تزايدت خلال الفترة الماضية أعداد البنوك التي تم طرحها للبيع وذلك في إطار برنامج الخصخصة وتقليص عدد البنوك العاملة في السوق وايجاد كيانات مصرفية قوية قادرة علي المنافسة والمعروف ان الخطوة الأولي للدخول في المنافسة علي شراء بنك معين هي الحصول علي موافقة من البنك المركزي لعمل الفحص الفني النافي للجهالة للبنك المقرر شراؤه وهو ما يتيح لعدد من البنوك الفرصة علي كل صغيرة وكبيرة في هذا البنك وهنا نجد من الضروري طرح عدد من التساؤلات حول مصير البيانات والمعلومات التي اطلعت عليها تلك البنوك التي تنسحب من الصفقة بعد ذلك، وهل اتفاق سرية البيانات يظل قائما حتي بعد الانتهاء من عملية البيع؟ ومن جانبهم كشف عدد من القيادات المصرفية عن أحقية أي بنك من البنوك التي أجرت الفحص النافي للجهالة في الانسحاب من الصفقة في أي وقت ودون إبداء أية أسباب. وقالوا إن اتفاق سرية البيانات يظل قائما أو ساريا حتي بعد الانتهاء من بيع البنك الذي تم فحصه من جانب بنوك أو مؤسسات مالية أخري، مؤكدين انه في حالة إفشاء هذه البيانات، فإن هناك تجريماً قانونياً وعقوبة يتم توقيعها علي البنك القائم بذلك. يؤكد نبيل الحكيم مستشار رئيس بنك بيريوس مصر انه من حق أي بنك من البنوك التي تقوم بعمل الفحص الفني النافي للجهالة لدي بنك آخر مطروح للبيع ان ينسحب من الصفقة وقتما تشاء وفي أي مرحلة من مراحل الشراء أو التفاوض. ويضيف انه عقب قيام البنك بعمل الفحص الفني النافي للجهالة المتعلق ببنك آخر، قد يكتشف بعض المشكلات التي تجعله يتراجع عن عملية الشراء ومنها كبر حجم الخصوم عن الأصول وزيادة حجم العجز الموجود في المخصصات أو معاناة البنك من مشكلة الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها. ويوضح الحكيم ان البنوك الراغبة في شراء بنوك أخري تقوم بإجراء هذا الفحص بهدف التعرف علي جميع نقاط القوة والضعف الموجودة بالكيان المصرفي التي ترغب في شرائه وبناء علي نتائج هذا الفحص والتقييم تتخذ هذه البنوك قرارها سواء بالانسحاب من الصفقة أو بالتقدم بالعرض المالي للشراء. وحول مصير البيانات والمعلومات التي قام البنك الفاحص بالإطلاع عليها، يذكر الحكيم ان أي مؤسسة مالية ترغب في شراء حصة ببنك آخر مصري، تتقدم مباشرة إلي البنك المركزي الذي له الحق في الرفض أو الموافقة علي قيام هذا البنك الراغب في الشراء بإجراء الفحص الفني النافي للجهالة، حيث يقوم البنك الفاحص بالتوقيع علي اتفاق سرية البيانات والمعلومات. ويضيف الحكيم ان اتفاق سرية البيانات ليس له مدة محددة ولكنه اتفاق عام ينص علي ضرورة التزام البنك القائم بفحص بنك آخر والاطلاع علي بياناته وأسراره بالحفاظ عليها وعدم إفشائها لأي طرف آخر مهما كانت الأسباب وذلك لأن هناك قوانين واعرافاً مصرفية متعارفاً عليها تمنع حدوث ذلك. ويستطرد قائلاً: إن اتفاق سرية البيانات يظل قائما حتي بعد الانتهاء من بيع البنك الذي تم فحصه من جانب بنوك أو مؤسسات مالية أخري، مؤكداً انه في حالة القيام بإفشاء هذه البيانات والمعلومات، فإن هناك تجريماً قانونياً وعقوبة يتم توقيعها علي البنك الذي يفعل ذلك. ويذكر الحكيم انه لم يحدث من قبل ان قام بنك بإفشاء أسرار وبيانات أحد البنوك الأخري التي تم فحصها أثناء عرضها للبيع لأن البنك الفاحص يُوقع في البداية علي اتفاق يضمن سرية هذه المعلومات وفي حالة الإخلال بشروطه فإنه يعرض نفسه للعقوبة. ومن جانبه يوضح الدكتور رشدي صالح الباحث المصرفي ومدير إدارة المراجعة الداخلية والالتزام بالمصرف العربي الدولي بالإسكندرية ان البنك الراغب في شراء أحد البنوك المطروحة للبيع، عادة ما يتقدم أولا بطلب إلي البنك المركزي للسماح له علي عمل الفحص الفني النافي للجهالة، تمهيدا للتقدم بالعرضين الفني والمالي لشراء البنك المطروح للبيع. ويضيف قائلاً: إنه في حالات كثيرة ينسحب بنك أو أكثر من الصفقة بعد عمل الفحص الفني النافي للجهالة للبنك المراد بيعه، خاصة إذا وجدوا ان المركز المالي للبنك وحجم أصوله ومخصصاته لا يتناسب مع مواصفات الكيان المصرفي الذي يسعون إلي شرائه، في ظل وجود أكثر من بنك مطروح للبيع. ويؤكد د. صالح ان موافقة البنك المركزي لأي بنك لعمل الفحص الفني النافي للجهالة لمؤسسة مالية أخري تعمل في السوق، عادة ما تكون مشروطة، حيث يقوم البنك الراغب في الشراء بالتوقيع علي عدة شروط وضمانات للحفاظ علي البيانات والمعلومات التي يتم إطلاعه عليها. ويستطرد قائلاً: وبالتالي فالمعلومات التي يطلع عليها البنك القائم بالفحص لا يمكن انشاؤها مطلقا وذلك لأن العمل المصرفي محكوم بقواعد ولوائح دولية، ومن ثم إذا تم الكشف عن أية بيانات تتعلق بالبنك المطروح للبيع فإن البنك الفاحص يتعرض للمساءلة الدولية من جانب بنك التسويات الدولية، لأنه أخل ببنود اتفاق ضمان سرية البيانات والمعلومات الذي وقع عليه منذ البداية.