أحداث ساخنة وقضايا خطيرة تعيشها مصر حاليا، ولكن يبدو أن الحكومة وكبار المسئولين قد استفادوا من التجربة "البريطانية" وطبقوا "البرود الإنجليزي" وأصبحت ردود أفعالهم حول تلك الأحداث والقضايا.. هادئة لدرجة الاستفزاز. فمن قضية العبارة إلي أنفلونزا الطيور وبيع أرض التحرير وحتي قتل الأسري المصريين.. كانت التعليقات الرسمية.. أكثر من باردة. بل التصريحات الحكومية منتقاة وبعبارات تنم عن دبلوماسية رائعة لا تخلو من روح التسامح والدعوة للصبر. كما أننا لم نسمع تحذيرات رسمية شديدة اللهجة ولم نلمس إجراءات عقابية من الحكومة بعد تفشي السلع المغشوشة والملوثة في الأسواق، وآخرها لبن بودرة السيراميك، بل ولم تضبط حتي الآن سوق الحديد والأسمنت، وفضلت أن تعالج القضايا بمزيد من الحكمة والهدوء والصمت المريب. أرض التحرير * استجابت الحكومة للآراء المعارضة لبيع أرض التحرير بثمن بخس ومنها كاتب هذه السطور وأوقفت عملية البيع، وبررت ذلك بأشياء غير مفهومة في بيان غير شفاف لا يخلو من الكبرياء الحكومي، بدلاً من أن تعترف بالخطأ وترفع شعار الرجوع إلي الحق فضيلة، بعد أن كانت ستوافق علي بيع أرض أرخص من مثيلتها في باب الشعرية. ولا أوافق علي الاقتراح الخاص بتحويل تلك الأرض إلي حديقة عامة لأنها ستخدم آخرين. بل ممكن أن تخصص للمنفعة العامة ويبني عليها مجمع ثقافي شعبي يضم مكتبة وقاعة محاضرات ومسرحا وسينما وخلافه، خاصة انها بجوار المتحف المصري وقريبة من دار الأوبرا.. حتي يشعر المواطن العادي لأول مرة انه سيتمتع بأرض بلده، وبخدمات شبه مجانية، وبمزايا محروم منها دائما، بدلا من ان يستفيد غيره من علية القوم كالعادة بخيرات "البلد". أوسمة للأسري * بعد تفجر قضية أسري حرب 67 مرة أخري رفعت الحكومة شعار "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب" وجاءت ردود أفعالها حول تلك القضية باهتة جداً واتبعت طريقة بيروقراطية عتيقة في تعاملها مع تلك القضية وهي البحث والتأكد، وتشكيل لجنة للبت في هذا الموضوع، وكأن تلك القضية تتعلق بخناقة في حوش عيسي أو إعتداء علي سكان حكر أبو دومة. ليتنا نكرم هؤلاء الأسري ونعيد الاعتبار لهم خاصة من اغتالتهم أيدي الغدر التي لا تعرف مواثيق أو عهودا،ً لأنهم ضحايا نظام بائد ودفعوا ثمن أخطاء سياسية وخلافات مستترة بين "الزعيم" و"المشير"، واتمني أن تمنح أوسمة للأسري الذين قتلوا بل وحفروا قبورهم قبل أن يغتالوا، وصرف تعويضات أخري للأسري الأحياء وزيادة معاشهم، لأن حالهم لا يسر "عدواً" ولا حبيباً. الحديد البلاستيك * سألني صديقي الدكتور صلاح الحديدي أستاذ الأنف والأذن والحنجرة: لماذا لم يعلق أحد علي مقالة "بشاي" أحد كبار صناع الحديد في مصر حول التكلفة الحقيقية لطن الحديد والتي لا تزيد علي 2500 جنيه ويباع حاليا بأكثر من 3500؟ جنيه ولماذا حاربت الحكومة ما يعرف بالحديد البلاستيك؟ قلت له إن الحكومة تفهم جيدا ما يحدث لأنها حكومة ذكية ولكنها تحتاج بالفعل إلي تسليك لأذنيها حتي تسمع ما يقال في السوق من احتكار مقنن. [email protected]