علي الرغم من أن السوق المصري شهد نشاطا قياسيا خلال تعاملات شهر فبراير لم يحققه منذ فترة طويلة إلا أن كثيرا من المتابعين والخبراء أكدوا علي أن مشتريات الأجانب كانت هي العامل الرئيسي في انتشال السوق من تراجعه خاصة وأنها انقذته في أكثر من مرة خلال الشهر المنقضي ففي الوقت الذي كانت فيه مبيعات المصريين والعرب تتزايد بشكل ملحوظ يوما تلو الآخر كانت مشتريات الأجانب تقف وكأنها دعامة قوية تنتشل السوق من سقوط محقق. مشتريات الأجانب التي بلغت نحو 13 مليار جنيه خلال شهر فبراير الماضي كان لها دور فعال في أداء السوق المصري طيلة الشهر الماضي وحتي هذه الأيام فما اتخذه السوق من اتجاه صعودي خلال تعاملات الشهر ليسجل أعلي مستوياته علي مدار الاثني عشر شهراً السابقة تقريبا متجاوزا حاجز 7000 نقطة ومغلقا عند مستوي 7165 نقطة في نهاية تعاملات شهر فبراير كان العامل الرئيسي به ارتفاع ملحوظ في استثمارات الأجانب التي سجلت صافي تدفقات تقدر بنحو 1.3 مليار جنيه. صفقات الأجانب سامي البنا رئيس فرع دمياط لشركة تداول للأوراق المالية يؤكد أن السوق المصري اختتم الشهر علي نمو يزيد علي 11% إلا أن التراجع الحاد الذي أصاب الاسواق الأوروبية والسوق الأمريكي خاصة الذي سجل أكبر خسائره منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بسبب تخوفات قوية من بيانات أداء الاقتصاد الأمريكي والصيني دفع السوق المصري للتراجع في آخر جلسات شهر فبراير ليغلق الشهر علي نمو قدره 7.3% مقارنة بنهاية شهر يناير. وأضاف البنا أن ما نفذه المستثمرون الأجانب طوال الفترة الماضية من مشتريات فاق ال13 مليار جنيه غطي علي مبيعات المصريين والعرب مؤكدا أن دخول الأجانب في أكثر من صفقة دعم اداء السوق وساعده علي تخطي شهر فبراير الذي كان يمثل "بعبعا" أمام المستثمرين. ويشير البنا إلي أن السوق المصري تعرض خلال الفترة الماضية إلي حالات هبوط عديدة في بداية الجلسات وجاءت مشتريات الاجانب في منتصف تلك الجلسات لتنقذ السوق من السقوط أكثر من مرة خاصة وأنها لا تقل طوال الشهر الماضي عن 15% في كل يوم. ولفت البنا إلي أن مشتريات الاجانب تمثلت في بعض الصفقات الشرائية بالسوق كصفقة آسيك للتعدين التي تم تنفيذها منتصف الشهر موضحا أن هناك توجها واضحا من أولئك الأجانب في الاقبال علي السوق المصري تحديدا في الفترة الحالية علي عكس توجه العرب الذين اتبعوا استراتيجية البيع طوال المدة المنقضية واتجهوا إلي المضاربة في سوق البترول علي اعتبار أنه أكثر أمانا لهم من البورصات وهو ما قال عنه البنا إنه كان سببا في تراجع بورصات المنطقة الخليجية خلال الشهر الماضي. التعاملات السريعة وعلي جانب آخر يؤكد محمد سعيد رئيس مجلس إدارة المجموعة الاقتصادية لتداول الأوراق المالية أن تحركات الأجانب دعمت حقا أداء السوق خاصة وأنهم سجلوا مشتريات قوية طيلة الفترة الماضية مقابل مبيعات مكثفة للعرب والمصريين. ويعود محمد سعيد ليؤكد أن مشتريات الأجانب تركزت علي أسهم منتقاة بالسوق كالمجموعة المالية هيرمس القابضة التي نشطت مع مشترياتهم وكذلك أسهم أوراسكوم للإنشاء والصناعة التي أعلنت عن صفقة إنشاء مصنع لها بالسعودية فضلا عن مشترياتهم المكثفة علي أسهم دولارية مختلفة كالقابضة المصرية الكويتية والبنك المصري الخليجي والعرفة للاستثمارات المالية. وينوه محمد سعيد إلي أن الاجانب من هواة التعاملات اليومية السريعة (Same day trading) خاصة وأن محافظهم المالية كبيرة وتساعدهم علي تحقيق مكاسب كبيرة في خلال تلك التعاملات السريعة غير أنهم يسيرون في السوق المصري وفق ما يسمي بالاستثمار الاكاديمي والذي يركز علي سهم منتقي بين كل قطاع كما حدث في مشترياتهم علي سهم أسمنت قنا داخل قطاع الاسمنت وسهم المصرية للمنتجعات السياحية داخل قطاع السياحة. قوة الأجانب الشرائية أما محمد بهاء النجار المحلل الفني بشركة المروي لتداول الأوراق المالية قال إن المؤشر المصري تحرك صعودا خلال الشهر الماضي وتخطي نقاط دعم وتجاوز نقطة7400 واقترب أيضا من نقطة 7500 غير أنه لم يستطع نظرا لأنها نقطة مقاومة قوية. ويشير النجار إلي أن سبب عدم تخطي السوق لنقطة المقاومة هو جني الأرباح الكبيرة الذي نفذه المستثمرون الأجانب علي أسهم السوق المصري وهو ما يعني أن مشترياتهم كان لها اثر كبير في أداء مؤشر السوق وكذلك مبيعاتهم ومن ثم فإن المستثمرين الأجانب والذين يمثلون ما يقرب من 26% من متعاملي البورصة المصرية لهم دور كبير وفعال في تحرك مؤشرات السوق صعودا كان أو هبوطا. ويضيف النجار أن حقا تعاملات العرب كانت في فترة من الفترات هي الأكثر نشاطا وهي محركة السوق المصري غير أن الحالة النفسية لهم والتي تتزامن مع تراجعات العام المنقضي جعلت هناك توجها بيعيا واضحا منهم وتخوفا في الشراء وهو ما أعطي الفرصة كاملة للأجانب في قيادة السوق المصري مع العلم بأن تعاملات المصريين خاصة الأفراد يعتبر جزءا كبيرا منها مضاربة سريعة وتخوفية في نفس الوقت. دور العرب والمصريين وحسب رأي عصام مصطفي خبير أسواق المال فإن مشتريات الأجانب لها دور كبير في أداء كل أسواق المنطقة العربية غير أنه يستبعد أن تكون هي السبب وراء انقاذ السوق من السقوط مستبعدا أيضا أن يتعرض السوق للسقوط أو احتمالية تعرضه أيضا للتراجع في الفترة الماضية مشيرا إلي أن ما حدث كان جنيا للارباح من جانب كل المستثمرين ومن ثم جاء تراجع السوق نهاية الشهر وتحديدا خلال جلسة الاربعاء الماضي. ويضيف عصام مصطفي أنه بدون أدني شك فللمتعاملين الاجانب قدرة علي تحريك السوق لكن معاملات المصريين والذين يمثلون ما يزيد علي 60% من السوق لها الدور الأكبر. ويقول عصام مصطفي إنه لكي نكون أكثر عدلا فإن الشهر الماضي شهد مشتريات مكثفة حقا من الأجانب غير أن مشتريات المصريين كانت كبيرة ومكثفة وساعدت أيضا في تخطي السوق عقبته التراجعية ودعمت أداء المؤشرات وانقذته من الهبوط كما حدث في البورصات العالمية. وينوه عصام مصطفي إلي أن هناك خطوة تعكس التزام وزارة الاستثمار بتنشيط ودعم سوق الأوراق المالية وهي الإعلان عن بدء تلقي عروض تنفيذ طرح حصة 15% من بنك الاسكندرية للعامة في البورصة بالاضافة إلي 5% للعاملين في البنك مشيرا إلي أن هذه الخطوة ساعدت في اقبال الاجانب علي السوق المصري وجعلته يتخطي محنة السقوط التي كادت أن تصدمه خلال تعاملات آخر اسبوع بالشهر الماضي. وخلال شهر فبراير 2007 استحواذ الافراد علي 60% من المعاملات في البورصة وكانت باقي المعاملات من نصيب المؤسسات جاءت تعاملات المصريين خلال شهر فبراير 2007 بنسبة 68% من إجمالي تعاملات السوق وكانت نسبة الأجانب 32% وقد سجل الأجانب صافي شراء بقيمة 1.3 مليار جنيه.