ذكري المولد النبوي الشريف فرصة لكي يتذكز المسلمون مآثر نبيهم وصفاته وسنته المطهرة وهذا التذكر نحن في اشد الحاجة اليه في ايامنا هذه التي اقتتل فيها المسلمون وتهددتهم الاخطار من كل جانب. ويرفض البعض فكرة الاحتفال بذكري المولد النبوي باعتبار ان النبي صلي الله عليه وسلم لم يحتفل بعيد مولده ولم يأمر اصحابه بذلك كما لم يعرف عن الصحابة الاجلاء انهم احتفلوا بعيد ميلاد النبي الكريم. والحقيقة انه لا مجال للمقارنة بين احتفالات الناس باعياد ميلادهم التي هي في الواقع مناسبات اجتماعية تجري الامور فيها حسب العادات والتقاليد المتبعة وبين ذكري المولد النبوي الكريم التي تعيد بالذاكرة الي المسلمين الصفات النبيلة والسلوك القويم والسنة العطرة التي توارثت عبر القرون عن النبي محمد عليه افصل الصلاة والسلام. والاقتداء بالنبي الكريم هو الافضل في اتباع سنته ولكن ذلك لا يعني الاقتداء بالنبي واتباع سنته في الاكل والشرب والملبس وطريقة الملبس وما الي ذلك. ولا اعتراض مطلقا لدينا علي ذلك اذا كان في وسع الانسان ان يفعله في ظروف معيشته وحياته والمكان الذي يعيش فيه والزمن الذي يعاصره. ولكن ما نريد التنبيه اليه هو ان المقصود الاسمي من السنة النبوية هو السلوك واتباع اوامر الدين واجتناب نواهيه والاخذ بالمنهج النبوي في معالجة المشكلات الطارئة علي المجتمع.. وكان الرسول الكريم سيدنا محمد يتلقي الوحي، وفي حياته كان الوحي يأتيه بالشرائع السماوية التي تتضمن علاج وتنظيم المسائل في المجتمع. اما بعد الوفاة، فقد اصبح حصول المسلمين من التشريع السماوي محدودا وعليهم ان يديروه بالطريقة التي يرغبونها وبالكيفية التي يفهمونها لكي يجدوا الحلول لمشكلات المجتمع المتغيرة والمتجددة علي مر العصور. واختلف المسلمون بعد النبي الكريم وانقسموا الي سنة وشيعة وخوارج وغيرهم، وانقسمت الفرق الي فرق اصغر ومغايرة حتي اصبح عدد المسلمين كبيرا جاوز المليار واصبح المختلفون منهم مع بعضهم البعض يقتلون بعضهم بالسيارات المفخخة والقنابل شديدة الانفجار. ان الاختلاف لا يسوغ الفتنة ولكن غياب المنهج النبوي الكريم هو الذي يسبب الخلاف والفتنة واختلاف الاحاديث والروايات ونسبتها الي الرسول يزيد من الفتن. وذكري مولد الرسول الكريم محمد مناسبة للتذكر، والتأكيد علي ان المنهج النبوي المتسامح العقلاني المؤدب منهج يجب اتباعه اذا اراد المسلمون ان يخرجوا من الازمة.