيار، منوها إلي ضرورة أن يلاحظ القاطنون بالعقار حدوث أي شروخ في الأعمدة المسلحة والتي قد تحدث نتيجة لخطأ في خلطة الخرسانة لعيوب هندسية أو زيادة أحمال في المبني نتيجة تعلية أدوار جديدة أو نتيجة لقدم المبني لأن ضعف الأعمدة علامة إنذار علي وجود خطأ ما وتحتاج إلي "قمصان" لتقويتها وهي صيانة ضرورية في هذه الحالات لضمان سلامة المبني. شرفات وأسطح ومن أكثر المناطق خطورة في المباني هي الشرفات حيث يتم تركيبها علي كابولي خارجي كما يقول بكري ويستخدمها البعض كحديقة ويسرف في استخدام المياه لري المزروعات بها والتي غالبا ما تتسرب إلي أرضية الشرفة بالإضافة إلي مياه التنظيف مما يسبب تآكل الحديد ويؤدي إلي حدوث شروخ وهبوط في الأرضية.. مشيرا إلي أن تغير شكل الخرسانة يعتبر إنذارا يجب التعامل معه وعلاجه فهي لا تنهار فجأة ولهذا ترجع أهمية الصيانة. وفي رأي الدكتور بكري فإن مشروع زراعة الأسطح الذي يروج له البعض سوف يؤدي إلي انهيار أسقف نصف عقارات مصر، فلا يوجد لدينا الوعي الكافي لإقامة مثل هذه المشروعات كما يحدث في الخارج. مواسير وأسلاك ويؤكد الدكتور بكري علي ضرورة تغيير مواسير مياه الشرب كل 8 سنوات، لأن وجود الكلور والرواسب بالمياه يؤدي إلي تلفها، أما مواسير الصرف الصحي "P.V.C"