أعلنت شركة الطيران الإيطالية الخاصة "اير وان" يوم 17 يوليو الحالي انها لن تتقدم بعطاء لشراء حصة الحكومة في شركة إليتاليا. وكانت حكومة إيطاليا قد أعلنت في نهاية العام الماضي عزمها بيع حصتها في شركة الطيران الوطنية أليتاليا وتلقت عروضا مبدئية من 11 جهة لشراء هذه الحصة. ومع تراجع معظم اصحاب هذه العروض المبدئية كانت اير وان هي الأمل الباقي امام الحكومة كمشتر ولكن اير وان انسحبت هي الاخري بسبب ما سمته بالشروط التعاقدية التي وضعتها الحكومة والتي ستحد من قدرة اير وان علي تمويل الصفقة. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان عدم الاهتمام بشراء أليتاليا لم يكن مفاجأة خصوصا أن الحكومة اشترطت علي المشتري أن يتحمل ما علي هذه الشركة من ديون وأن يحافظ علي هيكل خطوطها القائم حاليا والمساحة الارضية التي تغطيها هذه الخطوط وأن يحافظ أيضا علي الشخصية الايطالية لشركة أليتاليا أي باختصار ابقاء الاوضاع علي ما هي عليه. والحقيقة أن أليتاليا تحتاج إلي العلاج بالصدمة لكي تتخلص مما تعانيه من مشاكل ففي العام الماضي خسرت الشركة 626 مليون يورو "785 مليون دولار" كما بلغت جملة خسائرها منذ عام 1999 حتي عام 2005 قرابة 2.6 مليار يورو. وقد استمرت المأساة خلال العام الحالي حيث خسرت اليتاليا في الربع الأول من عام 147 مليون يورو. وقد تعقدت مشاكل اليتاليا إلي حد أن منظمي البورصة الايطالية صاروا يطالبونها بتقديم تقرير شهري وليس ربع سنوي عن اوضاعها المالية. وفي نهاية مايو الماضي بلغ صافي ديون اليتاليا 1.05 مليار يورو مقابل سيولة متاحة في صناديقها المختلفة لا تتجاوز 466 مليون يورو. ومن دون أن تحصل اليتاليا علي حق رأسمالي جديد فإنها سوف تكون عرضة للانهيار لأن احتياطياتها السائلة تتناقص ويشعر الدائنون بالقلق من عدم قدرتها علي الوفاء بمديونياتهم. ومن الواضح أن أي مشتري لشركة اليتاليا لابد أن تكون جيوبه عامرة لكي يستطيع أن يحافظ علي هيكل الشركة. وكانت اير وان تأمل ان يتولي بنك انتيزاسان باولو ثاني أكبر بنك ايطالي تمويل صفقتها لشراء أليتاليا ولكن ذلك لم يحدث. ولذلك يثور التساؤل حول امكانية أو قدرة اير وان وهي شركة صغيرة علي النهوض بأليتاليا فمن المعروف أن اير وان لديها اسطول طائرات لا يتجاوز عدده 40 طائرة مقابل 186 طائرة تملكها اليتاليا ومن المعروف أيضا أن أرباح ايروان بلغت 7 ملايين يورو فقط في العام الماضي وان ايرادات التشغيل بها تناهز 570 مليون يورو أي بنسبة 5.12% فقط من ايرادات التشغيل في اليتاليا التي بلغت 4.4 مليار يورو في العام الماضي كذلك فإن صافي قيمة أصول إير وان لاتتجاوز 59 مليون يورو في نهاية عام 2006. وتقول مجلة "الايكونومست" إن كارلو توتو مالك إير وان يستطيع الادعاء نجاحه في اطلاق شركة طيران منتظمة العمل ولكن ذلك حدث قبل أن تغزو شركات السفريات الجوية الرخيصة السوق الإيطالي كما حدث في وقت كان المسافرون فيه سعداء بوجود بديل لشركة اليتاليا الرسمية المفروضة عليهم ولابد من الاعتراف بأن علاج مشاكل اليتاليا تحدي صعب فهناك عشر نقابات عمالية عنيدة تدافع بشراسة عن امتيازات عمال الشركة وقد قامت احداها بتنظيم اضراب يوم 18 يوليو الماضي. والسؤال الآن هو: ماذا عن المستقبل؟ بعد الخلافات العديدة حول دعم الدولة اصبح علي اليتاليا الآن أن ترفض هذا الدعم حتي لا تقع تحت طائلة قوانين المفوضية الأوروبية ومع ذلك فإن السياسيين الايطاليين قد لا يعدمون وسيلة من أجل استمرار بعض أنواع هذا الدعم وقد يكون الخيار الصحيح هو تصفية شركة اليتاليا لتقوم مكانها شركة للسفريات الجوية الرخيصة تشغل نفس الخطوط وتقدر علي المنافسة ولكن الحكومة الايطالية التي تملك 9.49% من أسهم اليتاليا قد تقرر ببساطة فتح مفاوضات مباشرة مع شركة إيروان أو إير فرانس التي تملك 2% من أسهم اليتاليا منذ نوفمبر عام 2002 وكان مأمولا أن تعرض شراء اليتاليا ولكنها لم تفعل وإذا نجحت الحكومة في تسويق اليتاليا فإن هذا قد يكون نهاية لمخاوف كثير من عملاء هذه الشركة خصوصا إذا كان المشتري هو شركة مثل اير فرانس.