أكون كاذبا لو قلت إني لم أشعر بالغضب من النتيجة التي أسفرت عنها انتخابات مجلس نقابة الصحفيين. وأكون منافقا لو قلت إني لم أشعر بالإحباط وخيبة الأمل لخروجي من السباق الانتخابي بفارق ثمانية وعشرين صوتا. لكني سعيد -حقا وصدقا- لحصولي علي أكثر من ألف ومائتي صوت من كل المؤسسات الصحفية المصرية، قومية وحزبية وخاصة، فهؤلاء أعطوني ثقتهم رغم أني لم أقدم لهم وعودا بخدمات وأراض وشقق وسيارات بالتقسيط وقروض بفوائد ميسرة إن لم تكن بدون فوائد علي الاطلاق، كما لم أعدهم بمحل للمخبوزات والحلويات أو منفذ لبيع اللحوم ذات المذاق الممتاز، ولم أصنع لهم من البحر طحينة، وإنما طرحت عليهم برنامجا نناضل من أجل تحقيقه بكفاحنا المشترك، واستعادة وحدة الجماعة الصحفية، وكسب تأييد الرأي العام لمطالبنا المشروعة والعادلة التي تستهدف الارتقاء بمهنة البحث عن المتاعب إلي مستوي المعايير الدولية في عصر ثورة المعلومات، والدفاع عن حرية الصحافة، وتحويل مساحة الحرية غير المسبوقة التي نتمتع بها نحن الصحفيين الآن من حرية "عرفية" إلي حرية مؤسساتية، فضلا عن تغيير الوضع المزري لرواتب الصحفيين تغييرا جذريا يضمن لهم كرامتهم ويوفر لهم الحد الأدني اللائق اللازم للوفاء بمتطلبات شرف الكلمة ومسئوليتها. هؤلاء الزملاء الذين يكاد عددهم يصل إلي ألف وثلثمائة لا علاقة لهم بالولاءات القبلية والعشائرية التي لجأ إليها بعض المرشحين رغم أننا ننتمي جميعا إلي مؤسسة "حداثية" وعصرية لكن هذا مجرد جانب من جوانب كثيرة تدل علي أننا نحتاج إلي تحديث المهنة والنقابة لأن نقابة الصحفيين يحكمها اطار قانوني تم وضعه في عصر الحزب الواحد وعصر تأميم الصحافة حيث لم تكن هناك سوي صحف قومية فقط الآن تغير هذا الوضع تماما ولم يعد الاطار القانوني للنقابة صالحا للتعامل مع المستجدات المحلية والعالمية وأصبح واجبا إعادة النظر فيه بصورة جذرية وهذه احدي المهام الأساسية لمجلس النقابة الجديد. ولا يخامرني أدني شك في أن الزميل والصديق العزيز مكرم محمد أحمد نقيبنا وتاج رأسنا للعامين المقبلين لن يدخر جهدا في الدفاع عن هذه المطالب، وإذ أهنئه من صميم قلبي علي فوزه الكبير، وإذ أهنئ الزملاء الذين حصلوا علي ثقة أغلبية الصحفيين، فإني لا احتاج إلي التأكيد علي أنني أضع نفسي في خدمة الجماعة الصحفية ونقابة الصحفيين فور عودتي من أوروبا التي سافرت إليها في مهمة عمل غداة الانتخابات التي مضت بحلوها ومرها وحفلت بالكثير من الايجابيات وشابتها بعض السلبيات. ونحن قادرون علي تعلم الدروس المستفادة وتحويل الأعشاب السامة إلي أسمدة مفيدة كما يقول المثل الصيني. والمهم الآن.. وقبل كل شيء.. هو العمل المخلص خلف نقيبنا مكرم محمد أحمد من أجل استعادة وحدة الجماعة الصحفية ووقف الحروب الأهلية الصحفية حتي مع أولئك الذين مارسوا الألاعيب الصغيرة وغير الأخلاقية في هذا السباق الانتخابي الشريف والمحترم.