في الأسبوع الماضي فتحنا ملف الشيكات البنكية المزورة التي كادت أن تتحول إلي ظاهرة تهدد القطاع المصرفي، خاصة أننا رصدنا بعض الأوراق الصادرة عن مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية والتي تتوقع فيها زيادة ظاهرة هذه الشيكات المزورة خلال الفترة المقبلة بسبب ضعف عناصر التأمين وانعدامها في بعض الأحيان. وفي هذا الأسبوع نرصد نماذج حية من عمليات تزوير الشيكات البنكية، فقد أبلغ أحد البنوك البنك المركزي واتحاد البنوك اكتشافه تشكيلاً عصابياً قام بتزوير شيكات تم صرفها من حساب إحدي شركات الأوراق المالية التي تتعامل مع البنك، وانه تم تزوير 3 شيكات تحمل ذات الأرقام المسلسلة للشيكات الأصلية بواسطة ماكينة ليزر، وتم تقديم هذه الشيكات للصرف خلال طرح نسبة من إحدي الشركات للاكتتاب العام، والغريب أنه تم صرف هذه الشيكات. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها "الأسبوعي" فإنه تم اكتشاف واقعة التزوير من جانب شركة الأوراق المالية لدي قيامها بمراجعة الشيكات التي تم خصمها علي حساباتها حيث تبين لها ان هناك 3 شيكات مكررة تحمل ذات الأرقام مسلسلة مع اختلاف مبالغها وانها لم تصدر أية شيكات بهذه المبالغ وتم اخطار البنك بهذه الواقعة الذي قام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيث تم ابلاغ النيابة العامة والإدارة العامة لمباحث الأموال العامة حيث اثبت فحص الشيكات المزورة بواسطة الأجهزة الحديثة المتوافرة لدي الإدارة ان ابعاد التوقيع علي الشيكات الثلاثة واحدة بالضبط وان عمليات تزوير الشيك تمت باتقان شديد يستحيل تحقيقه بهذه الدقة المتانهية إلا إذا تم شف التوقيع وقد طلب المسئولون بالإدارة العامة لمباحث الأموال قيام البنك بالرجوع إلي جميع الشيكات التي تم صرفها من حساب شركة الأوراق المالية حتي يمكن التوصل إلي شيك يحمل ذات ابعاد التوقيع المدون علي الشيكات المزورة وبالتالي تتبع خيوط عملية التزوير وبالفعل تم التوصل إلي الشيك المذكور بالفحص الفني للتوقيعات المقلدة بطريقة الشف المباشر من نظيرها الصحيح والمزيلة بالشيكات المشار إليها تبين تماثل سمك الجرات الخطية من بداية التوقيع لنهايته وخلوها من النهايات الأبرية المميزة للتوقيع المحرر بخط طبيعي وقد اثبتت التحريات التي قامت بها الإدارة المذكورة ان المستفيد الأصلي من الشيك أحد أفراد التشكيل العصابي الذي ارتكب واقعة التزوير المذكورة حيث تم القبض عليهم واحالتهم لنيابة الأموال العامة التي باشرت التحقيق معهم. وأفاد المسئولون بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة أن ظاهرة تقليد الشيكات البنكية كليا عن طريق الطباعة بالكمبيوتر أو الشبكية مرجعها خلو تلك الشيكات من الوسائل التأمينية الحديثة التي تكافح عمليات التقليد باستخدام اساليب النسخ الضوئي المختلفة وبالتالي فإن الشيكات المقلدة بهذا الأسلوب يمكن أن ينخدع فيها موظفو البنوك والمؤسسات المالية بسهولة نظرا لدقة مخرجاتها وصعوبة التمييز البصري بينها ونظيرها الصحيح وأن معظم الحالات التي تم ضبطها للشيكات البنكية المقلدة كليا قد تم نسخها باستخدام الماسح الضوئي وطباعتها بالكمبيوتر باستخدام طابعة تعمل بنظام الحبر النفاث "Ink Jet". كما أشاروا إلي أن أحد الأسباب المهمة التي تؤدي إلي تزوير المحررات المصرفية الرسمية هو عدم التزام بعض البنوك بطباعتها لدي الجهات المعنية بهذا الأمر وهي مطابع البنك المركزي المصري، مطابع الشرطة، مطابع هيئة الأمن القومي وتفضيلها التعامل مع بعض الشركات الخاصة التي لا تتوافر لديها الامكانيات والوسائل الفنية والتأمينية الكافية التي تكفل حماية المحررات المصرفية ومنها الشيكات من التزوير وذلك سعيا من هذه البنوك إلي تخفيض تكلفة طباعة محرراتها دون الأخذ في الاعتبار المخاطر والآثار السلبية التي قد تتعرض لها البنوك نتيجة اتمام عملية الطباعة لدي الجهات غير المختصة والتي تفوق آلاف المرات التكلفة التي تحاول توفيرها. وقال مسئولون بالبنوك شاركوا في اجتماعات اتحاد البنوك التي عقدت مؤخرا لمناقشة هذه المشكلة إن المسئولين بإحدي الجهات الأمنية قد اطلعوا المسئولين بالبنك علي العديد من وسائل تأمين الشيكات التي من بينها امكانية تضمين ورقة الشيك استيكر حراري في نفس مكان اللوجو الخاص بالبنك حيث إنه في حالة الضغط عليه يختفي اللوجو الخاص بالبنك وفي حالة رفع اليد يظهر اللوجو مرة أخري وبذات الألوان وهو يمثل أحد وسائل التأمين المتميزة إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في ارتفاع تكلفة تلك الوسائل كما أضاف أن المسئولين بهيئة الأمن القومي قد عززوا توصية الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بحصر طباعة الشيكات لدي مطابع البنك المركزي المصري أو مطابع المخابرات أو مطابع الشرطة حتي يمكن الحد بشكل كبير من عمليات تزوير المحررات المصرفية ومنها الشيكات. وأشاروا إلي أن أحد الأسباب التي دفعت البنوك إلي التعامل مع بعض الشركات الخاصة في طباعة دفاتر الشيكات وترك التعامل مع مطابع البنك المركزي المصري هو ارتفاع التكلفة لدي مطابع البنك المركزي حيث تبلغ طباعة الشيك لدي البنك المركزي 4.26 قرش بدون العلامة المائية في حين بلغت تكلفة الطباعة في المطابع الخارجية 3 قروش شاملة العلامة المائية وقد طالب سيادته ضرورة قيام البنك المركزي بإعادة النظر في تكلفة طباعة الشيكات والوقت الذي تستغرقه الطباعة التي قد تصل إلي شهر أو شهر ونصف الشهر حتي يمكن تلافي مثل هذه العمليات من التزييف والتزوير والتي تستهدف الاضرار العمدي بأموال البنوك وعملائها علي حد سواء الأمر الذي يكون انعكاساته السلبية سواء علي الجهاز المصرفي من حيث سمعته بصفة خاصة أو الاقتصاد القومي بصفة عامة. كما أكدوا علي ضرورة تنبيه العملاء إلي أهمية مراجعة ومتابعة حساباتهم لدي البنك بصورة دورية ومنتظمة حيث إن العميل في تلك الواقعة لم يكتشف صرف الشيكات المزورة من حسابه إلا بعد مرور ستة أشهر علي واقعة التزوير الأمر الذي صعب من كشف عملية التزوير.