أخيرا وبعد 15 عاما حكمت المحكمة الدستورية مؤخرا بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" وكذلك بعدم دستورية صدر المادة 2 من القانون 11 لسنة 2002 والذي ينص علي أنه مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون (أي الأثر الرجعي)، وقد حسمت المحكمة بذلك خلافا تاريخيا بين مصلحة الضرائب علي المبيعات وشركات النقل والمقاولات وقالت المحكمة في أسباب الحكم أن القانون رقم 11 لسنة 2002 قد جري نفاذه علي الوقائع المنشئة للضريبة التي تحققت في تاريخ سابق علي العمل به باعتباره تفسيرا تشريعيا ذا أثر كاشف (رجعي) لكونه في حقيقته الأثر الرجعي بعينه وإن كانت قد توافرت لهذا القانون الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر إلا أنه جاء في محتواه الموضوعي منطويا علي اهدار حق من الحقوق التي كفلها الدستور ومتضمنا فرض قيود عليه تؤدي إلي الانتقاص منه وجعله غير ملائم مع القواعد الموضوعية في الدستور ويتخذ من جباية الأموال ذاتها منهجا الأمر الذي يصبح معه هذا النص مخالفاً للدستور. وكان ل"العالم اليوم" الاسبوعي السبق منذ 7 سنوات في نشر الأزمة الطاحنة التي كانت ناشئة بين مصلحة الضرائب علي المبيعات من ناحية وبين شركات النقل والمقاولات من ناحية أخري وذلك بسبب الخلاف حول تعريف عبارة (خدمات التشغيل للغير) حيث إن مصلحة الضرائب قد استغلت هذه العبارة المطاطة العامة حتي تفرض ضريبة المبيعات علي جهات ومؤسسات تقوم بتضمينها داخل هذه العبارة. ومن الجدير بالذكر أن عبارة (خدمات التشغيل للغير) كما حددتها مصلحة الضرائب بمنشور رقم 41 لسنة (92) تعني أن تكون السلعة محل التشغيل ملكا لشخص آخر غير القائم بالتشغيل علي أن يترتب علي هذا التشغيل تحويل المادة إلي منتج جديد بحيث يتغير شكلها أو حجمها أو طبيعتها أو نوعها وبناء عليه فقد أصدرت المصلحة منشورا ينص علي فرض ضريبة المبيعات علي خدمات النقل والمقاولة والتركيب والتصليح باعتبارها خدمات تشغيل للغير رغم أن خدمة النقل أو المقاولة لا يتوافر بها شروط التشغيل للغير السابق ذكرها مما ترتب عليه نشوء منازعات قضائية عديدة بين المصلحة وأصحاب الشأن ومازاد الطين بلة في ذلك الوقت أنه قد تم فرض الضريبة علي هذه الجهات بأثر رجعي وذلك بعد أن أصدرت محكمة النقض حكمها باعتبار أن هذه الجهات تعتبر خاضعة للضريبة استنادا إلي أن خدمة التشغيل للغير يقصد بها الخدمة المؤداة بأجر وكان ذلك عام 1998 أي أن هذه الشركات أصبحت مطالبة بسداد الضريبة عن 6 سنوات سابقة للحكم الذي أصدرته محكمة النقض ومن هنا بدأت العديد من شركات النقل والمقاولات وغيرها من المتضررين للجوء إلي الدفع بعدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير أمام المحاكم. وقد التقت الاسبوعي بعدد من المحامين الذين قد أقاموا دعاوي قضائية متعددة بموجب توكيلات من عدة شركات متضررة للمطالبة بالغاء هذا النص الجائر. قمع الضرائب ممدوح رأفت المستشار القانوني والخبير بالضرائب أطلع الاسبوعي عن نشأة هذا القانون وتطوراته واصفا اياه "بالمسرحية الهزلية" والتي بدأ أول فصولها بصدور قرار جمهوري رقم 77 لسنة 92 والذي أخضع عبارة خدمات التشغيل للغير لضريبة المبيعات بقصد معالجة حالة التشغيل لبعض الورض والمصانع لخامات مملوكة للغير وتحويلها إلي منتج جديد مملوك للغير. وأضاف أن المصلحة أصدرت تفسيرات لتحديد مفهوم العبارة وأدخلت بها خدمات النقل والمقاولات والاصلاح والصيانة والتركيبات وبدأت المصلحة تتعقب أصحاب الأنشطة السابقة وتلزمهم بالتسجيل لديها مستخدمة وسائل القمع بإقامة المحاضر والدعاوي القضائية مما جعل أصحاب الأنشطة يقيمون دعاوي مضادة علي مصلحة الضرائب علي المبيعات. وفي الخطوة الثانية صدر القانون 2 لسنة 97 والذي جاء في مادته الثانية خضوع خدمات التشغيل لضريبة المبيعات مع الالتزام بالسداد بأثر رجعي. قانون جديد وفي ابريل 2002 تقدمت الحكومة بمشروع قانون رقم 11 لسنة 2002 وهو قانون تفسيري لتفسير عبارة خدمات التشغيل للغير. وتضمنت أيضا كما يقول ممدوح رأفت أعمال التشييد والبناء وإنشاء شبكات البنية الاساسية وأعمال الشحن والتفريغ والتخزين والحفظ والتبريد مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون. ويؤكد رأفت أن التفسير قد وصل إلي تضمين 72 خدمة داخل عبارة التشغيل للغير وقد مثلت الايرادات الناتجة عن هذ العدد من الخدمات حوالي 20% من قيمة حصيلة المبالغ التي تحصلها ضريبة المبيعات وتصل قيمة الضريبة التي التي تقوم المصلحة بتحصيلها 10% من قيمة أرباح الشركة. وبسؤال رأفت حول أحقية الشركات المتضررة من استرداد ما تم تحصيله منها من خلال المصلحة بعد صدور الحكم الدستوري فأكد أن الشركات لن تسترد شيئا لأن قانون المحكمة الدستورية يقر بعدم جواز استرداد المبالغ السابقة علي صدور أحكام الدستور فيما يخص النصوص الضريبية.