لاشك ان قرار القمة الخليجية بإقامة سوق خليجية مشتركة في العام القادم قرار سياسي مهم وخطير.. ولو ان العرب سعوا منذ الخمسينيات لانشاء سوق عربية مشتركة لتغيرت كل احوالهم واصبحوا الآن قوة اقتصادية تنافس القوي الكبري.. ولو اننا نظرنا حولنا فسوف نجد ما حدث في اوروبا بعد اقامة السوق الاوروبية المشتركة رغم ان الفارق كبير جدا بين دول حاربت بعضها بضراوة وسقط من شعوبها ملايين القتلي وشعوب اخري يجمعها الدين والتاريخ واللغة.. ولهذا فإن القمة الخليجية تضع بذلك اقدامها علي الطريق الصحيح خاصة انها في السنوات الاخيرة حققت معجزة اقتصادية في مدينة مثل دبي التي تحولت بالفعل الي مركز تجاري واقتصادي كبير.. وبعد انشاء السوق الخليجية سوف تفتح الدول اسواقها وتلغي تأشيرات الدخول اليها وبعد ذلك يمكن ان تضع مشروع العملة الموحدة وهي نتيجة طبيعية ومتوقعة بعد اعلان انشاء السوق.. ان دول الخليج تملك الان من الموارد الاقتصادية ما يؤهلها لان تصبح قوة اقتصادية مؤثرة خاصة اذا كان في تخطيطها دول اخري قريبة مثل ايران والعراق واليمن.. هذا التجمع الاقتصادي الكبير يمكن ان يكون صاحب دور بجوار قوي اخري مثل الهند والصين وشرق اسيا، ان العرب لم يجنوا من السياسة شيئا بل انها كانت اوسع الطرق للخلافات والحساسيات ولم يعد امامهم غير التعاون الاقتصادي وهو بكل المقاييس لغة العصر التي يتحدث بها العالم كله.. في دول الخليج مخزون من البترول وفيها احتياطيات نقدية وفيها صناعات وليدة وفيها ايضا نهضة حقيقية في مجالات التعليم والتدريب والاستثمار والتجارة والعقارات.. ولهذا فهي قادرة علي ان تصنع سوقا مشتركا يحقق اهدافها في التنمية والازدهار.. وقد يكون هذا الطريق للنمو الاقتصادي هو الطريق الموصل الي اصلاح سياسي حقيقي ورخاء يشجع علي اتخاذ خطوات سياسية في مجالات الحريات وحقوق الانسان.. ولعل هذه الخطوة تكون نقطة البداية نحو انشاء سوق عربية مشتركة تحت علم جامعة الدول العربية هذا الحلم القديم الذي انتظرته الشعوب العربية زمنا طويلا وبقي بعيد المنال.