محمد نصر الحويطي يبدو أن أشباح شركات توظيف الأموال بدأت تصحو وتتلاعب في الخفاء من جديد، فخلال الأيام القليلة الماضية أثيرت من جديد قضية توظيف الأموال تلك التي مثلت كارثة حقيقية في حياة العديد من الأسر المصرية الذين لم تلتئم جراحهم حتي الآن، الكارثة هذه المرة عادت في شكل فردي أو بمعني أكثر وضوحا عادت علي هيئة اشخاص يستقبلون أموال المودعين ويغرونهم بالعوائد المالية الكبيرة والسريعة في الوقت نفسه ويدعون انهم يستثمرون الأموال في مجالات متنوعة من بينها تقسيم الأراضي وكروت التليفون المحمول وأشياء أخري تدر ما يزيد علي 40% ارباحا للمودعين. ويري الخبراء أن هذه الظاهرة تدعمها بعض السياسات النقدية مثل خفض الفوائد علي الإيداع إلي نحو 7% رغم وصولها علي الاقراض إلي ما يزيد علي 14% وكذلك بعض الظواهر الأخري مثل ما تشهده البورصة المصرية من ترد واضح خلال الفترة الحالية وهو ما جعل المواطنين يلجأون مجبرين إلي العودة إلي استثمار أموالهم في مجال آخر يدر لهم ارباحا معقولة يطمئنون من خلالها علي مستقبل ابنائهم أو كما يسمونها "تحويشة العمر" تلك التي تعينهم في شدتهم. الكلام حول جمع الأموال من المودعين ثم استغلالها في شراء كروت الهواتف المحمولة من شركات المحمول الكبري وبيعها بعد ذلك بأسعار السوق.. غير ان هذا لن يحقق الربح الذي يفوق ال 40% في الشهر الواحد.. كما ان مثل هذه العمليات التجارية من المستحيل أن يصل الاستثمار فيها إلي ملايين الجنيهات. الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار خرج ليرد علي تلك الإشاعات وحذر من خطورة عودة ظاهرة شركات توظيف الأموال إلي السوق المصرية قائلاً: إن معلومات مؤكدة قد تجمعت لدي الأجهزة المصرية المعنية أفادت تورط شركتين تجاريتين في هذا الأمر مؤخرا، وأن من قاموا بجمع الأموال بطرق غير مشروعة مؤخرا استخدموها في المضاربة في البورصة، مضيفا انه ليس هناك ما يدعو إلي الفزع لكن من الأهمية ان نعمل علي ألا تتكرر أحداث الفترة من 85 1988 مرة أخري. وقال محيي الدين: تلك الفترة الماضية ظهر فيها عدد من شركات التوظيف يتراوح بين 105 و400 شركة بين كبيرة وصغيرة تلقت من المال ما نسبته 20% من ودائع الجهاز المصرفي وتسببت في خراب عشرات الآلاف من الأسر. أما الدكتور زكريا عزمي عضو مجلس الشعب فقد خرج هو الآخر ليحذر الحكومة من عودة ظاهرة "توظيف الأموال" مرة أخري.. ووصف هذه الظاهرة بأنها عملية نصب كبري لم يسدل الستار عنها بعد ولم يأخذ المودعون حقوقهم منذ عقود. وتساءل في بيان عاجل في جلسة مجلس الشعب عن السبب في عودة هذه الظاهرة؟ وهل هو طمع المواطن بسبب الفائدة العالية التي تمنحها هذه الشركات؟.. وقال: لماذا لا ترفع الحكومة سعر الفائدة علي الإيداعات لتشجيع الناس علي إيداع أموالها في البنوك.. وللأسف الشديد لم يجبه أحد!! البنوك والظاهرة وينفي حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي القول إن السياسة النقدية هي السبب وراء عودة الظاهرة مجددا قائلاً: إن السياسة النقدية لمصر تسير وفق استراتيجية موضوعة مسبقا ولم يحدث ان خفضت البنوك الفوائد علي الإيداع أو الاقراض من ذاتها فهناك أوامر مسبقة من البنك المركزي بتثبيت الفوائد أو تخفيضها. ويشير رئيس البنك الأهلي إلي ان الفوائد علي الإيداع في مصر ليست ضعيفة كما يري البعض لكنها تبدو متوازنة علي عكس ما يحدث في بعض البلدان الأخري حيث انه لا توجد فروق كبيرة بين الفائدة علي الإيداع والاقراض في مصر، مدللا علي قوله بأن الفائدة علي الإيداع تتراوح ما بين 7% و8% أما الفائدة علي الاقراض فتصل في بعض البنوك التجارية إلي 12% ولكل بنك سياسته النقدية في هذا الإطار. ويعود حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي ليؤكد ان عودة ظاهرة توظيف الأموال من جديد تأتي فعلا نتيجة انخفاض الفائدة علي الإيداع في البنوك وكذلك قد تكون نتاجاً طبيعياً للتدهور الذي يحدث في البورصة المصرية لكنه ليس من الطبيعي ان يلقي الفرد بأمواله في الهواء، بمعني أن الأموال في البنوك قد تكون أكثر أمانا ولكن البورصة لها استراتيجيتها الخاصة، أما قصة العودة إلي توظيف الأموال فهذا ما يعتبر استغناء من الفرد عن أمواله. أما إسماعيل حسن رئيس بنك مصر إيران السابق فيرفض اتهامات البعض بأن تراجع فوائد الإيداع علي البنوك قد تمثل أهم أسباب عودة ظاهرة توظيف الأموال قائلاً: إن الفوائد علي الإيداع لم تتراجع كثيرا كما يظن البعض فهي تتراوح ما بين 6 و7% غير انه أكد علي انها سياسة نقدية متبعة في العديد من دول العالم فضلا عن ان الفائدة في مصر لا تختلف كثيرا عن البلدان الأخري. ويعود إسماعيل حسن ليؤكد ان هناك سياسة نقدية متبعة يقرها البنك المركزي وتسير علي خطاها باقي البنوك وحتي التجارية منها، مشيرا إلي ان السبب في عودة هذه الظاهرة هو طمع المواطن في تحقيق ربح سريع ومتنامٍ، فليس من المنطق ان يلقي شخص أمواله