الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط والقاهرة عاصمة مصر.. وفي الإسكندرية أقيمت احتفالية بمناسبة مرور خمس سنوات علي افتتاح "مكتبة الإسكندرية" تلك المكتبة التي أعادت للإسكندرية وضعها ومكانتها كمنارة للعلم في الدنيا كلها.. والمكتبة يتردد عليها مليون زائر سنويا من مختلف الأعمار ومن مختلف الجنسيات كما أنها قدمت وتقدم العديد من الأنشطة الأدبية والفكرية والفنية والعلمية.. كما نظمت العديد من المؤتمرات والندوات والحوارات في العديد من القضايا الدولية والإقليمية والمحلية وأصبحت بحق منارة الإشعاع الفكري والعلمي ولو رحنا نتحدث عن المكتبة وما تضمه من كتب وأنشطة لاحتجنا صفحات وصفحات.. ولكننا نريد هنا أن نتوقف عند مكتبة الإسكندرية باعتبارها واحدة من مراكز الإشعاع والتميز ليس بالمعايير المصرية أو الإقليمية ولكن بالمعايير الدولية وهذا موضوع نحتاج إلي أن نوضحه ونبسطه لشعبنا العظيم ومجتمعنا المصري حتي يدرك ما تمثله مكتبة الإسكندرية وما تحققه من مكان ومكانة لمصرنا الغالية ولابد أن نحيي بهذه المناسبة جهوداً عديدة مخلصة وصادقة استطاعت أن تحتفظ لهذا الصرح بالانضباط والتميز والروعة والإبداع وتضيف له في كل يوم المزيد الذي يعلي من قدره ويعظم من منافعه ولنحلم جميعاً بأن يكون لمكتبة الإسكندرية فروع بمختلف المحافظات لا نقول ولا نطمع أن تكون علي نفس الدرجة ولكن أن تأخذ ولو قبساً منها تنير به سماء محافظات مصر في إطار منظومة ثقافية وعلمية تمتد عبر ربوع الوطن وتؤكد علي تاريخ أضاءت فيه مصر للعالم مشاعل العلم والحضارة والنور والاستنارة والهمم التي استطاعت أن تحقق وتعيد للوجود والحياة مكتبة الإسكندرية القادرة علي أن تكون روافد لها. هذا عن الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر العزيزة أما عن القاهرة فإن الأنباء تتواتر عما تعده من برامج ومشروعات للاحتفال بمرور مائة عام علي افتتاح جامعة القاهرة تلك المناسبة التي تحل مع عام 2008 والتي أقيمت بالجهود الذاتية الوطنية والأهلية ويثير ذلك في النفس إشراقات وفي العقل والروح طموحات وتجليات فيما يتعلق بالعلم والثقافة والبحث العلمي والتكنولوجيا.. وإذا كانت الجامعة الأم قد أسهمت في رحلتها عبر تلك المئوية في مسيرة النهضة والحضارة فإنها تطرح علينا وهي تقترب من عامها المائة سؤالاً يخصنا جميعاً عن حالها الآن وهل نحن راضون عنه أم أن لدينا طموحات وآمالاً كباراً نريد لها أن تتحقق لهذه الجامعة الأم.. ولعلي أشعر بحنين خاص تجاه تلك الجامعة التي تخرجت فيها علي يد أساتذة عظام وفي مناخ كان يدفع للتميز والتفوق جعلني وغيري نتخرج فيها بمرتبة الشرف ونواصل مسيرة العلم والمعرفة ونعود إليها نرتمي بين أحضانها ونستمد منها إشعاعاً من نوع خاص يجعل من التفكير قوة ومن المعرفة مناعة وحصانة وإذا كانت الجامعة الآن تعاني من مشكلات قد لا تخفي علينا وتحتاج منا إلي أن نوفر لها كمجتمع وحكومة كل الإمكانيات والقدرات التي تجعل منها واحدة من أعرق الجامعات وأكثرها تميزاً ليس علي مستوي 500 جامعة فقط وإنما لتصبح من أفضل عشر جامعات في العالم وهي تستحق ذلك وزيادة ويستطيع أبناء مصر النابهون من علماء وباحثين في مختلف دول الدنيا المتقدمة والذين يحتلون مراكز مرموقة أن يسهموا في أن تصبح تلك الجامعة علي النحو الذي نريد ويستطيع رجال الأعمال المخلصون من أبناء هذا البلد أن يسهموا أيضاً في تلك المسيرة فأكبر الجامعات في العالم إنما تتم رعايتها من خلال التمويل الأهلي والمشاركة المجتمعية وإذا ما اعتمدنا علي الموازنة العامة للدولة كمصدر وحيد لتمويل التعليم والبحث العلمي فإننا سننتظر طويلا حتي يتحقق لنا بعض مما نريد ولن يتوقف الآخرون لينتظروا حتي نلحق بهم وفي بلاد مجاورة لنا أمكن لجامعاتها أن تسبق وأن تحقق لها الأمل والرجاء. وما بين الإسكندرية حيث المكتبة المنارة والضياء إلي القاهرة حيث الجامعة الأمل والرجاء يأتي صوت مصر الغالية يقول لنا إنه لا سبيل أمامنا للتقدم وإعادة مجد الآباء وتحقيق حلم الأبناء إلا بالعلم والمعرفة بالجامعة والمكتبة وعقول أبناء مصر النابهين.