الدكتور رشدي سعيد عالم مصري ارتبط اسمه بالجيولوجيا وعشق كل ذرة تراب علي الأراضي المصرية وأي قطرة ماء تنساب في نيلها.. يحمل علي ظهره هموم كل سهل وواد وجبل علي الخارطة، وبكل خبرات سنين عمره ال87 طرح رؤاه في قضايا متعددة في حوار مهم مع برنامج "اتكلم" الذي تقدمه الاعلامية لميس الحديدي، تعرضها "العالم اليوم الاسبوعي" في هذه السطور نظرا لأهمية ما جاء فيه كشهادة علي العصر أو نصائح للمستقبل. تناول رشدي سعيد مشروع أبو طرطور للفوسفات وقال: أنا نادم علي ذلك المشروع ولكنه أوضح في نفس الوقت أن أساسه كان ناجحا لولا تدخلات الهواة وأصحاب الطموحات والسياسة أيضا. كما لفت إلي أن مصر تأخرت كثيرا في مشروعها النووي لتوليد الطاقة وقال: إن المحطة النووية بدون الوقود والادارة المصرية تختزل لتصبح مجرد مشروع تجاري وشدد علي أن موقع الضبعة تم اختياره مؤكدا أنه ضد استغلال الشواطئ في المشروعات السياحية. ووسط القضايا العديدة التي أثارتها الاعلامية لميس الحديدي دق رشدي سعيد ناقوس الخطر وحذر من تعدد أنظمة التعليم الجارية حاليا وتساءل كيف يمكن أن نوجد اجيالا تمثل شعوبا تختلف باختلاف تعليمها؟ مؤكدا أن ذلك ضد بناء أمة واحدة وشعب له نسيج واحد. وهكذا جري الحوار.. * رحلة زاخرة تمتد ل87 عاما ثم تعود إلي مصر بعد رحلات طويلة للخارج هل تغير الوضع يا دكتور؟ ** تغير طبعا وفي العالم كله ليس مصر. * لكن كيف تغيرت البلد؟ ** أول شيء يلاحظه الإنسان عندما يعود من الخارج هو الزحام والضوضاء التي لم تكن موجودة في الماضي لكن ذلك هو ما حدث في العالم كله لأن ازدياد السكان موجود في كل دول العالم حتي الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما كنت طالبا فيها 60 عاما كانت مختلفة وأقل ازدحاما. * العشق للجيولوجيا واضح فقد جبت صحاري مصر ووديانها وذهبت للصحراء الغربية في وقت كانت فيه بكراً وتقريبا "تخلت" أرض مصر بيديك ماذا وجدت في أرض مصر يا دكتور سعيد؟ ** لقد كنت رئيسا لمؤسسة التعدين وجبت الصحاري للبحث عن المعادن وعندنا معلومات جيدة جدا عن ما تحتويه الصحراء في مصر بالاختصار مصر غنية بالمعادن الترابية ليس فيها معادن ثمينة ليس فيها نحاس قصدير زنك لكن لديها معادن يمكن الاستفادة بها استفادة كبيرة جدا فالفوسفات مثلا يستخدم استخدامات كثيرة عندنا حديد وطفلات متعددة منه عندنا أملاح كثيرة جدا - رمل زلط حجر جيري. * هل هذه المعادن كان يمكن أن تكون نواة لنهضة صناعية كبري في مصر؟ ** بالطبع لأنه لا يمكن استخدامها في غير ذلك لأنه كما قلت ليس لها قيمة تصديرية إنما معادن يمكن استخدامها في الصناعة وبالفعل بنينا الكثير من الصناعات ومنها الاسمنت: علي الحجر الجيري. * ولكن لا نستطيع أن نقول إن هناك نهضة صناعية حقيقية قامت في مصر؟ ** العشر سنوات التي قضيتها في رئاسة مؤسسة التعدين كان فيها نهضة كبيرة جدا لأنه كانت هناك سياسة تصنيع فالكثير من المصانع كانت تطلب أن نبحث لها عن الخامات مثل الاسمنت ومصنع كربونات الصوديوم وأملاح تبخرية.. جبس رخام.. رمل زجاج وغيرها. * تقول إن هذه النهضة الصناعية والحلم الصناعي تراجع في السبعينيات ولم تعد الصناعة في مقدمة اهتمامات الدولة لماذا؟ * هذا صحيح فقد أصبحت هناك اهتمامات أخري وأنا أعتقد أنه كان جزء من الصفقة التي عملناها بالدخول في الخدمات وترك الصناعة مقابل أن تعطينا الولاياتالمتحدة جزءا من المعونات. * الصفقة مع أمريكا تقصد؟ ** نعم مع أمريكا ومع إسرائيل لكي تنسحب من سيناء كمية مهولة من الفوسفات كانت ستؤدي لخير كثير.. لكن التنفيذ لم أكن مسئولا عنه.. حيث خرج المشروع من مؤسسة التعدين إلي مؤسسة ثانية من الهواة من غير أهل التعدين وبدأوا ينفقون الأموال في أشياء كثيرة وخسر المشروع لكن هو مشروع ناجح. * هل كانت الخسارة لعدم وجود فوسفات بالقدر الكافي.. أم ماذا؟ ** كقصة ظريفة عندما صممت هذا لمشروع وجدت أنه مهول جدا وقلت لا يمكن أن ينفذ إلا إذا أنتجنا منه إنتاجا كبيرا واستغلال جزء منه في الصناعة المحلية وتخصيص جزء منه أي نوجد له سوقا ووجدنا هذا السوق في روسيا التي اهتمت به وقالت أنا لدي خطة لاستخدامه وسأساعدكم هذا الكشف لاستكمال الكشف عن هذا المشروع وأنا أرسلت ذلك المشروع لوزير الصناعة وعندما وجد أنه مشروع ضخم ففضل ألا يظل تحت اشراف مؤسسة التعدين ويحضر الرئيس عبدالناصر ليفتتحه ويكون هو نفسه رئيسا للشركة بعد ما يترك الوزارة.