وسط حضور مكثف للنواب المستقلين وغياب تام لأعضاء الحزب الوطني، اشتعلت قضية أسعار الأسمنت والحديد في جلسة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب مساء أمس الأول برئاسة د.مصطفي السعيد اتهم النواب الحكومة بالفشل في السيطرة علي الأسعار، وازداد موقف النواب صلابة، عندما اعترف كمال بشاي العضو المنتدب لمجموعة بشاي للصلب بأنه يوجد بالفعل احتكار للحديد في السوق وأن سعر طن الحديد من مصنع الدخيلة - يجب الا يتجاوز بأي حال من الأحوال 2500 جنيه لأنه تكلفته لا تتجاوز 2300 جنيه ورغم تدخل مصطفي السلاب وكيل اللجنة اكثر من مرة لتهدئة الموقف، وتأكيده علي أنه لا يجب أن يؤخذ كلام المهندس كمال بشاي علي أنه حقائق دامغة باعتباره منافسا لشركة "العز" لحديد التسليح، إلا أن الجميع كانوا علي قناعة بأن الأسعار مرتفعة. وكان النائب سعد الحسيني قد شن هجوماً عنيفاً علي شركات الاسمنت في بداية الجلسة، مشيراً إلي أن تكلفة طن الاسمنت تتراوح بين 85 إلي 115 جنيها في حين يتم بيعه في الأسواق بسعر 350 جنيها وهو ما يعني ان ارباح الشركات تتجاوز 60% وهي جريمة صريحة شاركت فيها الحكومة، عندما باعت شركات الأسمنت للأجانب ليحكموا سيطرتهم علي السوق. وتدخل مصطفي السعيد قائلا: "لنترك جانب الملكية ونركز علي ما اذا كان هناك احتكار في الأسمنت أم لا. واتهم النائب محمد العادلي الحكومة بالتواطؤ مع رجال الأعمال، مشيراً إلي أن القوانين الموجودة تحمي المحتكرين وليس المستهلكين وطالب بزيادة رسوم التصدير علي الحديد والأسمنت المصدر للخارج في حين اكد مصطفي بكري انه لا يمكن فصل الملكية عما آلت إليه الأمور، لأنه لو كان لدي الحكومة برنامج ورؤية لما باعت شركات الأسمنت للأجانب، وقال ان هناك احتكاراً من جانب الشركات التي تتمتع بدعم الغاز والكهرباء والأيدي العاملة الرخيصة، والمواد الخام الموجودة في مصر. وفيما يخص الحديد اكد بكري أن أحمد عز لديه مصنع يستحوذ علي 60% من انتاج البليت في مصر، وهو يمثل احتكاراً، ولابد من اعادة ترتيب الأمور، وتدخل الدولة لالزام مصانع الأسمنت والحديد بأسعار معقولة باعتبار ان الصناعتين لهما بعد استراتيجي. وقال النائب يسري بيومي إن الزواج بين السلطة والمال أخطر شيء، واضاف ان شركات العز تستحوذ علي 65% من سوق الحديد في مصر. أما النائب محمد كسبة فقال ان الشعب المصري يسرق يوميا لصالح مجموعة من المستفيدين، وأشار محمد خليل قويطة إلي أن سعر البيع العادل لطن الأسمنت 60 جنيها وبذلك يكون معدل الربح 15%. وتساءل النائب محمد فكري عن أسباب أقدام شركات الاسمنت علي العمل في مصر، مؤكداً أن البلاد أصبحت مرتعاًَ للبيئة الملوثة، حيث تقوم الشركات بانشاء مصانع في مصر والتصدير لبلدانها مرة أخري، وقال ان هناك قوي كبيرة فوق القانون والنظام تمارس الاحتكار. واعترف المهندس فاروق مصطفي رئيس شركة اسمنت بني سويف بأن الأجانب يستحوذون علي 82% من سوق الأسمنت في مصر، في حين تستحوذ 3 شركات وطنية هي بني سويف وقنا وسيناء علي 11% والشركة القومية (قطاع عام) علي 7%. واضاف ان الانتاج الاجمالي في مصر يقدر بحوالي 40 مليون طن ويتم تصدير 9 اطنان سنويا للخارج والباقي للسوق المحلي. وأوضح المهندس فاروق مصطفي ان تكلفة الطن في المتوسط تقدر بحوالي 150 جنيهاً، وهي التكلفة المباشرة، أما التكلفة الاجمالية فتصل إلي 250 جنيها. واعترض مصطفي السعيد علي هذه الأرقام، وقال ان التكلفة أقل من ذلك بكثير، واكد السعيد ان الذي يحصل علي الأرباح الموزعون وليس الشركات في أغلب الأحوال وشرح السعيد ان صناعة الاسمنت تخضع لنظام "الكارتل" العالمي الذي يحدد الأسعار، وبالتالي تقوم الشركات الوطنية بتحديد أسعارها وفقاً للأسعار العالمية بغض النظر عن التكلفة، ومن الصعب علي الحكومة ان تجبر الشركات علي البيع بأسعار محدودة ولكن الحل في هذه الحالة هو فرض رسوم وضرائب علي التصدير وكذلك البيع المحلي لمواجهة الكارتل العالمي. واقترح كمال بشاي ان تسمح الدولة بإنشاء مصانع للحديد الاسفنجي، وان يسمح للمصانع التي تستورد البليت من الخارج بالتصدير، وألا تحصل علي دعم من الدولة. وأن تقدم شركات الدخيلة باعتبارها شركة وطنية أسعاراً معقولة للسوق المحلي والاسكان الاقتصادي الذي يقدر حجمه بحوالي مليون طن، وأشار إلي أن المشكلة الاساسية هي ممارسات شركات الدخيلة التي تبيع الحديد الاسفنجي لشركة العز للحديد المسطح في السويس بمزايدات صورية، وأيد سيد أبو القمصان مستشار وزير التجارة والصناعة وانشاء مصانع حديد اسفنجي جديد، واتهم الوكلاء والموزعين بالتلاعب في الأسعار وتوقع أبو القمصان ان تعود أسعار الاسمنت لطبيعتها بحلول عام ،2008 وأكد أبو القمصان انه تم احالة قضيتين للاحتكار إلي الجهاز المخصص للتحقيق والوصول للنتائج.