كنت أطمع في هبّة الشعوب العربية والاسلامية ضد الاعتداءات الاسرائيلية علي المسجد الاقصي، هبّة قوية ايضا من الحكومات، ولم لا، خاصة ان الاقصي ليس مجال خلاف او نزاع علي ملكيته بين دولنا.. ربما لم نأخذ تحذيرات الاثريين من اساتذة جامعاتنا الغيورين علي حضارتنا ومقدساتنا مأخذ الجد عندما قالوا ان بعض الحكام متواطئون مع اسرائيل، ويعرفون ان الحل النهائي في مفاوضات السلام كان يدور حول منح السيطرة لاسرائيل علي المسجد الاقصي، واعطاء الفلسطينيين قبة الصخرة، وان كل الصور التي يتم تسويقها في وسائل الاعلام العالمية، بما في ذلك العربية والإسلامية، هي لقبة الصخرة، ويؤكد الاثريون العرب ان هناك تعمدا لهذا الخلط، ولطمس الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون منا. كنت أطمع في تحرك مشابه لذلك الذي انفجر في وجه حركة طالبان في افغانستان عندما اقدمت علي تدمير تماثيل بوذا، حيث قامت الاممالمتحدة والهيئات التابعة لها لاسيما اليونسكو بشن حملة لإنقاذ التماثيل.. واستعانت بعلماء المسلمين، وعلي رأسهم شيخ الازهر، الذي توجه علي الفور لانقاذ بوذا ضمن وفد من الشيوخ، الذين لم نسمع صوتهم والاقصي يحتضر تحت وطأة الآلة العسكرية الاسرائيلية. إن المجتمع الدولي يراقب في برود ما يجري من تغيير لمعالم جغرافيا الاقصي، وتنفيذ لمخططات العدو بمحو آثار حضارتنا، ولم يحرك ساكنا والبارات والبازارات، والكنيس اليهودي يلتهم أرض ساحة الأقصي. إن المعجزة لن تنزل من السماء لتنقذ تاريخنا ومقوماتنا الدينية وانما نصنعها بأيدينا وبجهودنا. لكن يبدو أننا سمحنا لانفسنا بالتعود علي الاشياء.. علي كل ما يؤكد انتهاكات لآدميتنا ومقوماتنا وذاكرتنا وأخطر الامور علي عقولنا: "التعود"! اخطر ما تم الكشف عنه هو أننا لا نملك وثائق القدس، بل هي بين أيدي بني صهيون، ولا أدري ماذا نفعل بأي ذرة علم نملكها، ونحن ندمن الصمت؟! لماذا لا تتحرك الجامعة العربية لاستعادة تلك الوثائق، وأين منظمة المؤتمر الإسلامي، وماذا تفعل جامعاتنا ومراكزها المختصة بالآثار والحفاظ علي التراث، وإذا سلمنا بأن الحكومات والحكام ليست القدس في أولوياتهم، أين النخب المثقفة، أين القانونيون، أين رجال الدين، ومنظمات المجتمع المدني؟ لقد طالعت نداء عالميا موجودا علي موقع اللجنة اليهودية الامريكية، بامضاء الحاخام الامريكي اندرو بيكر وهو مسئول العلاقات الدولية باللجنة، يدعو الي جمع التبرعات لاتمام ترميم ما يدعيه من آثار يهودية في مصر لاقامة متحف لها في مصر أو في أي دولة أخري مستعدة لاستضافته. إن الحركة الصهيونية لن تقتصر علي فلسطين، ولن تسلب العرب والمسلمين المسجد الاقصي وتكتفي بذلك، بل هي تتقدم علي ارض الواقع بمشاريعها في كل اتجاه.. أما نحن.. فصمتنا مخجل! سمعة عالمية! قالت الفاينانشال تايمز ان هناك حادثة طريق تقع في مصر كل 6 ساعات، وأضافت الصحيفة ان مصر واحدة من أعلي دول العالم في حوادث الطرق.. وتقاس مؤشراتها بعدد الحوادث في الميل الواحد. وتشير احصاءات الهيئة العامة للطرق والكباري الي ان العام الماضي 2006 شهد مقتل 1210 بحوادث الطرق بينما بلغ عدد الجرحي 7026 بزيادة علي العام الذي سبقه حيث بلغ عدد من لقوا مصرعهم 1174، وعدد الجرحي 6733. وعندما سألت مسئولا في الهيئة عما اذا كانت تلك الاحصاءات قد أزعجت الحكومة والوزارات المعنية فبادرت باتخاذ اجراءات او بحث السبل للتصدي لها لتقليل الحوادث.. رد بأن الحقيقة اكثر ازعاجا مما تعكسه الاحصاءات حيث ان عدد من لقوا مصرعهم هو اكثر من الرقم المعلن، الذي قد يصل الي عدة أضعافه نظرا لان الوفيات تسجل للذين يموتون مباشرة في مكان الحادث. وهكذا فان مصر اصبحت لها سمعة عالمية في نزيف الاسفلت، ونتمني ان يخفض قانون المرور الجديد من حدة هذه المشكلة، وألا يكون أداة لزيادة حصيلة المخالفات فقط، لأن خسائر حوادث الطرق نزيف كبير لخزينة الدولة أيضا غير خسائر الارواح. "دم" الجماعة أطلقت العديد من الهيئات والوزارات والجامعات ومنظمات المجتمع المدني حملات للتبرع بالدم، بعد التأثير السيئ لأزمة هايدلينا علي بنوك الدم.. وكانت تلك المبادرات سلوكا محمودا، نتمني ان يتعاظم دوره دائما وليس في الازمات فقط، غير ان ما لفت الأنظار ان حملات قادتها جماعة الاخوان المسلمين ممثلة في أعضاء منها بمجلس الشعب اشتكت من المضايقات، ومن ان قوافلهم منعت.. والتفسير الوحيد الذي يبرر هذا المنع ان دم "الجماعة" لا ينفع المتبرع لانه يحمل فيروسات، اخطرها افكار الاخوان التي تسري في الدم فتصبح معدية!