في الوقت لذي احتفلت المرأة المصررية بعيدها في السادس عشر من الشهر الجاري مر هذا اليوم بشكل مأساوي علي نساء قرية المحاميد بمحافظة قنا حيث صدرت أحكام بالحبس علي نحو نصف نساء هذه القرية نتيجة فشلهن في سداد الديون المستحقة لبنك التنمية والائتمان الزراعي خاصة بعد أن تمت جدولة تلك الديون وتراكمت الفوائد وتضاعف أصل المبلغ دون أن يستطعن الوفاء به. عدد من نساء القرية اللائي تطاردهن الشرطة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهن هن من الأرامل اللائي تحملن العبء بعد وفاة أزواجهن وأصبحن مطالبات بالوفاء بالديون التي كانت في ذمة الأزواج، خاصة أن الديون لا تتسقط بوفاتهم. وتأمل هؤلاء الفلاحات البسيطات أن تنظر إليهن الحكومة نظرة رأفة وتقوم بإلغاء الفوائد المركبة، حتي يستطعن الوفاء بأصل الدين ويطالبن بأن تعاملهن الحكومة كما تعامل كبار رجال الأعمال الذين فروا للخارج بعد أن حصلوا علي قروض من البنوك بالمليارات. "الاسبوعي" التقت بعدد من فلاحات قرية المحاميد لاستجلاء الحقيقة والبحث عن حلول تقيهن تنفيذ عقوبة السجن. سكينة علي مكي صدر ضدها حكم بالحبس لمدة عام لفشلها في سداد الدين لدي بنك التنمية والائتمان الزراعي.. تقول سكينة لدي 5 أطفال في مراحل التعليم المختلفة قام زوجي الراحل باقتراض 25 ألف جنيه من بنك التنمية والائتمان الزراعي بفائدة 9% للانفاق علي تكاليف زراعة فدانين يمتلكها وبعد وفاته لم أتمكن من سداد أصل الدين وبعد أن وافق البنك علي جدولة الدين قام برفع الفائدة إلي 23% مما أدي إلي مضاعفة الدين حتي وصل إلي 100 ألف جنيه وقد صدر ضدي حكم بالحبس لمدة عام عن قيمة شيك واحد وقد وقع زوجي علي حوالي 5 شيكات أي انني بعد أن أقضي عاماً في السجن نظير شيك واحد سيتبقي لي 4 سنوات أخري نظير 4 شيكات! وتضيف سكينة إن الحكم بالحبس نهائي لذلك فإني مطاردة من رجال الشرطة لتنفيذ الحكم وانتقل من منزل إلي منزل هرباً من التنفيذ خاصة أن أولادي في حاجة ماسة إلي.. ولا أدري ماذا أفعل وإلي متي سأظل هاربة؟! أما فايزة حنفي فقد صدر حكم بالحبس ضدها بناء علي شيك واحد فقط من مجموع 10 شيكات مستحقة لبنك التنمية وتوضح فايزة أنها قامت بالاقتراض من البنك منذ 6 سنوات مبلغ 30 ألف جنيه لإقامة مشروعات زراعية وحيوانية علي فدان أرض تمتلكه وبعد أن عجزت عن السداد وتمت جدولة الديون بفوائد مركبة حتي وصل الدين إلي 80 ألف جنيه ورغم أنها اضطرت إلي رهن أرضها حتي تتمكن من السداد إلا أنها فشلت في ذلك وتستنجد بالمسئولين لأنها لديها ستة أولاد في مراحل التعليم المختلفة وهي عاجزة عن الانفاق عليهم ولا تدري ماذا تفعل لسداد الدين. وتقول فائزة: قمنا بمناشدة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبنك المركزي لحل مشكلتنا ولكن لم نتلق استجابة حتي الآن ونتساءل: لماذا لم يتم اسقاط الديون عن صغار المزارعين في الوقت الذي تم اسقاط 75% من ديون كبار المقترضين علي حد تعبيرها؟ أما آمنة طنطاوي فليست بأحسن حال من فايزة وسكينة حيث إنها محكوم عليها بسنة حبس أيضا وتقول: اضطر لترك منزلي وبه 8 أطفال بمفردهم خوفا من أن يقبض علي رجال تنفيذ الأحكام وأنا لست وحدي في هذه الأزمة حيث إن نصف قرية المحاميد محكوم عليهم بأحكام بالسجن في قضايا مقامة من البنك ضد المقترضين وتضيف آمنة أن مازاد الطين بلة أن أختها قد توفيت وهي مدينة للبنك فصار التزاما عليها أن تقضي دينها. وفي نفس السياق أيضا تحكي رجاء الفرشوطي قصتها حيث توفي زوجها وكان قد اقترض باسمه مبلغ 10 آلاف جنيه للانفاق علي فدانين وبعد الفوائد المركبة والجدولة وصل المبلغ إلي 40 ألف جنيه وقد اضطررت لبيع فدان من الأرض للسداد ولكن لم أنته بعد وقد صدر ضدي حكم بالحبس، وأنا أبيت خارج بيتي خوفا من رجال تنفيذ الأحكام. المجتمع المدني صلاح مندور المدير التنفيذي لمركز أولاد الأرض احدي الجمعيات المهتمة بهذه القضية وأزماتها التي لا تنتتهي بين المزارعين وبنك التنمية والائتمان الزراعي يؤكد أن هذا البنك قد تحول من بنك أنشئ خصيصا لخدمة الفلاحين من خلال منحهم قروضا بفوائد صغيرة إلي سيف مسلط علي رقاب الفلاحين من خلال ما يفرضه من فوائد مركبة ويشير صلاح مندور إلي أن عدد القضايا المرفوعة من البنك ضد الفلاحين بعد عجزهم عن السداد وصل إلي 23 ألف جنيه.. في حين بلغ حجم الاقراض مليار جنيه ويوضح أنه بالاضافة إلي قرية المحاميد بقنا فهناك أكثر من 10 آلاف فلاح في الوادي الجديد تركوا أراضيهم واحتموا بالجبال بعد أن أصبحوا "مطاردين" من شرطة تنفيذ الأحكام.. وفي محافظة سوهاج هناك 1500 فلاح ينتظرهم نفس المصير. كما نجد هذه المشكلة أيضا في محافظات القليوبية والاسماعيلية حيث لم ينج مزارعو المانجو من مقصلة البنك.. وتطالب جمعية أولاد الأرض بتشكيل لجان لتقصي الحقائق لما يحدث في بنك التنمية وفروعه علي أن تعتمد علي المساءلة علي أصل الدين لكل مزارع وتقديم كل من يثبت عليه التلاعب من موظفي البنك إلي المحاكمة كما تطالب بجدولة ديون الفلاحين في مصر كلها والاعفاء من الفوائد وغرامات التأخير ووقف تنفيذ الاحكام وسحب كل القضايا حيث وصل عدد المتعثرين في السداد إلي 114 ألفاً و327 متعثراً علي مستوي الجمهورية وأغلبهم يعاني من تدهور لأوضاعه المعيشية. مجلس الشعب عبدالرحيم الغول وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس الشعب يؤكد أنه يقف قلبا وقالبا مع فلاحي قرية المحاميد من المتعثرين سواء رجالا أو نساء حيث أكد الغول أنه طالب وزير الزراعة بايقاف الدعاوي الجنائية ضدهم كما طالب وزير المالية بشراء مديونيات الفلاحين من خلال مبلغ ال300 مليار جنيه الخاصة بالتأمينات بدلا من الدخول بها في البورصة كما طالب بتقسيط ديون الفلاحين علي 15 سنة بفائدة 2%. أضاف الغول إن بنوك الأهلي والاسكندرية والقاهرة قد أعفوا بعض الممولين من 50% من ديونهم أي ما يعادل 25 مليار جنيه فلماذا لا يقوم بنك التنمية بذلك لخدمة صغار الفلاحين وهم أولي بهذا الاعفاء. وعن مدي استجابة الوزارات لهذه المطالب أكد الغول أنه في انتظار الرد وأن المفاوضات جارية مع الحكومة حاليا. رأي البنك توجهت "الاسبوعي" بالسؤال إلي حربي إبراهيم رئيس فرع بنك التنمية والائتمان الزراعي في محافظة قنا للرد علي ما جاء علي لسان أهالي المحاميد.. أن هؤلاء الفلاحين لديهم ما يكفي من المال للسداد أولا بأول حيث لديهم أموال أكثر عشر مرات مما قاموا باقتراضه من البنك علي حد قوله إلا أنهم لا يرغبون في سداد ديونهم فهؤلاء قد قاموا بالاقتراض وفي البداية سددوا ديونهم لمدة شهر أوشهرين علي الأكثر ثم توقفوا تماما عن السداد وعندما صدرت ضدهم أحكام ولجأوا إلي عقد مؤتمر عام لمناقشة مشاكلهم والتوصل إلي حل لها اقترحت عليهم السداد الفوري مع الغاء الفوائد أوجدولة الديون بفوائد 10% لكن لم يستجب أحد حيث رفضوا كل الحلول فهم لا يرغبون في السداد أصلاً ثم عاد حربي ليؤكد أنه يرغب بشدة في انهاء أزمة هؤلاء المتعثرين ويطالبهم بمقابلته والتوصل إلي حد حتي يتم ايقاف تنفيذ الأحكام لأن البنك لا يرغب في حبس أي عميل ولن يرتاح لذلك بل علي العكس الهدف هو ايجاد حلول ترضيهم مع رد الديون للبنك.