في حكاية تتكرر كل موسم.. تم فرض رسم صادر علي الأرز.. ورغم أن ذلك القرار جاء باقتراح من المصدرين أنفسهم إلا أنه يثير العديد من الأسئلة الاساسية التي تتعدي مسألة التصدير إلي قضية جوهرية أخري تتعلق بتصدير مصر للمياه التي تعتمد عليها زراعة الأرز. تحاول العالم اليوم "الأسبوعي" في هذه السطور اثارة هذه الأسئلة من خلال الخبراء الذين تتعدد إجاباتهم بين من يقلل من آثار فرض ذلك الرسم علي صادرات الأرز ومن يرفضه تماما.. اضافة إلي الذين يدعون إلي وقف تصديره تماما لأنه يعني في النهاية تصديراً لعملة نادرة اسمها المياه.. ويرون أن ذلك الرسم ليس علي الارز ولكن علي قيمة المياه التي يحملها تصدير الأرز إلي الاسواق الخارجية. بداية يوضح المهندس علي عيسي رئيس الاتحاد العام للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية أن فرض رسم صادر علي الأرز من الممكن أن يكون في غير صالح المصدر لمحصول الأرز إذا كان هذا الرسم صادرا من جهات ليست لها مصلحة ولا تعي الضرر الذي يقع علي المصدر نفسه وبلفت إلي أن ذلك الرسم صدر بقرار أهل المنتج نفسه متمثلا في المجلس التصديري للحاصلات الزراعية الذي يضم مصدري الأرز بالاضافة إلي قطاع التجارة الخارجية التابع لوزارة التجارة والصناعة. ويضيف علي عيسي أن قيمة الرسم غير مبالغ فيه خاصة وأنه لا يزيد علي 200 جنيه في طن الأرز أي ما يعادل 35 دولارا موضحا أن هذا الرسم يعتبر مقابل استهلاك المياه التي يحصل عليها المزارع وتكاد تكون مدعومة ومجانية من الدولة خاصة وأن محصول الأرز يحتاج إلي ري بالغمر. ويوضح رئيس الاتحاد العام للمصدرين أن إنتاج الأرز عام 2006 بلغ ما يقرب من مليون و800 ألف طن أرز وتم تصدير نحو 700 ألف طن ليتبقي نحو مليون و100 ألف فدان وتستنزف هذه الكمية موارد مائية ضخمة يتم تصديرها للخارج دون مقابل كما بلفت إلي أن لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية رأت أن هناك سبباً آخر مهما يجعلنا نقلل صادراتنا من الأرز وهو أن سعر الأرز المصري انخفض عالميا بمقدار 50 دولاراً للطن وهذا من شأنه أن يقلل من عائد التصدير للمحصول. ويضيف عيسي أن رسم الصادر إذا أضيف الرسم علي الصادر ستكون له فائدة كبيرة في تعويض ما تفقده الدولة من موارد مائية مهدرة تحتاجها في زراعة محاصيل أخري أكثر استفادة ومطلوبة محليا لزراعة القمح والسلع الاستراتيجية الأخري كما يلفت إلي أنه يختلف عن رسم الصادر الذي تم فرضه علي الحديد والاسمنت من قبل الحكومة باعتبار أن الذي قرره هم أصحاب الشأن بأنفسهم ويأتي لمصلحتهم وليس لمصلحة جهة أخري مقابل المياه ويتفق مع الرأي السابق طارق توفيق رئيس المجلس السلعي للسلع الغذائية وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة القاهرة حيث يري أن فرض رسم الصادر علي الأرز يأتي ضمن وضع أولويات الدولة للحرص علي المياه والتي تعتبر أساس أي حرب قادمة بين الأمم والشعوب وهو الأمر الذي يجعل رسم الصادر علي الأرز بمثابة رسم مقابل الحصول علي المياه وبالتالي أصبح المصدر الذي يرغب في زيادة صادراته لمحصول الأرز ملزما برفع ذلك الرسم حيث إن هذه السلعة التصديرية أصبحت الآن تكلف الدولة ما تفقده من مورد مائي وقلة في العائد من الصادر للأرز. كما يري رئيس لمجلس السلعي للسلع الغذائية أنه إذا لم يتم تصدير الأرز المصري للخارج لن تحدث كارثة ولن يقل عائد الصادرات حيث توجد بدلا منه سلع أخري عليها اقبال كبير كالموالح والمواد الغذائية والتي ارتفع حجم صادراتها إلي ما يقرب من 8 مليارات جنيه سنويا. ويشدد توفيق علي أن مصر وغيرها من الدول في العالم تشعر بندرة في المياه وفي الأراضي الزراعية نتيجة لزيادة أعداد السكان وانتشار العمران والمباني في المعمورة وبالتالي أصبحت نقطة المياه أغلي من الذهب فكيف يمكن التفريط فيها مقاابل بعض العملات والله أعلم إذا كنا سنحصل عليها أم سنفقدها. ويشير توفيق إلي نقطة مهمة وتخص المستهلك الذي يعتمد في غذائه علي سلعة الأرز المصري (البلدي) حيث سيؤدي انخفاض صادراته إلي وجود فائض في الإنتاج المحلي بما يجعل سعره أقل نتيجة لزيادة المعروض منه بالاسواق. اختلاف الظروف أما الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة فيري أن الأرز يعد أحد المحاصيل التي كانت تشتهر بها مصر في الفترات السابقة ولكنها لم تكن تتكبد تلك التكلفة الباهظة في الإنتاج حاليا سواء من ناحية وفرة الأرض الزراعية أومن ناحية موارد المياه حيث كان عدد السكان مناسبا للاستهلاك ولدينا فائض من المياه إلي جانب وفرة الأرض الزراعية اللازمة لزراعة الأرز المصري.