بعيداً عن صحة أو عدم صحة قيام شركة إعمار برفع أسعار الوحدات السكنية في مشروع "مراسي" من جانب واحد، تفتح هذه القضية ملفا مهما حول ظاهرة عقود الإذعان التي باتت تسيطر علي سوق الإسكان في مصر، كما تفجر سؤالا مهما عما إذا كانت عقود شراء الوحدات السكنية بين الشركات والحاجزين متوازنة تراعي حقوق الطرفين أما انها عقود اذعان لا تحقق سوي صالح الشركات فقط؟ الخبراء أكدوا أن هذه العقود تحمل قدرا كبيرا من الاذعان، وطالبوا بوجود عقد نمطي بعيدا عن البنود المبهمة وعبارة مطاطة هي "التميز" وربط الأقساط بمعدلات تنفيذ الوحدة، والأهم زيادة وعي المشترين وضرورة تدقيقهم في العقود، كما كشفوا طرق التلاعب والضحك علي "الزبون" وخاصة الميسورين وراغبي الاستثمار.. وهكذا كان الملف الذي ناقشته العالم اليوم "الأسبوعي". بعيداً عن مدي صحة أو عدم صحة قيام شركة إعمار برفع أسعار الوحدات السكنية بقرار مفاجئ، إلا أن ذلك يفتح ملف قضية مهمة تتمثل في ظاهرة "عقود الاذعان" التي تهيمن علي سوق الإسكان عند شراء الوحدات السكنية بين الشركة والحاجزين وهل هي عقود متوازنة تراعي حقوق كل طرف وتحدد بدقة الالتزامات والحقوق لكل من الأطراف أم انها عقود إذعان تعدها الشركات لمصلحتها أولا؟! وقد أكد الخبراء وجود قدر كبير من الإذعان في هذه العقود وطالبوا بتدخل الدولة لإعداد عقد نمطي يحقق التوازن بين مصالح كل طرف وكذلك ركزوا علي ضرورة زيادة وعي المواطنين واستعانتهم بالقانونيين قبل توقيع أي عقد وكشفوا عن طرق التلاعب التي تتضمنها هذه العقود. وفي تحليله لهذه القضية يوضح الدكتور شريف حافظ نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لحماية المستهلك ورئيس شركة ماسبيرو للتنمية العمرانية أن العقود التي تربط بين شركات التنمية العقارية وعملائها من المشترين عادة ما تكون مبهمة بمعني انها لا توضح بدقة مواصفات الوحدة محل التعاقد، سواء رقم هذه الوحدة أو مكانها بدقة أو مواصفاتها. وضرب مثلا علي ذلك بأن كلمة وحدة متميزة إذا ذكرت في عقد فهي كلمة مطاطة لا يوجد اتفاق محدد علي معناها، كما أن مشكلة عدم دقة هذه العقود قد ترجع لعدم كفاءة من قام بصياغتها أو تكون عمدا حتي يمكن تفسير بعض البنود المبهمة لصالح الشركة. توازن العقود ويعترف الدكتور شريف أيضا بأن مثل هذه العقود عادة ما تتضمن الكثير من الالتزامات علي العميل وتغفل وضع التزامات مماثلة علي الشركة، ويرجع ذلك إلي أن الشركة هي التي تقوم بإعداد العقد وبالتالي يمكنها أن تعده ليخدم مصلحتها أولا، ويطرح أمثلة علي ذلك بأن الكثير من العقود تلزم العميل بدفع قسط من ثمن الوحدة كل عدة أشهر دون أن تربط التزامه بدفع الأقساط بحدوث تقدم في مراحل بناء المشروع، مؤكدا أن العقد المتوازن لابد ان يربط بين دفع الأقساط وتنفيذ المشروع بنسب متوازنة بمعني ألا يدفع المشتري 25% من ثمن الوحدة في حين ينفذ 10% من مراحل المشروع بما يعرض المشتري للمخاطر. وأضاف أيضا أن العقد المتوازن لابد أن يوضح السعر ثابتاً أو متغيراً وفي حالة إذا كان السعر متغيراً لابد من توضيح ارتباط هذا التغير باسعار خامات البناء وبنسب معينة. ويكشف د. شريف أن عقود المقاولات الجديدة بها بند يسمي "معادلة تغير الأسعار" والذي يربط تغير اسعار الوحدات بتغير اسعار المواد المستخدمة في المشروع بمعادلة توضح نسبة التغير. ويطالب الدكتور شريف بأن تتدخل الدولة لحماية المواطنين بعمل عقد نمطي يحقق التوازن بين العميل وشركة الاستثمار العقاري وخاصة ان المواطنين ليسوا متخصصين وليس لديهم فكرة عن آليات البناء ولا عن قواعد القانون وينجذبون فقط وراء الإعلانات التي لا تعبر عن الحقيقة ويضرب مثالا بإعلان بعض شركات السيارات بأن سعر الفائدة 7% مما يغري المواطنين وعند توقيع العقد نجد أن سعر الفائدة رغم انخفاضه يتم احتسابه حتي علي المقدم الذي تم سداده. الاعلانات المضللة أما المهندس صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال فيقول ان القانون لا يحمي المغفلين وان العقود خاصة اذا كانت بين أطراف من القطاع الخاص تعتبر مسئولية أطرافها، مشيرا إلي أن الشركات لا تجبر أحداً علي التوقيع علي عقد لا تفهم بنوده. ويذكر حجاب انه في فترة حكومة الدكتور كمال الجنزوري صدر قرار بمنع الاعلان عن وحدات سكنية وتلقي أموال لحجزها إلا بعد ان يوضح في الاعلان تاريخ تخصيص الأرض والجهات المانحة للتراخيص علي ان تكون جهات شرعية ورقم هذا الترخيص ويتساءل حجاب: هل تم الغاء هذا القرار ام مازال ساريا مؤكدا ان مثل هذا القرار كفيل بمنع وجه من أوجه التلاعب بالمواطنين.